مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تتصاعد النقاشات حول التبعات المحتملة لنتائجها على الصعيدين الاقتصادي والأمني.
وتستقطب هذه الانتخابات اهتماما واسعا ليس فقط من قبل الناخبين، بل أيضا من قبل المحللين والخبراء الذين يسلطون الضوء على انعكاسات نتائجها المحتملة على الاقتصاد والأمن الوطني.
وفي هذا السياق، تحدث الكاتب الأمريكي رون براونستين عن تقدم المرشحة الديمقراطية كمالا هاريس في الولايات المتأرجحة، فيما أعرب السناتور الجمهوري ماركو روبيو عن قلقه من تهديدات أجنبية تستهدف العملية الانتخابية.
الحملة الرئاسية الحالية
وقال رون براونستين محلل الشؤون السياسية لدى التلفزيون والكاتب بصحيفة The Atlantic، إن الشيء الواضح في الحملة الرئاسية الحالية هو تضاؤل الانقسام التقليدي بين الناخبين على أساس العرق والعمر، واتساعه على أساس الجنس والمؤهل الأكاديمي، الأمر الذي يدحض الافتراض الذي كان سائدا طيلة الفترة المنقضية من العام، وهو أن المرشحة الديمقراطية كمالا هاريس تحرز تقدما في ميشيغان وبنسلفانيا وويسكنسن أكثر مما تحرزه في جورجيا ونورث كارولينا وأريزونا ونيفادا، وإذا كان هناك من يقول إن أحدث الاستطلاعات تظهر نتائج متعارضة، فهذا أمر طبيعي جدا مع اقتراب يوم الاقتراع، وقد سبق لنا أن رأيناه في الحملات الرئاسية السابقة.
وأضاف براونستين، خلال حديث لتلفزيون CNN أن أحدث الاستطلاعات في ولاية آيوا أظهرت أن حظوظ هاريس بين الناخبين المحتملين بلغت 47% مقابل 44% لصالح ترامب، وهذا يعني أنه في حال حققت هاريس الفوز بهذه الولاية فعندها يمكن لنا أن نفترض أنها ستحقق الفوز بسهولة في بنسلفانيا وميشيغان، ومع ذلك لا بد من الإشارة إلى أن المراقب لا يستطيع أن يعتمد كل هذا العدد الكبير من الاستطلاعات التي تجرى في الشوط الأخير من الحملة الرئاسية للخروج باستنتاج متماسك أو برؤية واضحة عن النتيجة النهائية للانتخابات، لكنها على الرغم من ذلك تظهر لنا بضعة أمور، لعل أهمها أن هذا التقارب بين هاريس وترامب لم نشهد له مثيلا منذ عام 2000، عندما كان التنافس على أشده بين بوش الابن ومنافسه الديمقراطي آل غور.
نظرة على الأداء المتقارب للمرشحين
وذكر أننا عندما نلقي نظرة على هذا الأداء المتقارب للمرشحين كليهما، والذي يعكس في أحيان كثيرة حالة من التوازن بينهما، نجد أن الكفة ربما تميل خلال اليومين الماضيين بشكل طفيف لصالح هاريس، وذلك لسببين، أولهما أن استطلاعات نيويورك تايمز تظهر أن ترامب يتقدم في ولاية واحدة من الولايات السبع المتأرجحة والتي غالبا ما تقرر نتيجة الانتخابات، فيما تتقدم عليه هاريس بشكل طفيف بأربع منها، أما في الولايتين المتبقيتين فهما متعادلان تقريبا، وثانيهما أن هذه الاستطلاعات تظهر من جانب آخر تقدما طفيفا لهاريس بين الناخبين في خمس من تلك الولايات، بما فيها جورجيا ونورث كارولينا، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان ما جرى في انتخابات 2020، أما في الولايتين المتبقيتين، وهما ميشيغان وبنسلفانيا، فهي تعاني من تآكل في تأييد الناخبين السود، لكن حتى لو افترضنا أنها لن تحصل على أي صوت من أصوات الناخبين السود فيهما، فإن ترامب لن يكون في وضع مريح بهذه الولايات السبع، وبالتالي يمكن لنا أن نتوقع زخما أقوى لهاريس في هذه الانتخابات.
بدوره، عبر ماركو روبيو السناتور الجمهوري، عن ثقته في أمن ونزاهة نظام الانتخابات في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الطبيعة اللامركزية لإدارة الانتخابات عبر 50 ولاية تساهم في قوته، ومع ذلك، قد تظهر بعض المشاكل.
وأشار روبيو، خلال حديث مع تلفزيون CBS News إلى قضية قيام مواطن صيني في ميشيغان بتسجيل نفسه بشكل غير قانوني للتصويت ونجاحه في الإدلاء بصوته، موضحا أنه رغم توجيه اتهامات لهذا الشخص، فإن صوته سيحتسب لأنه لا يمكن للنظام استعادته، معتبرا أن مثل هذه الحالات قد لا تكون واسعة النطاق، لكنها مهمة لتوضيح نقاط الضعف الموجودة وتكثيف المراقبة للحفاظ على ثقة الجمهور في العملية الانتخابية.
الاستقرار السياسي
وأكد على خطورة التهديدات التي يشكلها الخصوم الأجانب على الاستقرار السياسي في الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالعنف السياسي بعد الانتخابات، وذكر أن وكالات الاستخبارات الأمريكية حذرت تحديدا من محاولات خارجية للتأثير أو التحريض على الاضطرابات في الولايات المتحدة خلال فترة ما بعد الانتخابات، مما يستدعي زيادة التدابير الأمنية ورفع الوعي العام حول هذه المسألة.
فيما يتعلق بحادثة الاختراق الأخيرة التي قامت بها الصين ضد شركات اتصالات أمريكية، قائلا إن الحادثة أحد أخطر الاختراقات التي شهدتها خلال فترة عملي في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، وأن نطاق الاختراق شمل عدة شركات اتصالات، مما يخلق نقاط ضعف محتملة قد تؤثر على الأمن القومي.
وأوضح روبيو أن الاختراق قد لا يمثل تهديدا مباشرا للانتخابات نفسها، لكنه يمثل قضية حيوية تؤثر على المشهد الأمني الأوسع للولايات المتحدة، كما أنه يبرز الطبيعة المتطورة للتهديدات السيبرانية وأهمية حماية البنية التحتية.
المقترحات الاقتصادية
من ناحيته، أكد الخبير الاقتصادي، محمد العريان، على أن المقترحات الاقتصادية التي قدمها الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس كامالا هاريس، مثيرة للقلق على نطاق واسع، لأنها لا تتضمن أي خطة لتقليص الدين الوطني.
وأضاف العريان، خلال مقابلة مع تلفزيون CBS News أن التحدي الرئيسي للإدارة القادمة سيكون الحفاظ على الأداء القوي للاقتصاد الأمريكي وخلق ظروف تسمح للبلاد بالازدهار في المستقبل.
وذكر أنه بالرغم من تأثر مؤشر الوظائف في أكتوبر، بسبب أحداث مثل الإضرابات والأعاصير، إلا أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال قويا مع انخفاض التضخم.
وأوضح العريان أنه رغم التوقعات بأن تنخفض معدلات التضخم، إلا أنه من غير المرجح أن تنخفض الأسعار الفعلية نفسها بشكل كبير، مشيرا إلى أن الناس غالبا ما يعتقدون أن انخفاض التضخم يعني انخفاض الأسعار، وهذا خطأ، وفي الواقع فإن الانخفاض الكبير في الأسعار قد يشير إلى مشكلة اقتصادية.
وأشار إلى أن العديد من المستثمرين أوقفوا عملياتهم الاستثمارية بسبب حالة عدم اليقين المحيطة بالسباق الرئاسي والكونغرس، وما إذا كانت وعود الحملة ستتحول إلى سياسات فعلية، مضيفا أن الفجوة بين وعود الحملة وتنفيذ السياسات الفعلية تخلق ترددا في السوق.
وأعرب العريان عن قلقه الكبير بشأن ارتفاع الديون الفيدرالية والعجز، قائلا إنه رغم قوة الاقتصاد وانخفاض معدلات البطالة، إلا أن الولايات المتحدة كانت تعاني من عجز مالي كبير، وبالتالي من المهم خلق المرونة في الميزانية للاستجابة للصدمات الاقتصادية غير المتوقعة.