أكد سعادة السيد حسن بن عبد الله الغانم، رئيس مجلس الشورى موقف دولة قطر الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، مشددًا على رفض كافة المحاولات الرامية إلى تصفيتها، سواء عبر مشاريع التهجير، والتوسع الاستيطاني، أو فرض حلول تنتقص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وأوضح أن استمرار معاناة الفلسطينيين في ظل عدوان لم يلتزم بالقوانين الدولية وقرارات الشرعية الدولية، يتطلب تحركًا عربيًا ودوليًا أكثر حزمًا لمواجهة هذه الجرائم وتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها سعادته خلال المؤتمر السابع للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية، الذي عُقد اليوم في القاهرة، بتنظيم مشترك بين البرلمان العربي والاتحاد البرلماني العربي، لبحث سبل تقديم الدعم البرلماني لصمود الشعب الفلسطيني، وتعزيز العمل البرلماني العربي المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
وأشار سعادته إلى الجهود الدبلوماسية التي بذلتها دولة قطر، بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه الله ورعاه"، وبالتعاون مع جمهورية مصر العربية، من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، رغم العوائق والتحديات التي واجهتها هذه المساعي.
وأكد سعادته أن قطر، انطلاقًا من مسؤولياتها القومية والإنسانية، استمرت في أداء دورها الدبلوماسي الفاعل لإيجاد حل عادل وشامل يضمن إنهاء معاناة الفلسطينيين، ووقف العدوان الإسرائيلي المستمر، مؤكدًا على ضرورة إلزام حكومة الاحتلال بتنفيذ الاتفاقات الدولية، وتحميل المجتمع الدولي مسؤولية أي انتهاكات أو محاولات لخرق هذه الاتفاقات.
وضمن هذا السياق أشار سعادته إلى ما أكدته المادة السابعة من الدستور الدائم لدولة قطر من مبادئ أساسية تحكم السياسة الخارجية للبلاد، وعلى رأسها دعم القضايا العادلة، وتوطيد الأمن والسلم الدوليين، وحل النزاعات بالطرق السلمية من خلال الوساطة والحوار، الأمر الذي ترتب عليه نجاح العديد من الوساطات التي أسهمت في تحقيق السلام الإقليمي وتعزيز الحوار بين الأطراف المتنازعة.
وفي سياق متصل أدان سعادته التصريحات الإسرائيلية غير المسؤولة بشأن إقامة دولة فلسطينية على أراضي المملكة العربية السعودية الشقيقة، معتبرًا ذلك انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، ومحاولة مرفوضة لشرعنة التهجير، وتغيير التركيبة السكانية للمنطقة.
كما شدد سعادة رئيس مجلس الشورى على رفض أي محاولات لفرض حلول أحادية الجانب تتجاهل الحقوق التاريخية والسيادية للشعب الفلسطيني. وأكد أن الإجماع العربي ثابت في رفض أي محاولات لإعادة توطين الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم، وأن الموقف العربي الموحد يستند إلى ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وندد سعادة رئيس مجلس الشورى بالدور الذي يلعبه الكنيست الإسرائيلي في تشريع الاستيطان غير الشرعي، وإصدار قوانين توفر الغطاء القانوني للانتهاكات الجسيمة التي ترتكب بحق الفلسطينيين، داعيًا الاتحادات البرلمانية الدولية والمنظمات البرلمانية الإقليمية إلى اتخاذ موقف واضح وحازم تجاه هذه السياسات، والعمل على تعليق عضوية الكنيست الإسرائيلي في الاتحاد البرلماني الدولي، باعتباره مؤسسة لا تحترم القوانين الدولية ولا المبادئ الأساسية التي تحكم العمل البرلماني. كما أشار إلى المحاولات الإسرائيلية المستمرة لتقويض دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، مؤكدًا أن ذلك يعكس نية الاحتلال في طمس حقوق الفلسطينيين، وليس فقط إنكارها.
وفيما يتعلق بالأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها الفلسطينيون، أشار سعادته إلى الجرائم المستمرة التي ترتكبها قوات الاحتلال، خاصة في قطاع غزة، والتي أدت إلى استشهاد وإصابة أكثر من 160 ألف فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى الدمار الهائل الذي طال كافة مناحي الحياة، مشددًا على ضرورة التحرك العاجل لإعادة الإعمار دون فرض أي إجراءات تهدف إلى تهجير السكان أو تغيير الواقع الديمغرافي للقطاع.
وأكد سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم أن دعم صمود الفلسطينيين لا يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل يشمل أيضًا جهودًا برلمانية منظمة لمواجهة سياسات الاحتلال، والعمل على إعداد تقارير موثقة تكشف الانتهاكات الإسرائيلية، وحشد التأييد الإقليمي والدولي لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم أمام المحاكم الدولية.
كما أشاد سعادته بالجهود العربية لتعزيز التضامن ولمّ الشمل العربي، وفي مقدمتها الخطوات التي أسهمت في إعادة الجمهورية العربية السورية إلى محيطها العربي، معتبرًا أن ذلك يمثل عنصرًا رئيسيًا في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتمكين الدول العربية من مواجهة التحديات المشتركة. وأشار في هذا السياق إلى زيارة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى إلى دمشق، باعتبارها خطوة تعكس التزام قطر بتكريس العمل العربي المشترك، وتعزيز التقارب بين الدول العربية بما يخدم استقرارها ووحدتها.
وفي ختام كلمته، أعرب سعادة رئيس مجلس الشورى عن ثقته بأن ما سيصدر عن المؤتمر من تصور برلماني موحد لدعم صمود الشعب الفلسطيني، ورفض مخططات التهجير والضم، والتصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية، سيسهم في تعزيز التحرك العربي المشترك لحماية الحقوق الفلسطينية، وحشد التأييد الدولي، وتكثيف المساعدات الإنسانية. كما أكد أن هذا التصور سيشكل قاعدة صلبة للجهود البرلمانية الداعمة للقضية، وسيدعم الموقف العربي الموحد في المحافل الإقليمية والدولية، بما يضمن إيصال صوت الحق والعدالة إلى العالم أجمع.