في ظل تصاعد التهديدات الصينية، تعمل تايوان على تعزيز استعداداتها لحالات الطوارئ، مستلهمة تجربة الشركات الأوكرانية التي واصلت العمل رغم الحرب مع روسيا.
وكشف مسؤول أمني تايواني كبير، في تصريح خاص لوكالة "رويترز"، نقلته صحيفة "جابان تايمز" اليابانية، أن الحكومة تسعى للاستفادة من الدروس المستمدة من أوكرانيا، حيث لعب القطاع الخاص دورًا حيويًا في دعم الحكومة والمجتمع أثناء النزاع.
تجربة أوكرانيا
وتواجه تايوان ضغوطًا متزايدة من الصين، التي تعتبر الجزيرة جزءًا من أراضيها رغم اعتراض الحكومة التايوانية. ومع تصاعد التوترات، تسعى تايبيه إلى تبني استراتيجيات تعزز قدرتها على الصمود في حال حدوث أي تصعيد عسكري.
وأوضح المسؤول التايواني، الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظرًا لحساسية القضية، أن الحكومة تدرس كيف تمكنت الشركات الأوكرانية، مثل أوبر ومايكروسوفت، من الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية وسط الحرب، مشيرًا إلى أهمية دمج القطاع الخاص في استراتيجيات الطوارئ الوطنية.
وأضاف: "لدينا الإرادة للقتال، والآن علينا أن نطور إرادتنا للاستعداد"، مؤكدًا أن الحكومة التايوانية تعمل على ربط شركاتها بنظيراتها الأوكرانية لاكتساب الخبرات اللازمة.
إمدادات ذكية
تشمل الدروس المستفادة من أوكرانيا، استراتيجيات مبتكرة لضمان استمرارية الحياة اليومية، مثل دمج المتاجر الكبرى في شبكة توزيع الإمدادات الحكومية، والاستفادة من خدمات سيارات الأجرة لتسهيل الاستجابة الطبية الطارئة، خاصة في أوقات الضغط على القطاع الصحي.
وبالتوازي مع هذه الجهود، تقوم تايوان بتحديث أنظمة الإنذار بالغارات الجوية وتعزيز البنية التحتية للملاجئ، مستفيدة من تجارب دول شمال أوروبا ودول البلطيق التي طورت أنظمة دفاع مدني قوية.
في هذا الإطار، استضافت تايبيه هذا الأسبوع ورشة عمل مغلقة لمناقشة الاستعدادات المدنية، بمشاركة مسؤولين أمنيين تايوانيين ودبلوماسيين كبار من الولايات المتحدة واليابان وأستراليا.
اقتصاد صامد
وخلال الورشة، شدد آندي هوندر، رئيس غرفة التجارة الأمريكية في أوكرانيا، على أهمية بناء أنظمة احتياطية عبر الإنترنت لمواجهة الهجمات الإلكترونية، مستشهدًا بتجربة أوكرانيا في التصدي لمحاولات روسيا شلّ بنيتها التحتية الرقمية قبل الهجوم العسكري.
وقال هوندر: "خلال الحرب العالمية الثانية، كان المكان الأكثر أمانًا للبنية التحتية هو الأنفاق، أما اليوم، فإن البنية التحتية الأكثر أمانًا هي في السحابة الإلكترونية"، مشيرًا إلى أن خدمات الدفع مثل ماستركارد وفيزا استمرت في العمل، مما ساعد في الحفاظ على الاستقرار المالي رغم الحرب.
مع تصاعد التحديات الأمنية، تواصل تايوان البحث عن وسائل تضمن استمرارية عمل التكنولوجيا، والخدمات المصرفية، والقطاع الغذائي، وسلاسل التوريد. ومع تعاظم الضغوط الصينية، يبدو أن الجزيرة تتجه نحو تبني نموذج اقتصادي أكثر مرونة، قادر على الصمود حتى في أصعب الظروف.