ناقش عدد من أبرز المستثمرين في التكنولوجيا حول العالم، فرص وتحديات الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، مؤكدين أن هذا القطاع لم يعد مجرد موجة صاعدة بل تحول إلى بنية أساسية لإعادة تشكيل مستقبل الأعمال والإنتاجية والإبداع.
ورأى المتحدثون في الجلسة الحوارية المنعقدة تحت عنوان "نظرة المستثمرين في التكنولوجيا: الذكاء الاصطناعي أصبح واقعا فماذا بعد؟"، ضمن فعاليات النسخة الخامسة من منتدى قطر الاقتصادي، أن الموجة الحالية للتكنولوجيا تمثل نقطة تحول في طريقة اتخاذ القرار وإدارة الشركات، وتحديد مجالات الاستثمار التالية.
وأجمعوا على أن الذكاء الاصطناعي لم يعد تقنية مستقبلية بل أداة تشغيلية فعالة تستخدم بالفعل في تقييم الاستثمارات، وتحليل البيانات، وتحسين الكفاءة التشغيلية داخل المؤسسات، مستعرضين رؤاهم حول كيفية تبني الذكاء الاصطناعي في نماذج الأعمال، والقطاعات الواعدة للاستثمار، والمخاطر الكامنة، إضافة إلى الأثر المتوقع على القوى العاملة.
في هذا السياق، أوضح هنري نغوين رئيس مجلس إدارة Phoenix Holdings، أن الذكاء الاصطناعي أداة قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات وتوجيهها لحل مشكلات دقيقة وواقعية، وأن التقدم السريع في هذا المجال يعود إلى طفرة في قدرات الحوسبة التي مكنت النماذج الذكية من تقديم نتائج فورية، كما هو الحال في نماذج مثل تشات جي بي تي وVO3 من غوغل، والتي تمثل قفزات نوعية في سرعة المعالجة وتعدد الاستخدامات.
وأشار نغوين إلى أن شركته، العاملة في فيتنام، ترى في الذكاء الاصطناعي فرصة ذهبية لتجاوز مراحل تنموية تقليدية والانتقال مباشرة إلى الجيل القادم من التكنولوجيا، في بلد ناشئ يواكب التغيرات العالمية بسرعة لافتة.
من جهته، شدد كريس فارمر الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة SignalFire، التي تعد أول شركة رأس مال مغامر مبنية على منصة ذكاء اصطناعي، على أن الأخيرة توظف هذه التقنية في جميع مراحل اتخاذ القرار الاستثماري، بدءا من جمع وتحليل البيانات عن أكثر من 650 مليون شخص، وصولا إلى التنبؤ بفرص النمو في الشركات الناشئة.
وقال فارمر إن البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، رغم أهميتها، بدأت تشهد تحولها إلى سلعة عامة، وهو ما يحرك اهتمام المستثمرين نحو طبقة التطبيقات التي تحوي بيانات ضخمة داخل المؤسسات، يمكن جمعها وتحليلها باستخدام الذكاء الاصطناعي لصنع قرارات استراتيجية.
وأضاف: "السباق اليوم يدور حول تجميع البيانات، وتأثيرات شبكة البيانات هي جوهر أطروحتنا الاستثمارية".
بدورها، عرضت سمية بوعزة الرئيسة التنفيذية لمجموعة Multiply، كيف تبنت مجموعتها الذكاء الاصطناعي في مرحلتي الاستثمار والتشغيل، موضحة أنهم أضافوا منذ سنوات العناية التقنية، بما يشمل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، إلى جانب العناية القانونية والمالية أثناء تقييم الفرص الاستثمارية.
و
أشارت إلى أن المجموعة أطلقت مؤخرا نظاما ذكيا يدعى "MAI"، يشبه مراقب مجلس إدارة افتراضي، يساعد على تحسين عملية اتخاذ القرار ويعزز الشفافية. كما دمجوا أدوات الذكاء الاصطناعي في إدارات الموارد البشرية والمالية والقانونية، مما أدى إلى توفير أكثر من 140 ألف ساعة عمل.
وفي ختام الجلسة، اتفق المشاركون ردا على سؤال حول تصورهم لما قد يقود إليه الذكاء الاصطناعي بعد خمس سنوات، على أن التقدم السريع يجعل من الصعب رسم خريطة طريق دقيقة، لكنهم أجمعوا على أن الذكاء الاصطناعي سيستمر في أتمتة المهام المتكررة، مما يحرر الطاقات ويرفع كفاءة القوى العاملة للتركيز على مهام أعلى قيمة للبشرية من قبيل الابتكار.