تأكيدا للنهج القطري الثابت بالحضور والمشاركة في الاجتماعات الدولية والمشاورات العالمية، والمنتديات المتخصصة، يشارك حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، اليوم في قمة مجموعة العشرين، وذلك بدعوة من فخامة الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية الصديقة، الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للمجموعة، والتي تنعقد قمتها في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، بمشاركة عدد من أصحاب الفخامة والسمو والسعادة قادة الدول ورؤساء الحكومات ورؤساء الوفود.
بناء عالم عادل وكوكب مستدام
وتنعقد القمة وهي التاسعة عشرة لمجموعة العشرين، تحت شعار "بناء عالم عادل وكوكب مستدام"، وتجمع قادة الدول الأعضاء بالمجموعة الذين يمثلون القوى الاقتصادية الكبرى في العالم، بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ورؤساء دول وحكومات 19 دولة ضيف وقادة 15 منظمة دولية رئيسية.
ومن أبرز المشاركين في القمة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
ومن المنتظر أن تتركز مداولات القمة التي تستمر يومين على ثلاث أولويات، هي الإدماج الاجتماعي ومكافحة الجوع والفقر، والتحول في مجال الطاقة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المستدامة، وإصلاح مؤسسات الحوكمة العالمية.
ويتضمن جدول أعمال القمة ثلاث جلسات، ففي اليوم الأول من العمل ستكون هناك مناقشة حول مكافحة الجوع والفقر، خاصة مع وجود نحو 733 مليون شخص يعانون من الجوع في جميع أنحاء العالم، بينما يعيش وفقا لبيانات البنك الدولي 20 مليون شخص، نصفهم من الأطفال، في ظروف من الفقر المدقع.
وستركز الجلسة الثانية، على إصلاح الحوكمة الدولية، بينما ستركز الجلسة الثالثة التي ستعقد في اليوم الثاني للقمة على التنمية المستدامة وتحول الطاقة.
الحرب في الشرق الأوسط
وستكون الحرب في الشرق الأوسط حاضرة في أجواء القمة في ريو دي جانيرو، وتقول الرئاسة البرازيلية إن الدول الأعضاء منقسمة بشأن ما إذا كان ينبغي تناول مثل هذه الأزمات والقضايا في مناقشات مجموعة العشرين، وأضافت أن هذه الانقسامات جعلت صياغة بيان مشترك في ختام الاجتماعات نوعا من التحدي.
غير أن المفاوضات بشأن الإعلان الختامي لمجموعة العشرين استمرت عشية القمة، بهدف التوصل إلى لغة مشتركة تتعلق بالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، وكذلك حول نقاط أخرى على جدول الأعمال، كالأمن الغذائي، والديون والضرائب الدولية، والمناخ والطاقة، وتمكين المرأة، والذكاء الاصطناعي.
ويقول محللون إن الانقسامات والخلافات حول بعض الملفات والمخاوف من اندلاع حروب تجارية العام المقبل، لن تمنع البرازيل من تحقيق إجماع حول أولويات رئاستها لمجموعة العشرين، وفي طليعتها مكافحة الفقر وفرض ضرائب على " كبار الأثرياء".
الجلسة العامة الأولى
وستشهد الجلسة العامة الأولى للقمة في وقت لاحق اليوم الإطلاق الرسمي للتحالف العالمي ضد الجوع والفقر، وفق مبادرة كبرى أطلقها الرئيس البرازيلي الذي يتزعم أكبر قوة اقتصادية في أمريكا اللاتينية، بهدف جمع البلدان معا لتبادل المعرفة والموارد.
وسيجمع هذا التحالف دولا من جميع أنحاء العالم ومؤسسات دولية، تعمل على تعبئة وسائل مالية لمكافحة الجوع، واستنساخ مبادرات محلية تحقق نتائج، ومن المتوقع أن تؤكد جميع دول مجموعة العشرين، وكذلك الدول المدعوة لحضور القمة مشاركتها في هذا التحالف.
ويعتبر هذا الموضوع أمرا هاما بالنسبة للبلد المضيف، لأن البرازيل هي أكبر منتج لفول الصويا والذرة واللحوم في العالم، وقد أكد الرئيس البرازيلي مرارا على دور بلاده في التخفيف من انعدام الأمن الغذائي العالمي. في الوقت نفسه، تحظى هذه القضية باهتمام دولي واسع .
وفي مؤتمر المجلس الأطلسي، أكدت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي، أن العالم فقد كل التقدم الذي أحرزه خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية في خفض مستويات الجوع في العالم، وأشارت إلى أن واحدا من كل أحد عشر شخصا على مستوى العالم واجهوا الجوع في العام الماضي، وقالت إن الأمن الغذائي هو "قضية أمن قومي"، ويجب أن يتم تصنيفه على هذا النحو.
وفيما يتعلق بفرض ضرائب على أصحاب المليارات، كانت دول مجموعة العشرين قد تعهدت في ختام اجتماع مسؤوليها الماليين في نهاية يوليو الماضي في ريو دي جانيرو بالتعاون من أجل فرض ضرائب على الأكثر ثراء، غير أنه من غير المؤكد أن يتبنى القادة المشاركون في القمة هذا الالتزام وبالشروط التي نص عليها.
مؤتمر الأطراف بشأن المناخ
وتتزامن قمة مجموعة العشرين مع مؤتمر الأطراف بشأن المناخ "كوب29" في باكو بأذربيجان، في ختام سنة شهد العالم خلالها أزمات مناخية كانت أشدها في البرازيل مع فيضانات وجفاف وحرائق غابات.
وقبل أيام من القمة صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال كوب29 بأنه يتعين على جميع البلدان أن تقوم بدورها، لكن مجموعة العشرين لابد أن تقود الجهود لأنها أكبر الدول المسببة للانبعاثات ولديها أعظم القدرات والمسؤوليات، كما طالب سايمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، زعماء أكبر اقتصادات العالم بإرسال إشارة على دعم جهود التمويل المناخي العالمية، عندما يجتمعون في ريو دي جانيرو، وقال إن العالم يراقب قمة العشرين ويتوقع إشارات قوية تؤكد أن العمل المناخي هو جزء أساسي من جدول أعمال أكبر اقتصادات العالم.
وجاءت هذه المناشدة في الوقت الذي يسعى فيه المفاوضون جاهدين خلال مؤتمر (كوب29) للتوصل إلى اتفاق يزيد التمويل المخصص لمعالجة التداعيات المتزايدة للاحتباس الحراري.
وأضاف ستيل في رسالة لقمة العشرين إنه يجب على القمة أن ترسل إشارات عالمية شديدة الوضوح، تدعم زيادة المنح والقروض إلى جانب تخفيف أعباء الديون، حتى لا تصبح البلدان المعرضة لمخاطر تغير المناخ مقيدة بتكاليف خدمة الديون التي تجعل اتخاذ إجراءات مناخية أكثر جرأة شبه مستحيل.
ولم تقترب الدول المشاركة في باكو من الاتفاق على صفقة بقيمة تريليون دولار لاستثمارات العمل المناخي في الدول النامية، وتريد بعض البلدان النامية، التي تعد الأقل مسؤولية عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، التزاما سنويا قدره 1.3 تريليون دولار لمساعدتها على التكيف مع تغير المناخ والانتقال إلى الطاقة النظيفة.
ويقول محللون إن هذا الرقم يظل أعلى بكثير مما يدفعه المانحون حاليا، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، فالدول الغنية التي تواجه تحدياتها الاقتصادية الخاصة وضغوطها السياسية في أعقاب سنوات من التضخم المرتفع، لا ترغب في تخصيص مبالغ كبيرة من المال من ميزانياتها العامة وحدها. كما ظهرت خلافات أخرى في باكو بعد أن حددت بعض الدول المبلغ الذي ينبغي أن تحصل عليه من أي اتفاق، فقد طالبت مجموعة من الدول الأقل نموا، معظمها من أفريقيا، بمبلغ 220 مليار دولار، في حين طالبت الدول الجزرية الصغيرة المهددة بارتفاع مستوى سطح البحر بمبلغ 39 مليار دولار.