تشكل جولات الأسواق الشعبية ومشاهدة الزخارف والأبواب الخشبية القديمة ودكاكين الحرف، متعة بصرية، كونها تحكي تاريخ الأجداد وقصص الآباء، لذلك فإنه لا تقتصر قيمة هذه الأسواق في النشاط التجاري، بل تعد مصدرا للتعرف على تاريخ وتراث البلاد كونها تحتفظ بصبغتها القديمة شكلا ومضمونا.
ويعد سوق واقف واحدا من أهم المعالم السياحية والتراثية في دولة قطر، حيث يعكس من خلال محافظته على بنائه المعماري الأصيل مدى اهتمام الدولة واعتزازها بثقافتها وتراثها الأصيل، ما جعله وجهة مفضلة للسياح من مختلف الأقطار خصوصا من دول مجلس التعاون الخليجي، لتميزه بالمنتجات التقليدية والملابس التراثية والمشغولات اليدوية التي تروي عراقة الإرث، حيث ينفذها حرفيون مهرة توارثوا تلك المهن عن الآباء والأجداد، كما يوفر السوق مختلف أنواع التوابل والبهارات التي تتميز بها المأكولات التراثية القطرية والعربية على حد سواء.وفي مداخل سوق واقف يجد الزائر المحال القديمة التي تعرض الحرف اليدوية مثل صناعة الصناديق وبسط السدو والمباخر وسروج الخيول والحبال والسفن الخشبية وقوارب الصيد والمجسمات التي تحاكي التراث مثل سلال القش والخوص وسعف النخيل والألعاب الشعبية، إضافة إلى الحلي والملابس التقليدية وغيرها.
وفي هذا السياق، قال السيد خليفة السيد المالكي الباحث في التراث الشعبي، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا" إن أهم ما يميز سوق واقف هو الاحتفاظ بذلك النمط المعماري القديم في كل الدهاليز، واحتوائه على المحال الشعبية التي تذكر الزائرين بالماضي الأصيل، فهذه العراقة، جعلت المحال التراثية وجهة لارتياد العائلات للتعرف عن قرب على جوانب من التراث القطري، فضلا المتعة البصرية في مشاهدة العمارة التقليدية.
ونوه المالكي باستحواذ سوق واقف على اهتمامات الزائرين بما يعيد إليهم التاريخ القديم ويعكس رؤية بصرية ممتعة وبالتالي يفضل كثيرون هذه المحال بطابعها القديم.ويحرص زوار سوق واقف على شراء واقتناء التحف والمجسمات من ميداليات ولوحات فنية وزخرفية ومشغولات مطرزة وتعليقات من الخرز والخيوط، والطوابع القطرية القديمة، التي تختصر أصالة الحياة في تحفة فنية، مما يؤكد أهمية وقيمة الأسواق الشعبية ليس عند السياح فحسب، بل لدى مختلف الفئات الاجتماعية.
وأضاف أن السوق يحتضن أصحاب المهن والحرف التقليدية، خاصة صياغة الذهب وفقا للطراز المطلوب، مشيرا إلى أن الأزقة المتعرجة في السوق تجسد مشهدا نابضا بالحياة التقليدية في الشارع، حيث يوفر السوق لمرتاديه القطع الأثرية، فنجد اهتمام السياح الأجانب بالحرف اليدوية والمصوغات التراثية، حيث يحرصون على التقاط الصور، علاوة على اقتناء بعض الهدايا التذكارية كالسيوف والخناجر المزينة بالفضة والنحاس، وكل ما يعبر عن تراث وتاريخ أهل قطر.
وأوضح الباحث في التراث الشعبي خليفة السيد المالكي، أنه توجد بالسوق محال لبيع معدات صيد الأسماك ومعدات الغوص وكل ما له علاقة بالتراث البحري، فضلا عن الأقمشة المنسوجة والسجاد والأثاث الخشبي والزخارف الزجاجية المصنوعة في ورش العمل المجاورة، منوها بوجود رائحة التوابل المنبعثة في كل مكان بالسوق، حيث يجد الزائر لهذا المكان النكهات العربية النادرة المتنوعة بين حبوب التوابل أو التوابل المطحونة، مثل الزعفران والزعتر والزهور المجففة والليمون الأسود المجفف، وأنواعا لا حصر لها من التمور والعسل وأوراق الشاي وحبوب القهوة ما يجعل السوق له طبيعته الخاصة.وأردف أن سوق واقف، يضم محال تجارية لبيع الملابس التقليدية والعصرية، وأخرى تختص في أنواع البخور والعطور، بالإضافة إلى ركن يختص بتجارة الفواكه الجافة والتوابل وغيرها، بالإضافة إلى المحال التراثية، التي تنتشر في أرجاء مختلفة من السوق، مؤكدا أن هذه الغنى والتنوع يلبي أذواق الزائرين المختلفة.
وأعرب المالكي عن أمله في جمع المحال المرتبطة بالتراث في ركن أو شارع محدد، فإن هذا سيسهل على الزائرين الوصول إلى هذه المواقع، والاستدلال عليها بيسر.
جدير بالذكر أن سوق واقف قد ازدات شهرته للغاية خلال كأس العالم FIFA قطر 2022، حيث استضاف الكثير من الفعاليات الجماهيرية لمشجعي الدول ما يجعله حاضرا في الذاكرة لدى الكثيرين من مختلف دول العالم، ليصبح وجهة السائحين من كل الجنسيات، كونه يجسد الحياة برونقها الأصيل، ولذلك يحرص السائحون على قضاء أيام طوال في ممرات السوق ينتقلون بين سوق الطيور وسوق الذهب وسوق التحف التراثية، ويدونون مشاهداتهم في صور محكية بمواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك عبر الصور المعبرة من خلال رسائل نصية توثق هذه اللحظات المميزة .