تسعى دولة قطر إلى تعزيز علاقاتها وتوسيع شراكاتها الاستراتيجية مع دول أمريكا اللاتينية في مختلف المجالات خدمة للمصالح والأهداف والطموحات المشتركة وفتح أسواق وآفاق جديدة أمام الاقتصاد والاستثمارات القطرية.
وتمثل دول قارة أمريكا اللاتينية سوقا استهلاكية مهمة، حيث تتجاوز طاقتها البشرية 650 مليون نسمة، وتعتبر رابع أكبر اقتصاد عالمي، وتضم مجموعة من أبرز القوى الصاعدة عالميا.
وقد بلغ حجم التجارة بين دولة قطر ودول أمريكا اللاتينية العام الماضي حوالي 3.6 مليار ريال قطري.
وفي ظل السياسة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى واهتمام سموه بتوسيع علاقات دولة قطر الاقتصادية والسياسية وشراكاتها الاستراتيجية مع مختلف دول العالم الشقيقة والصديقة، تندرج الزيارة الرسمية التي سيقوم بها سموه لجمهورية كوستاريكا الصديقة.
وسيجتمع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى مع فخامة الرئيس رودريغو تشافيز روبلز رئيس جمهورية كوستاريكا، وكبار المسؤولين في الحكومة الكوستاريكية لبحث سبل تعزيز التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات، إضافة إلى مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
مرحلة جديدة
ومن المؤكد أن زيارة سمو الأمير المفدى لكوستاريكا ستدشن مرحلة جديدة وهامة في مسيرة العلاقات بين الدولتين، وتفتح آفاقا جديدة للشراكة والتعاون في القطاعات الاقتصادية والاستثمارية وغيرها من المجالات التي تخدم مصالح البلدين وشعبيهما الصديقين.
كما سيشهد سمو الأمير المفدى حفل جائزة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد، والتي تقام نسختها الثامنة هذا العام في سان خوسيه عاصمة جمهورية كوستاريكا.
وترتبط دولة قطر وجمهورية كوستاريكا بعلاقات طيبة تستند على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، ويعمل الطرفان من أجل استكشاف مجالات تنميتها وتطويرها نحو آفاق جديدة في مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية وغيرها.
وتتميز علاقات البلدين بالاهتمام بتطوير المشاريع الإنتاجية والمساهمة في عملية الحد من الانبعاثات الكربونية ومكافحة تغير المناخ باعتبارها ركائز أساسية لتعزيز التعاون الوثيق بين حكومتي البلدين وإتاحة الفرصة لتطوير الشراكات على مستوى القطاع الخاص بما يعزز النمو الاقتصادي في قطر وكوستاريكا.
تعزيز العلاقات
وكانت بداية مسيرة العلاقات بين الدولتين قد انطلقت رسميا عام 2010، عندما قام صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني "حفظه الله" بزيارة لجمهورية كوستاريكا، التقى خلالها بالرئيس الكوستاريكي آنذاك فخامة الرئيس أوسكار أرياس، وكبار المسؤولين، حيث تم بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب التوقيع على عدد من الاتفاقيات.
عقب ذلك، قامت كوستاريكا بفتح سفارة لها في الدوحة، ثم تبعتها دولة قطر وفتحت سفارة لها في سان خوسيه عام 2011، لتصبح بذلك أول دولة عربية وخليجية وإسلامية تقيم علاقات مع كوستاريكا، ومنذ بداية العلاقات بين البلدين تم توقيع عدة اتفاقيات في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك، كتسهيل الاستثمارات والتعاون في المجال السياسي والاقتصادي والفني والعلمي والسياحي والثقافي والأكاديمي، والطيران المدني والنقل الجوي، بالإضافة إلى إلغاء التأشيرات بين البلدين، والذي يسمح لمواطني البلدين بالسفر بمنتهى السهولة دون الحاجة لاستصدار تأشيرة سفر.
ونظرا للأهمية التي توليها دولة قطر لجمهورية كوستاريكا، ولرغبتها في زيادة توثيق العلاقات معها دأبت دولة قطر دائما على دعوة المسؤولين في كوستاريكا للدوحة للمشاركة في المؤتمرات والندوات والمنتديات الدولية المهمة، التي تعقد بالدوحة للبقاء على تواصل دائم وتعزيز العلاقات الثنائية بطريقة فعالة.
ولتعزيز العلاقات بين البلدين، قام سعادة السيد مارفين رودريغيز كورديرو نائب رئيس جمهورية كوستاريكا بزيارة للبلاد في أكتوبر عام 2021، وقد استقبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بمكتبه بالديوان الأميري، نائب رئيس جمهورية كوستاريكا والوفد المرافق.. وجرى خلال المقابلة استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق تعزيزها وتطويرها، إضافة إلى عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
تجهيزات استثنائية
وفي نوفمبر عام 2020، قامت سعادة السيدة ماري مونييفي انهيرمويير النائبة الثانية لرئيس جمهورية كوستاريكا ووزيرة الرياضة، بزيارة للدوحة، حيث أشادت بالترتيبات والتجهيزات الاستثنائية التي وفرتها دولة قطر لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022.
ونوهت سعادتها، بأن مونديال قطر 2022 أتاح إلى أبعد الحدود، التقاء جنسيات وثقافات شتى ومختلفة على أرض قطر والتعرف في نفس الوقت على ثقافة وحضارة قطر وفنها المعماري ومتاحفها وتقاليد شعبها، والاطلاع عن كثب على نهضة البلاد وبنيتها التحتية المتطورة وحفاوة وكرم شعبها واحترامه للغير.
وأشادت سعادتها بالعلاقات التي تربط دولة قطر مع جمهورية كوستاريكا والتي قالت إنها بدأت بقوة بعد عام 2010، مشيرة إلى أن السفارة القطرية في العاصمة سان خوسيه كانت أول سفارة لبلد شرق أوسطي هناك.
وأوضحت سعادة السيدة ماري مونييفي انهيرمويير النائبة الثانية لرئيس جمهورية كوستاريكا ووزيرة الرياضة أنها التقت خلال زيارتها للدوحة مع عدد من المسؤولين، وعبرت لهم عن شكر وامتنان بلادها للمساعدات التي قدمتها لها قطر لمواجهة كارثة إعصار "أوتو" الذي ضرب كوستاريكا عام 2016، بالإضافة إلى المساعدات والتطعيمات الطبية التي قدمتها قطر لكوستاريكا مع تفشي وباء "كوفيد-19" في العالم، الأمر الذي مكن كوستاريكا من السيطرة على الوباء، وأكدت أن كوستاريكا ممتنة لقطر بكل ذلك ولن تنساه أبدا.
تعزيز التعاون
كما تزور الدوحة وفود اقتصادية وتجارية من كوستاريكا من فترة لأخرى لبحث سبل تعزير العلاقات التجارية والاقتصادية بين الطرفين، وكيفية تعزيز التعاون بين أصحاب الأعمال في البلدين، خاصة في القطاع الزراعي والوسائل الحديثة في الزراعة والأمن الغذائي بشكل عام.
وفي سبتمبر عام 2023، عقدت في سان خوسيه، الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية في دولة قطر وجمهورية كوستاريكا.
ترأس الجانب القطري سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية، بينما ترأس الجانب الكوستاريكي سعادة السيدة ليديا ماريا بيرالتا كورديرو نائب وزير الخارجية للشؤون الثنائية والتعاون الدولي. وجرى خلال جولة المشاورات السياسية استعراض علاقات التعاون الثنائي، بالإضافة إلى عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وفي ديسمبر الماضي، شدد السيد جايرو لوبيز رئيس بعثة سفارة كوستاريكا لدى الدولة، بمناسبة اليوم الوطني للدولة، على أن العلاقة بين دولة قطر وبلاده متجذرة في الاحترام المتبادل والقيم المشتركة والالتزام بتعزيز التعاون والتفاهم، لافتا إلى أن الدولتين أقامتا علاقات دبلوماسية قوية، وتعاونتا في مختلف المبادرات التي تعزز التنمية المستدامة والتبادل الثقافي والشراكة الاقتصادية.
منفعة متبادلة
كما عبر عن اعتزازه بالطبيعة الودية والبناءة لعلاقات البلدين ومستقبل التعاون بينهما، بما يسهم في المنفعة المتبادلة للشعبين والمجتمع العالمي.
وتستضيف المؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا" من حين لآخر العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية التي تعكس الهوية والتراث في كوستاريكا، كما تم في أكتوبر عام 2021 توقيع اتفاقية بين جامعة قطر وسفارة كوستاريكا لتطوير التعاون الدولي وفقا لمصالح الطرفين، وذلك من خلال تطوير برامج التبادل الأكاديمي والعلمي وإنشاء جمعية منفعة متبادلة طويلة الأجل.
واتفق الطرفان على بذل قصارى جهدهما لإقامة علاقات صداقة وتعاون وطيدة، وذلك من خلال إنشاء خطط منح دراسية خاصة بجامعة قطر ومنح دراسية متبادلة في المؤسسات الكوستاريكية المهتمة، وتعزيز التفاهم المتبادل والتعاون الأكاديمي والتبادلات الثقافية والأفراد، والعمل على مزيد من الاتفاقيات التعاونية القادمة.
وتعني كلمة كوستاريكا بالإسبانية "الساحل الغني أو الشاطئ الغني"، وتقدر مساحتها بأكثر من واحد وخمسين ألف كيلو متر مربع، أما عدد سكانها فيبلغ خمسة ملايين ومئة وثمانية وثلاثين ألف نسمة، يحدها من الغرب المحيط الهادي ومن الشرق البحر الكاريبي.
وتزخر كوستاريكا بفرص استثمارية واسعة ومتنوعة، تشمل المجالات الزراعية والسياحية والعقارية وتربية الماشية وتصدير اللحوم، وغيرها من المشاريع التي تجذب المستثمرين من جميع أنحاء العالم.
ومن المحاصيل التي تشتهر كوستاريكا بزراعتها قصب السكر والموز والقهوة والأناناس، حيث لها سمعة عالمية جيدة. وهناك نهضة كبيرة في مجالات التصنيع الغذائي والإنشاءات والسياحة والخدمات، إضافة إلى قطاعات أخرى مثل التكنولوجيا والخدمات والأمن الغذائي، وصناعة المعدات الطبية.
وتقدم الحكومة الكوستاريكية حوافز ضريبية للمستثمرين الأجانب، وتعد السياحة من أهم مصادر الدخل في كوستاريكا، نظرا لجمال طبيعتها ولونها الأخضر الدائم في الصيف والشتاء، إذ تشتهر كوستاريكا بغاباتها الضبابية التي تغطيها الغيوم على مستوى منخفض، وتعد تلك الغابات الاستوائية إحدى أكثر المحميات الطبيعية ندرة على وجه الأرض.