أكد خبراء اقتصاديون، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن العلاقات بين دولة قطر ودول الاتحاد الأوروبي تشكل نموذجا بارزا ومثالا يحتذى في الشراكة والتعاون الاستراتيجي على مختلف الأصعدة، لا سيما في مجالات الطاقة والتنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، اعتبر الدكتور عبدالله الخاطر الخبير الاقتصادي أن أهمية القمة الأولى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي تكمن في الملفات الهامة المقرر التباحث بشأنها، وأبرزها ملفات الطاقة ومستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن العديد من الموضوعات الخاصة بالاقتصاد والاستثمار والتجارة والموانئ وغيرها من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
استثمارات ضخمة
وأضاف الخاطر، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ترتكز على اقتصاديات متينة قوامها النفط والغاز والتجارة، منوها بحجم الاستثمارات الضخمة في تلك الدول، فضلا عن الموقع الجغرافي الذي تتميز به، ما يجعل الاتحاد الأوروبي في حاجة إلى تعزيز التعاون مع هذه المنطقة الحيوية الهامة، خاصة بعد تزايد الحاجة لتأمين إمداد واردات الطاقة.
وتوقع الخبير الاقتصادي أن تلعب دولة قطر دورا مركزيا في القمة الخليجية الأوروبية، وذلك نظرا لعلاقاتها القوية واتساع حجم تجارتها مع معظم دول الاتحاد الأوروبي التي بلغت في مجملها 76.91 مليار ريال في العام الماضي، لا سيما في ظل تزايد حجم صادرات الغاز القطرية إلى الدول الأوروبية في الفترة الأخيرة، علاوة على الدور الفاعل لدولة قطر فيما يتعلق بجهود الوساطة وفض النزاعات بالطرق السلمية في المنطقة والعالم.
نموذج للتعاون
وقال الدكتور عبدالله الخاطر، في تصريحاته لـ "قنا"، إن قطر تعد "دولة مفتاحية" للدول العربية ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في التواصل مع الدول الأوروبية، مضيفا أن الشراكة بين دولة قطر ودول الاتحاد الأوروبي تشكل نموذجا بارزا للتعاون الاستراتيجي في مجالات الطاقة والتنمية المستدامة.
وأشار إلى أن قطاع الطاقة يلعب دورا محوريا في تعزيز الروابط بين دولة قطر والدول الأوروبية، ويدفع وتيرة التعاون المثمر الذي يشكل ركيزة أساسية لتبادل المنافع الاقتصادية والاستراتيجية، ما يسهم في تعزيز الأمن الطاقي لدول الاتحاد الأوروبي من جهة، ويدعم مكانة دولة قطر كأحد أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم من جهة أخرى، الأمر الذي يفتح آفاقا جديدة للشراكة المستدامة والتنمية المتبادلة.
من جانبه، أكد الدكتور خالد الكواري المحلل الاقتصادي أن القمة الأولى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي المقرر عقدها في مقر الاتحاد بالعاصمة البلجيكية بروكسل، تكتسب زخما كبيرا، نظرا لعمق العلاقات الثنائية بين دولة قطر ودول الاتحاد الأوروبي من جانب وعلاقات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول الأوروبية من جانب آخر.
الارتقاء بالعلاقات
وتوقع الكواري، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن تسهم تلك القمة في الارتقاء بالعلاقات بين دول مجلس التعاون والدول الأوروبية إلى آفاق أرحب، وأن تعزز قاعدة المصالح المشتركة وتفتح آفاقا جديدة للتعاون والتنسيق المشترك على كافة الأصعدة.
ونوه المحلل الاقتصادي بالدور الحيوي والهام الذي تلعبه دولة قطر في تأمين مصادر إمدادات الطاقة لمختلف دول العالم بشكل عام ولدول الاتحاد الأوروبي خاصة، فضلا عن دورها البارز في جهود الوساطة وحل النزاعات بالطرق السلمية في المنطقة والعالم، ما يسهم في تعزيز الأمن والسلم الدوليين.
وأكد الدكتور خالد الكواري، في تصريحاته لـ "قنا"، الأهمية الكبيرة للشراكة بين دولة قطر ودول الاتحاد الأوروبي في قطاع الطاقة والطاقة النظيفة والاستثمارات الاستراتيجية بين الجانبين، ما ينعكس على نمو اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي، وكذلك على الاقتصاد الوطني الساعي إلى تنويع صادراته.
حجم التبادل التجاري
وبحسب بيانات المجلس الوطني للتخطيط، فإن حجم التبادل التجاري بين دولة قطر ودول الاتحاد الأوروبي بلغ 76.91 مليار ريال في العام 2023، حيث بلغ إجمالي صادرات قطر "الصادرات المحلية وإعادة التصدير" حوالي 45.198 مليار ريال، بينما بلغ إجمالي واردات قطر نحو 31.712 مليار ريال، فيما سجل فائض الميزان التجاري مستوى 13.485 مليار ريال.
ووفقا لبيانات المجلس الوطني للتخطيط، التي حصلت عليها وكالة الأنباء القطرية "قنا"، فإن صادرات دولة قطر إلى دول الاتحاد الأوروبي تركزت حول زيوت نفط وزيوت مواد معدنية قارية خام، وزيوت متحصل عليها من مواد معدنية قارية غير خام وغيرها، بينما تمحورت واردات دولة قطر من دول الاتحاد الأوروبي في عنفات نفاثة ودافعة وأدوية وسيارات مصممة لنقل الأشخاص وخامات حديد ومركزاتها ومواسير وأنابيب ومضخات هوائية ومضخات تفريغ هواء وحلي ومجوهرات ومنتجات وسلع أخرى.
وباشرت اللجان المشتركة التحضيرات للقمة الخليجية - الأوروبية لقادة دول مجلس التعاون ودول الاتحاد الأوروبي، حيث تأتي القمة تتويجا للعلاقات المتميزة بين الطرفين، وتعزيزها بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة.
برنامج عمل مشترك
وفي السياق نفسه، عقدت لجنة التعاون المشترك بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي اجتماعها الثاني والثلاثين في سبتمبر الماضي بالعاصمة السعودية الرياض، حيث ناقش الاجتماع ملفات التعاون بين الجانبين، وما توصلت إليه الفرق الفنية من مخرجات، تمهيدا لعرضها على المجلس الخليجي - الأوروبي المشترك وعلى القمة الخليجية - الأوروبية، كما تم مناقشة الفعاليات المزمع إقامتها لتفعيل المجالات المختلفة في برنامج العمل المشترك، بما في ذلك التجارة والاستثمار والطاقة والتغير المناخي والتحول الأخضر والتحول الرقمي والتعليم والبحث العلمي والمساعدات الإنسانية والتنموية والتأهب للكوارث.
كما استضافت دولة قطر في سبتمبر الماضي أعمال الحوار الاقتصادي الثالث عشر بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي، الذي ناقش أبرز التحديات الاقتصادية وأولويات السياسة والمخاطر الإقليمية والدولية المتعلقة بالأمن والاستقرار، بالإضافة إلى استعراض أوراق عمل حول سياسات التنويع الاقتصادي وتعزيز التجارة والاستثمار والتحول الأخضر الأكثر استدامة.
وتتميز العلاقات بين دولة قطر ودول الاتحاد الأوروبي بروابط وثيقة مبنية على أساس توثيق التعاون بين الجانبين على المدى الطويل، من خلال اللقاءات مع المسؤولين وتباد