انطلقت اليوم، أعمال مؤتمر الدوحة للمال الإسلامي الحادي عشر، تحت عنوان "تكامل البلوك تشين والذكاء الاصطناعي ومستقبل التمويل الإسلامي"، وذلك بحضور سعادة الشيخ فيصل بن ثاني بن فيصل آل ثاني وزير التجارة والصناعة، وسعادة السيد غانم بن شاهين بن غانم الغانم وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية.
وفي كلمة بالجلسة الافتتاحية، قال سعادة الشيخ الدكتور خالد بن محمد بن غانم آل ثاني، وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إن تسارع تقنيات الذكاء الاصطناعي ودخوله في شتى المجالات الطبية والتعليمية والشرعية والاقتصادية والأدبية وحتى الترفيهية سيجعله واقعا ليصبح جزءا أصيلا من الأعمال الفكرية والمهنية والمالية وهو ما سيخلق بيئة جديدة للعمل لم تكن في السابق ولا يمكن تجاوزها.
وأضاف: "سيحتاج هذا الأمر إلى دراسة للتكامل بين الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة الأخرى وهو ما سيتم تدارسه في هذا المؤتمر في إطار الجهود المبذولة لوضع معايير لضبط جودة الذكاء الاصطناعي وآليات التعامل معه ومع أخطائه والمسؤوليات التي تترتب على ذلك، علاوة على بحث تحقيق التكامل بين الذكاء الاصطناعي وتقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين" من خلال الوقف وكذلك الألعاب الإلكترونية ونتطلع إلى التوصيات والبحوث التي ستصدر عن المؤتمر والتي سيستفيد منها الباحثون والمختصون".
تحول جذري
من جهته، قال سعادة الشيخ عبدالله بن فهد بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس إدارة مجموعة بنك دخان، في كلمة مماثلة، إن التكنولوجيا المالية أحدثت تحولا جذريا في الخدمات المصرفية الإسلامية، وبرز كل من الذكاء الاصطناعي وتقنية "البلوك تشين" كمحركات رئيسية لهذا التحول، حيث يسهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز دقة التنبؤات المالية، وتحليل المخاطر، وتخصيص الخدمات المصرفية بطرق أكثر كفاءة، بينما توفر تقنية "البلوك تشين" بيئة شفافة وآمنة لاستدامة العمليات، وإدارة العقود الذكية. مبينا أن التكامل بين هاتين التقنيتين يفتح آفاقا جديدة أمام المصارف الإسلامية، لتطوير أدوات مبتكرة تعزز من الشمول والاستدامة المالية وتحقق أعلى مستويات الموثوقية والأمان والامتثال الشرعي.
وأكد سعادته أن مجموعة بنك دخان في طليعة المؤسسات المالية التي تبنت الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة في التمويل الإسلامي، حيث اعتمدت هذا التوجه ليكون محور الانطلاقة لهويتها الجديدة، وقد أدى التزام المجموعة بهذا النهج إلى تحقيق إنجازات غير مسبوقة محليا وعالميا، معربا عن سعادته بوجود بيئة مالية محفزة للابتكار في دولة قطر من خلال بنية تحتية تقنية متطورة وتشريعات منظمة للتكنولوجيا والابتكار المالي، ارتسمت في الخطة الاستراتيجية الثالثة للقطاع المالي التي أطلقها مصرف قطر المركزي لتحقيق الريادة في التحول الرقمي في التمويل الإسلامي، وتمكين قطر من إطلاق إمكاناتها الاقتصادية الكامنة انسجاما مع رؤية قطر الوطنية 2030.
ثورة تقنية
بدوره، قال الدكتور قطب سانو الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، إن مؤتمر الدوحة للمال الإسلامي ينعقد في لحظة تشهد فيها الإنسانية ثورة تقنية هائلة تعيد رسم مشهد الاقتصاد العالمي وتفرض على المؤسسات المالية بمختلف مشاربها إعادة النظر في أدواتها وهياكلها وهو ما يستدعي مقاربات جديدة ووضع تصورات أكثر مرونة واستجابات أكثر واقعية في ظل التطورات المتعلقة بتقنية سلسلة الكتل والذكاء الاصطناعي.
وأضاف: "في هذا الإطار يمكن التأكيد على أن التمويل الإسلامي هو نموذج اقتصادي يجمع بين الأصالة والمعاصرة وبين الفاعلية الاقتصادية والمصداقية القيمية ويستند إلى مقاصد سامية ترنو إلى تشكيل منظومة اقتصادية تسعى إلى تنمية المال ورواجه والحفاظ عليه وضمان وضوحه وصولا إلى تحقيق الرفاه للفرد والأمة والعالم"، مشددا على أن هناك فرصا كبرى للاستفادة من تقنيات البلوك تشين والذكاء الاصطناعي في تطوير الصناعة المالية الإسلامية.
من جهته، أكد الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي، رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر، أن التطورات التقنية المتسارعة لم تعد مجرد أدوات مساعدة، بل أصبحت قوة محركة لإعادة تشكيل المنظومات الاقتصادية والمالية، وفي هذا السياق، يبرز اليوم تكامل "البلوك تشين" والذكاء الاصطناعي كأحد أهم الاتجاهات المستقبلية في الصناعة المالية التي تفتح آفاقا جديدة من الحلول الذكية المعتمدة على ما تقدمه تقنية البلوك تشين من بيئة قائمة على الشفافية واللامركزية، وما يمنحه الذكاء الاصطناعي من القدرة على التحليل العميق واتخاذ القرارات بكفاءة عالية ومع توسع هذا التكامل يبرز التساؤل حول طبيعة المشهد الذي سيكون عليه التمويل الإسلامي.
إسهام فاعل
وتابع: "في مؤتمر الدوحة للمال الإسلامي أخذنا على عاتقنا الإسهام بشكل فاعل في رسم خريطة التمويل الإسلامي المستقبلية دون الاكتفاء بالمتابعة والترقب لما سيؤول إليه المشهد، فلم يعد مجديا أن تدور نقاشاتنا حول إمكانية الاستفادة من هذه التقنيات، بل ينبغي أن توجه نحو إمكانية تطويعها والإسهام في تطويرها لبناء حلول تمويلية مبتكرة تحافظ على مبادئ الشريعة الإسلامية، وتقدم قيمة مضافة للأسواق المالية الإسلامية".
جدير بالذكر أن المؤتمر الذي تنظمه شركة بيت المشورة للاستشارات المالية، منذ انطلاقه في عام 2010، شهد مشاركات دولية واسعة من هيئات حكومية ومنظمات دولية ومؤسسات مالية وأكاديمية في مجالات الاقتصاد والمال والتكنولوجيا، ومن المتوقع أن تسهم مخرجاته في تطوير صناعة التمويل الإسلامي في دولة قطر والعالم.
وقد ناقش المؤتمر من خلال عدة جلسات وورش عمل، كيفية دمج التقنيات الحديثة في قطاع التمويل الإسلامي، من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير المنتجات المالية الإسلامية وتعزيز كفاءتها، وكيفية حماية وتطوير الأوقاف باستخدام هذه التقنيات، إلى جانب تطوير منصات استثمار متوافقة مع الشريعة باستخدام تكامل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين. كما ركزت ورشتا عمل متخصصتان على تطوير التأمين التكافلي باستخدام تقنية البلوك تشين، ودور البيتكوين والذكاء الاصطناعي في الاقتصاد الإسلامي وفرص استخدامهما.