استقبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية الصديقة، الذي قام بزيارة إلى الدوحة خلال الفترة من 3 إلى 4 ديسمبر 2021.
وخلال لقائهما في الدوحة، اتفق سمو الأمير وفخامة الرئيس الفرنسي على الحاجة لتطوير تعاون ثنائي في كافة المجالات، قبيل الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وفي هذا الصدد جدد الجانبان التأكيد على رغبتهما في عقد الجلسة المقبلة للحوار الاستراتيجي القطري الفرنسي في الدوحة مطلع العام القادم 2022.
ووقعت الحكومتان خلال الزيارة:
-مذكرة تفاهم بين سعادة السيد برونو لوميرو وزير الاقتصاد والمالية والإصلاح في الجمهورية الفرنسية، وسعادة السيد علي بن أحمد الكواري وزير المالية بدولة قطر، في مجال الاقتصاد والمالية.
-خطاب نوايا بين سعادة السيدة روزلين باشلو وزيرة الثقافة في الجمهورية الفرنسية، وسعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني وزير الثقافة بدولة قطر، في مجال التعاون الثقافي.
المسائل السياسية
وفي المجال السياسي، أعرب سمو الأمير المفدى وفخامة الرئيس الفرنسي عن استعدادهما لدفع الشراكات الاستراتيجية خطوة أبعد، من أجل أن يعالجا سويا التحديات الإقليمية والعالمية. وأكد كل من الجانبين طموحهما المشترك لإيجاد طريق للسلام، من أجل منطقة أكثر استقرارا وازدهارا. بناء على نجاح مؤتمر بغداد الذي انعقد في 28 أغسطس بمبادرة من العراق وبالتنسيق مع فرنسا، واتفق الطرفان على العمل معاً من أجل تشجيع حوار إقليمي بناء من أجل السلام والاستقرار.
وبخصوص أفغانستان، جدد فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية خالص شكره لسمو الأمير المفدى على المساعدة الكبيرة التي قدمتها دولة قطر في إجلاء الرعايا الفرنسيين وعائلاتهم من أفغانستان، وفي حماية الأفغان المعرضين للخطر. كما أشاد فخامة الرئيس الفرنسي بالتعاون الوثيق بين البلدين لإيصال 40 طنًا من المساعدات العاجلة إلى العاصمة الأفغانية كابول على متن رحلة قطرية.
وفي هذا السياق، أكد الجانبان على الشروط المسبقة التي حددها مجلس الأمن في قراره رقم 2593 للمزيد من إدماج حكومة تصريف الأعمال الأفغانية الجديدة التي شكلتها طالبان في البيئة الإقليمية والدولية.
وحول لبنان، شدد الطرفان على ضرورة الحفاظ على استقرار لبنان وأمنه. ورحبت قطر بجهود فرنسا في لبنان لمساعدته في مواجهة الأزمة غير المسبوقة التي يمر بها.
وأعرب الجانبان عن تضامنهما مع الشعب اللبناني، مجددَين استعدادهما لتكثيف الاستجابة الطارئة. وأثنى الرئيس ماكرون على قطر لاستعدادها للمشاركة في مزيد من الدعم الهيكلي للبنان تبعا لتدابير ملموسة وقطاعية. وأيضا أكد كلا الطرفين على ضرورة دعم القوات المسلحة اللبنانية بشكل أكبر، وأهمية إجراء انتخابات نيابية في مارس 2022 بشفافية ودون تأخير.
وناقش سمو الأمير المفدى وفخامة الرئيس الفرنسي أيضًا المفاوضات النووية في فيينا، وشددا على أهمية إيجاد حل تفاوضي ينص على عودة إيران والولايات المتحدة إلى الامتثال الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة. وأعرب الجانبان عن الحاجة لمواصلة معالجة المخاوف الأمنية الواسعة في المنطقة. ورحب فخامة الرئيس ماكرون بالجهود الدبلوماسية الإقليمية المتواصلة لدولة قطر في سبيل تهدئة التوترات في منطقة الخليج.
وهنأ سمو الأمير الرئيس ماكرون لانعقاد المؤتمر الدولي حول ليبيا في باريس في 12 نوفمبر الماضي. وجدد الجانبان التزامهما بدعم حل شامل للأزمة الليبية يلبي تطلعات الشعب الليبي. وأعربا عن استعدادهما للعمل بتنسيق وثيق من أجل ضمان إجراء انتخابات ناجحة في 24 ديسمبر 2021، وانسحاب جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا. وأكدا على ضرورة مواصلة تقديم الدعم الدولي والأممي للاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في ليبيا.
الأزمة السورية
وحول سوريا، شددت قطر وفرنسا على تمسكهما بوصول كامل المساعدات الإنسانية ودون عوائق إلى سوريا وهو أمر حيوي للتخفيف من آثار الأزمة. وكرر كلا الجانبين التزامهما بتعزيز حل سياسي موثوق به ومستدام وشامل، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254 باعتباره السبيل الوحيد لتهيئة جميع الظروف اللازمة للعودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين، ومنع التدخلات الإقليمية. كما جددت قطر وفرنسا دعوتهما لمحاسبة المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية وانتهاكات القانون الدولي.
وبخصوص عملية السلام في الشرق الأوسط، أكدت قطر وفرنسا مجددًا أن حل الدولتين وفقًا للقانون الدولي وفي إطار المعايير المتفق عليها دوليًا هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة. وأشاد الجانبان بدور "الأونروا" كمزود أساسي للخدمات الحيوية لملايين اللاجئين الفلسطينيين وكعامل استقرار في المنطقة.
التحديات الأمنية والدفاعية
تلعب العلاقة الأمنية والدفاعية دورا محوريا في الشراكة الاستراتيجية بين فرنسا وقطر وتماشياً مع الشراكات التأسيسية المميزة للقوات المسلحة القطرية، تبادل الطرفان وجهات النظر حول الطموحات الجديدة ذات الاهتمام المشترك في مجال الابتكارات الفضائية والعسكرية، لا سيما قبل كأس العالم لكرة القدم 2022.
كما أكد الطرفان على أهمية استمرار الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف بما في ذلك تمويل الإرهاب الذي يشكل تهديدا رئيسيا للأمن الجماعي، كما ناقشت كل من قطر وفرنسا التعاون في مجال الأمن السيبراني الذي هو مصدر قلق للمجتمع الدولي.
التعاون الاقتصادي
وفي المجال الاقتصادي، دعا سمو الأمير وفخامة الرئيس الفرنسي إلى مواصلة تعزيز تعاون البلدين في هذا المجال، خاصة بعد أن أقامت العديد من الشركات القطرية والفرنسية شراكات طويلة الأمد في قطاعات رئيسية. واتفق الجانبان على تعزيز التعاون المؤسسي بينهما في القطاع الزراعي وإيجاد طرق جديدة لتمويل المشاريع، مثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وأعربت قيادتا البلدين عن رغبتهما في توسيع هذا التعاون ليشمل مجالات جديدة مثل الابتكار والتحول إلى استخدام الطاقة المتجددة والنظيفة، لا سيما في إطار أهداف التنويع الاقتصادي المنصوص عليها في رؤية قطر الوطنية 2030 وبالتعاون مع البرنامج الاقتصادي "فرنسا 2030".
وفيما يتعلق بالاستثمارات، أعرب الجانبان عن ارتياحهما للمستوى الكبير للاستثمارات المتبادلة بين البلدين مع تأكيدهما على الحرص والتطلع للارتقاء بهذه الاستثمارات إلى مستويات أرفع وفي مختلف المجالات. ورحب الجانبان بالمشاورات الجارية بين جهاز قطر للاستثمار وبنك الاستثمار الحكومي الفرنسي، لإطلاق المرحلة الثانية من شراكة أبطال المستقبل الفرنسيين، والتي تشمل حزمة استثمارية جديدة بقيمة 300 مليون يورو.
التبادل الثقافي
وبالنسبة للقطاعات الثقافية والتعليمية والعلمية والأكاديمية، أشاد الجانبان بالمستوى الذي توصل إليه النقاش في تلك المجالات لحرية الدخول إلى الأعمال الفنية على أوسع نطاق ممكن وتعزيز المعروضات في متاحف الدوحة. كما نوّه الطرفان بالتعاون الأكاديمي القائم بينهما.
وحدد الطرفان الرياضة كمجال رئيسي للتعاون، واتفقا على استكشاف شراكات جديدة في هذا المجال خاصة وأن البلدين سيستضيفان حدثين رياضيين رئيسيين، هما: كأس العالم 2022 في قطر، والألعاب الأولمبية 2024 في باريس. ويدرك البلدان الفرص الرائعة التي توفرها هذه الأحداث وتأثيرها الكبير على الشعوب لذلك قرر البلدان تكثيف المناقشات حول إقامة الأحداث الرياضية الكبرى والرياضية بشكل عام.
البيان الختامي
وفي ختام الزيارة، أكد سمو الأمير المفدى وفخامة الرئيس الفرنسي على رغبتهما في العمل معًا لمعالجة التحديات العالمية المتزايدة لا سيما فيما يتعلق بالأمن الإقليمي والإرهاب والتغير المناخي ونقل الطاقة.
واتفقت دولة قطر وفرنسا أيضًا بضمان علاقات طويلة الأمد، بين الحكومتين وعلى جميع المستويات لا سيما بين الشركات والمجتمع المدني ومواطني البلدين.