تشكل منطقة باعة الكتب القديمة على ضفاف نهر السين في العاصمة الفرنسية باريس، واحدة من المعالم الثقافية والسياحية لمدينة الأنوار، حيث يمكن للزوار والسياح اكتشاف ثراء العاصمة وتراثها.
وتتناثر على ضفاف النهر، ولمسافة 3 كيلومترات، أكشاك خضراء اللون لا تتجاوز مساحة الواحد منها بضعة أمتار، تعرض فيها الكتب التي يعود تاريخ بعضها إلى بداية القرن السادس عشر، في مشهد مألوف صار يجلب السياح من كافة أنحاء العالم، مثله مثل برج إيفل أو أي معلم ثقافي آخر. ويقدر بعض الباحثين أن عرض الكتب على ضفاف النهر يعود لأكثر من 450 عاما.
وقال جيروم كاييه رئيس الجمعية الثقافية لباعة الكتب القديمة في باريس، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا": باعة الكتب على ضفاف نهر السين في باريس، يعتبرون وجهة للسياحة الثقافية لأنهم يقدمون منتجا مختلفا عن بقية المعالم الباريسية المعروفة مثل برج إيفل أو نوتردام دو باري، ولذلك فإن هذه المهنة النبيلة تمثل إضافة للثقافة الفرنسية لا تستطيع أي من الأشياء الأخرى أو المعالم تقديمها.
وأوضح أن مهنة باعة الكتب القديمة متميزة في باريس لا سيما على ضفاف نهر السين، حيث تعد أكبر مكتبة في الهواء الطلق، وهناك اليوم تقريبا 220 بائعا يشتغلون طوال العام، ويقدمون منتجهم الثقافي للزوار والسياح، مشيرا إلى أن أهم ما يميز باعة الكتب القديمة هو تقديمهم كتبا لم تعد متوفرة في المكتبات وبأسعار تكاد تكون رمزية مقارنة بأسعار المكتبات الجديدة، فضلا عن توفير بعض الطبعات النادرة من الكتب التي لم تعد تطبع.
وأشار رئيس الجمعية الثقافية لباعة الكتب القديمة في باريس، الذي يمارس هذه المهنة منذ 35 سنة، إلى أن لدى الباعة زبائن أوفياء من جامعي الكتب يأتون من مختلف أنحاء العالم يسألون عن عناوين كتب بعينها، لذلك فهذه المهنة تقيم علاقات إنسانية راقية ونبيلة وتعزز التواصل والنقاش والحوار الثقافي الثري بما يفيد الباعة والزبائن على حد السواء.
ونوه إلى أن الباعة قد يجدون بعض الكتب المهمة وذات الطبعات النادرة التي لا تعني أنها مرتفعة الثمن، كما يحدث أن يعثروا في أحيان أخرى على كتب قيمة، أما المخطوطات التي يتم العثور عليها فيتم تسليمها إلى المكتبة الوطنية الفرنسية، مشيرا إلى وجود قصص إنسانية جميلة ورائعة تحدث لدى باعة الكتب القديمة على ضفاف نهر السين، وهذا ما يحفزهم للتعلق أكثر بهذه المهنة النبيلة.
وأوضح أن الجمعية الثقافية لباعة الكتب القديمة تقدمت بطلب من خلال وزارة الثقافة الفرنسية، من أجل إدراج أكشاك الكتب القديمة على ضفاف نهر السين في باريس، على قائمة اليونسكو للتراث اللامادي، باعتبارها كنوزا معرفية ثقافية فريدة، وهو يأمل في أن يتحقق حلمه خلال السنة القادمة.
وخلص جيروم كاييه رئيس الجمعية الثقافية لباعة الكتب القديمة في باريس، في ختام حديثه لـ "قنا"، إلى أنه بعد تجربته الكبيرة في تجارة الكتب القديمة على ضفاف نهر السين، لم تخذله الكتب يوما في حياته بل قدمت له إضافة روحية وثقافية واجتماعية وإنسانية مهمة وكبيرة لم يكن ليجدها في مهنة أخرى، لذلك فلا يمكن أبدا تعويض القيمة المعرفية للكتب وإضافتها حتى من قبل الذكاء الاصطناعي.