أحدثت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة DeepSeek هزة في قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة، بعد أن كشفت الشركة مؤخرًا عن نموذج للذكاء الاصطناعي قادر على المنافسة مع النماذج الأمريكية الرائدة، نظرًا لأنه أرخص بكثير وأكثر كفاءة.
لقد حقق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مكاسب بأكثر من 20% في عامين متتاليين، وكانت إحدى القوى الدافعة لهذا الارتفاع هي أسهم الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك، تلقت شركة صناعة الرقائق للذكاء الاصطناعي العملاقة نيفادا وغيرها من تداول أسهم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ضربة كبيرة في أعقاب أخبار DeepSeek، والتي هزت ثقة المستثمرين في أطروحة صعود الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.
إليك ما يجب أن يعرفه كل مستثمر عن DeepSeek وكيف يمكن أن يؤثر على الأسواق في عام 2025 وما بعده:
ما هو DeepSeek؟
DeepSeek هي شركة ناشئة صينية في مجال الذكاء الاصطناعي تأسست في مايو 2023، في ديسمبر 2024 أطلقت الشركة نموذجًا مجانيًا مفتوح المصدر، وادعت الشركة في ذلك الوقت أنها بنت النموذج في شهرين فقط بتكلفة 6 ملايين دولار فقط.
ومع ذلك، جاءت صدمة السوق بعد أن أصدرت DeepSeek نموذجها المنطقي R1 في 20 يناير، وقد تفوق نموذج ديبسيك المحدث على نموذج o1 الحالي لشركة OpenAI في العديد من الاختبارات التي أجرتها جهات خارجية، مما يشير إلى أن شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة مثل ميكروسوفت وألفابيت ربما ارتكبت أخطاء باهظة التكلفة في تطوير نماذجها، على سبيل المثال: قال الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI "سام ألتمان" إن الشركة أنفقت أكثر من 100 مليون دولار لتطوير نموذج GPT-4 الخاص بها.
يُقال إن مفتاح نجاح DeepSeek هو بنية نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها والذي يؤكد على التحسين الذي يعتمد على البرمجيات بدلاً من قوة الأجهزة، يُقال أيضًا إن DeepSeek تستخدم عشرات الآلاف من وحدات معالجة الرسوميات بالذكاء الاصطناعي من نيفادا لتدريب نماذجها، ومع ذلك، حظرت الولايات المتحدة تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي هذه إلى الصين في سبتمبر 2022 مما أجبر DeepSeek وشركات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأخرى على تكييف نماذجها للتركيز على تحسين الذاكرة وكفاءة نقل البيانات وخطط الاتصال المبتكرة بين شرائحها.
باختصار، يبدو أن ديبسيك أرخص بكثير في البناء والاستخدام من نظيراتها الأمريكية دون التضحية بالأداء، تكلف DeepSeek-R1 فقط 55 سنتًا لكل مليون رمز إدخال و 2.19 دولار لكل مليون رمز إخراج، وفي الوقت نفسه، يُقال إن نماذج OpenAI تكلف 15 دولار لكل مليون رمز إدخال و 60 دولار لكل مليون رمز إخراج.
تأثير DeepSeek على الأسهم الأمريكية
نظرًا لأدائها المتميز، فليس من المستغرب أن يتفوق تطبيق DeepSeek المجاني للجوال بسرعة على تطبيق ChatGPT من OpenAI باعتباره التطبيق المجاني الأكثر تنزيلًا في الولايات المتحدة على متجر تطبيقات أبل.
كما سحقت أخبار DeepSeek أسهم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأمريكية والتي حققت العديد منها عائدات ضخمة في العامين الماضيين، انخفضت أسهم شركة صناعة الرقائق الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي نيفادا بنسبة 17% في أول يوم تداول بعد أخبار DeepSeek، مما أدى إلى محو 590 مليار دولار من القيمة السوقية في يوم واحد وهو أكبر انخفاض في القيمة السوقية لشركة واحدة في يوم واحد في تاريخ سوق الأوراق المالية.
كما انخفضت أسهم شركات أشباه الموصلات للذكاء الاصطناعي مثل Marvell Technology Inc. (MRVL) و Broadcom Inc. (AVGO) و Micron Technology Inc. (MU) وغيرها بشكل حاد أيضًا، كما انخفضت أسهم شركات الطاقة والذكاء الاصطناعي مثل Oracle Corp. (ORCL) وVertiv Holdings Co. (VRT) وNuScale Power Corp. (SMR) في البداية حيث استوعبت وول ستريت فكرة أن العالم قد يتبنى الآن نهجًا أكثر ذكاءً لتطوير الذكاء الاصطناعي بدلاً من نهج القوة الغاشمة الذي يتطلب كميات هائلة من المال والأجهزة.
هل تظل شركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية قادرة على المنافسة؟
قبل أحدث إصدار من DeepSeek، كان الإجماع العام في وول ستريت هو أن شركات التكنولوجيا الأمريكية كانت لها تقدم كبير في سباق التسلح التكنولوجي العالمي للذكاء الاصطناعي، ولكن على ما يبدو أن DeepSeek فتحت أعين العالم على إمكانية أن تكون الصين (على أقل تقدير) من بين القادة في سباق التسلح التكنولوجي المهم للغاية هذا.
لحسن الحظ بالنسبة لهذه الشركات الأمريكية، فإن نموذج DeepSeek مفتوح المصدر، مما يعني أن الباحثين والمطورين والمنافسين يمكنهم الوصول إلى الكود الأساسي للنموذج.
يقول كبير مسؤولي التسويق في CUDO Compute "لارس نيمان": إن شركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية من المرجح أن تضطر إلى التكيف، ولا شك أن بعض الاقتراضات من الاكتشافات الرائدة ستحدث قريبًا، أما فيما يتعلق بما إذا كانت شركات الذكاء الاصطناعي ستظل قادرة على المنافسة فالحقيقية إنها ستظل قادرة على المنافسة ولكن ليس دون ضرر".
إن شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى من المرجح أن تحافظ على موقعها القيادي في مجال الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك، فإن القيمة التي ينسبها السوق لهذه القيادة قد تتغير الآن بعد أن أثبتت DeepSeek أن هذه الشركات قد لا تتمتع بخندق واسع للذكاء الاصطناعي كما بدا.
إذا استمر هذا الاتجاه، فقد يؤدي ذلك إلى إعادة تقييم الأسهم التي تعتمد حاليًا بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي لتحقيق النمو وخاصة تلك التي تم وضعها كأبطال للصناعة، كما يثير السؤال الأوسع حول مقدار القيمة الحقيقية التي يمكن توليدها من ثورة الذكاء الاصطناعي إذا استمرت الأسعار في الانخفاض.
الاستثمار في أسهم الذكاء الاصطناعي الصينية
مع تعرض أسهم الذكاء الاصطناعي الأمريكية لمثل هذه الضربة في أعقاب أخبار DeepSeek، فمن الطبيعي أن يتساءل المستثمرون عما إذا كانت هناك الآن فرص للاستثمار في أسهم الذكاء الاصطناعي الصينية.
DeepSeek هي شركة خاصة، لذلك لا يمكن للمستثمرين شراء الأسهم بشكل مباشر ما لم تكمل طرحًا عامًا أوليًا في مرحلة ما، ومع ذلك، فقد أثارت أخبار DeepSeek ارتفاعًا في أسهم التكنولوجيا الصينية الأخرى المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، بما في ذلك Alibaba Group Holding Ltd. (BABA) و Baidu Inc. (BIDU) و VNET Group Inc. (VNET)، ولكن لسوء الحظ إن الاستثمار في الشركات الصينية ليس بالبساطة التي قد تبدو عليها.
يقول أحد خبراء السوق إن المستثمرين يجب أن يتعاملوا بحذر مع الأسهم الصينية المدرجة في الولايات المتحدة، لقد كان الاستثمار في الصين شائعًا جدًا قبل بضع سنوات لكن الكثير من المستثمرين تعرضوا للخسارة، ويضيف قائلًا إن الأميركيين يجب أن يفهموا أن الصين لديها ثقافة عمل مختلفة وأولويات وطنية مختلفة عن الولايات المتحدة، ويمكن أن يكون لهذه الاختلافات تأثير كبير على أداء الأسهم الصينية.
في السنوات الأخيرة، نفذت الحكومة الصينية إجراءات صارمة تنظيمية محت أكثر من 1.1 تريليون دولار من القيمة السوقية الجماعية لشركات التكنولوجيا الصينية الكبرى، وانخفضت أسعار أسهم علي بابا وتينسنت بأكثر من 75% خلال أسوأ فترة من الإجراءات الصارمة، كما نفذت الصين إجراءات صارمة مماثلة على أسهم الكازينو وأسهم التعليم أيضًا.
على مدى السنوات الخمس الماضية، قوضت الإجراءات الصارمة سوق الأسهم الصينية ككل تمامًا، في تلك الفترة الممتدة لخمس سنوات، حقق صندوق SPDR S&P 500 ETF Trust (SPY) عائدًا إجماليًا بلغ 100% تقريبًا، في حين تكبد صندوق iShares China Large-Cap ETF (FXI) خسارة بنسبة 12.5% على أساس العائد الإجمالي.
بالإضافة إلى ذلك، هددت الجهات التنظيمية الأمريكية بإلغاء إدراج الأسهم الصينية التي لا تمتثل لقواعد المحاسبة الصارمة مما أضاف خطرًا آخر إلى المعادلة، من الصعب على المستثمرين الأمريكيين التحقق من أي أخبار ومحاسبة تأتي من الصين، ويشكك بعض المطلعين على الصناعة في ادعاءات DeepSeek، ألمح المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة Anthropic "داريو أمودي" إلى احتمال أن تكون ديبسيك قد هربت بشكل غير قانوني عشرات الآلاف من وحدات معالجة الرسوميات المتقدمة للذكاء الاصطناعي إلى الصين ولا تبلغ عنها ببساطة، قال "إيلون ماسك" مؤسس إن DeepSeek تكذب "بشكل واضح" بشأن مواردها.
ولكن حتى لو صدق المستثمرون الأمريكيون كلام شركة DeepSeek، فإن التوترات بين الولايات المتحدة والصين مرتفعة، فقد جعل الرئيس "دونالد ترمب" الحرب التجارية مع الصين محور ولايته بعد فرض تعريفة جمركية بنسبة 10% على السلع المستوردة من الصين، لذا فإن الاستثمار في الصين ينطوي على مخاطر جيوسياسية وسياسية.
أفضل طريقة للاستثمار في الذكاء الاصطناعي
إذا لم يكن هناك شيء آخر، فقد أبرزت أخبار شركة DeepSeek مدى عدم القدرة على التنبؤ بسباق التسلح في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، حتى قادة الصناعة مثل إنفيديا ليسوا محصنين ضد عمليات البيع الكبيرة، ولا يمكن لأحد أن يتنبأ بالشركة التي ستبلغ عن الاختراق التالي، هناك الكثير من أسهم الذكاء الاصطناعي الممتازة للشراء، ولكن شراء الأسهم الفردية في سوق متطورة مثل الذكاء الاصطناعي هو دائمًا نوع من المضاربة.
يمكن لمستثمري الذكاء الاصطناعي استخدام قوة التنويع للمساعدة في تقليل المخاطر، على سبيل المثال: يحتوي صندوق Global X Artificial Intelligence & Technology ETF (AIQ) على أكثر من 80 حصة من أسهم الشركات التي تركز على الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، ويحتوي صندوق Global X Robotics & Artificial Intelligence ETF (BOTZ) على 47 سهمًا لشركات في وضع يسمح لها بالاستفادة من تبني الأتمتة والروبوتات والذكاء الاصطناعي.
تم تصميم هذه الأنواع من صناديق الذكاء الاصطناعي المتداولة في البورصة للسماح للمستثمرين بالاستحواذ على جميع الموضوعات الفرعية للذكاء الاصطناعي دون المخاطرة الكامنة في اختيار الأسهم الفائزة والخاسرة الفردية للذكاء الاصطناعي.
الشركات الرائدة في الذكاء الاصطناعي
- جوجل: تعمل جوجل تحت شركتها الأم وهي شركة ألفابيت Alphabet (GOOG)، وهي رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، تمامًا كما بدأت كرائدة في البحث على الإنترنت، وقد أنشأت شركة التكنولوجيا العملاقة بالفعل روبوت محادثة ذكاء اصطناعي توليدي يسمى Gemini والمعروف سابقًا باسم Bard، تستثمر جوجل بشكل كبير في أبحاث الذكاء الاصطناعي (لهذا السبب استحوذت على DeepMind في عام 2014) والتطبيقات ودمج الذكاء الاصطناعي عبر نظامها البيئي الواسع من المنتجات والخدمات.
- مايكروسوفت: تتمتع شركة البرمجيات العملاقة Microsoft (MSFT) بخبرة كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال شراكتها مع OpenAI صانع أداة الذكاء الاصطناعي التوليدية الشهيرة ChatGPT، لقد تم دمج برنامج OpenAI المتقدم مع العديد من منتجات Microsoft بما في ذلك محرك البحث Bing ومنصة الخدمات السحابية Azure وMicrosoft 365 (المعروف سابقًا باسم Microsoft Office)، تستخدم الشركة الذكاء الاصطناعي لتمكين إنتاجية سطح المكتب.
- إنيفيدا: تعد شركة إنيفيدا من الشركات العريقة في إنتاج معدات الحوسبة المتقدمة، وهي تقدم الأجهزة والبرامج اللازمة لدفع تطوير الذكاء الاصطناعي، وتصنع الشركة التقنية وحدات معالجة رسومية يمكنها معالجة الخوارزميات المعقدة ومجموعات البيانات الضخمة بسرعة، مما يدعم التعلم العميق القائم على الآلة والحوسبة، كما تقدم نيفادا برامج للحوسبة المتوازية وأدوات لتسريع أحمال عمل الذكاء الاصطناعي.