أثبت فريق من الباحثين في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، التابع لجامعة حمد بن خليفة، نجاح أداة الفحص المبتكرة القائمة على تتبع حركة العين في تشخيص اضطراب طيف التوحد لدى الأطفال الصغار، وفقا لنتائج دراسة جديدة أجرتها الجامعة بالتعاون مع عدة جهات محلية ودولية نشرت في مجلة "أبحاث التوحد".
ويعتبر تتبع حركة العين من أهم المؤشرات الحيوية لتشخيص التوحد، حيث يعد ضعف التحديق وأنماط الانتباه الاجتماعي، من بين العلامات المبكرة على اضطراب طيف التوحد.
تتبع حركة العين
وتسلط الدراسة البحثية الضوء على نتائج تقييمات تتبع حركة العين لدى أكثر من 500 شخص، تتراوح أعمارهم بين سنة واحدة و17 سنة، في قطر والولايات المتحدة الأمريكية. وكان من النتائج المهمة للدراسة ثبوت اتساق النتائج بين الأشخاص الذين خضعوا للفحص في البلدين.
ووفقا لنتائج البحث، تعد هذه الدراسة الأكبر من نوعها لتوصيف بنية الاهتمام الاجتماعي، وهي الوحيدة التي تدرس الاتساق بين الثقافات.
وفي عام 2016، استخدم الدكتور توماس فرازير مدير مركز التوحد للأطفال في مستشفى /كليفلاند كلينك/ حينها، هذا التفاوت لتطوير أول أداة موضوعية لتشخيص اضطراب طيف التوحد، عرفت باسم "مؤشر مخاطر التوحد".
وباستخدام شاشة عرض حاسوبية متصلة بجهاز لتتبع حركة العين عن بعد، تعرض على الأطفال محفزات بصرية لتقييم دقة تتبع حدقات عيونهم. وتنتج خوارزمية تشخيصا يعتمد على مؤشر المخاطر في أقل من 10 دقائق وبمعدل نجاح يزيد عن 85 بالمئة. ويمكن استخدام الأداة بأمان مع الرضع الذين لا تتجاوز أعمارهم ستة أشهر، مما يشير إلى حدوث تقدم كبير في التشخيص المبكر لاضطراب طيف التوحد.
تكنولوجيا جديدة في قطر
وفي عام 2017، تعاون معهد قطر لبحوث الطب الحيوي مع مركز التوحد للأطفال في مستشفى /كليفلاند كلينك/، في إجراء بحث لدراسة هذه التكنولوجيا في قطر. وفي إطار هذا التعاون، أنتج المعهد محفزات بصرية باللغة العربية مناسبة ثقافيا لاختبار الأداة على الأطفال في قطر بعد التحقق من صحتها.
وأعرب الدكتور فؤاد الشعبان، عالم أول بمركز بحوث الاضطرابات العصبية بمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي، عن سعادته بالإعلان عن هذه النتائج المبشرة للدراسة، متوقعا حدوث تأثير إيجابي لها.. معبرا عن أمله في مواصلة هذا التعاون مع مستشفى /كليفلاند كلينك/، وهو ما سيمكن المعهد من طرح هذه التكنولوجيا للمرة الأولى في قطر والمنطقة العربية، والعمل مع الأطراف المعنية على توسيع فوائدها للمجتمعات.
ويتماشى تطوير التشخيص أو التقييم المبكر لمرض التوحد مع جهود معهد قطر لبحوث الطب الحيوي الرامية لتعزيز كفاءة خدمات الرعاية الصحية وجودة الحياة، لا سيما بالنسبة لسكان دولة قطر والمنطقة، مع المساهمة في إجراء الأبحاث ذات الأهمية العالمية.
من جانبه، أكد الدكتور عمر الأجنف المدير التنفيذي لمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي، سعي المركز باستمرار إلى تعزيز التعاون والشراكة الاستراتيجية مع نظرائه الدوليين.
حضور إقليمي وعالمي
بدوره، علق الدكتور فرازير الأستاذ بجامعة جون كارول في مدينة يونيفرسيتي هاوس بولاية أوهايو على نتائج الدراسة قائلا: "يعني التخلص من الاجتهادات الفردية والنزعة الذاتية في تشخيص اضطراب طيف التوحد باستخدام أداة مثل مؤشر خطر التوحد أن بمقدورنا تقييم طرق العلاج الحالية بسرعة وسهولة أكبر، وتطوير طرق علاج جديدة. ويساعد التعاون مع شريك ملتزم بهذه النتائج البحثية على غرار معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، في ضمان أن يكون لفوائد هذه الأداة حضور إقليمي وعالمي فريد".
واشتملت قائمة المؤلفين المراسلين الذين شاركوا في تأليف هذه الورقة البحثية على الدكتور فؤاد الشعبان، عالم أول في مركز بحوث الاضطرابات العصبية بمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي والدكتور توماس فرازير الأستاذ بجامعة جون كارول في مدينة يونيفرسيتي هاوس بولاية أوهايو. ومن المؤلفين المشاركين الدكتور محمد الدوسري مدير مركز علوم الأعصاب للأطفال في مستشفى كليفلاند كلينك للأطفال بمدينة كليفلاند في ولاية أوهايو ومركز الشفلح في قطر وكلية العلوم النفسية بجامعة ملبورن في مدينة فيكتوريا الأسترالية وجامعة نورث كارولينا في مدينة تشابل هيل بولاية كارولينا الشمالية.