انطلقت اليوم في الدوحة أعمال مؤتمر "دور وسائل تسوية المنازعات البديلة وحماية الملكية الفكرية والابتكار في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر من أجل التنمية المستدامة"، الذي يعقد بالشراكة بين وزارة التجارة والصناعة، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية "الويبو"، وجامعة حمد بن خليفة، ورابطة القانون الدولي - فرع دول مجلس التعاون الخليجي.
ويستمر المؤتمر على مدار يومين، بمشاركة نخبة من العلماء والخبراء القانونيين وصناع السياسات، حيث يركز على أحدث التطورات في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية، مع تسليط الضوء على استخدام الوسائل البديلة لتسوية المنازعات في حل النزاعات المتعلقة بالملكية الفكرية، واستعراض سبل مساهمة سياسات الاستدامة في تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر وريادة الأعمال ضمن القطاعات الاقتصادية الحيوية.
وسائل جديدة
وفي الكلمة الرئيسية للمؤتمر، أكد سعادة الدكتور أحمد بن محمد السيد، وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية بوزارة التجارة والصناعة، أن دولة قطر تعطي الأولوية للوسائل الجديدة لفض المنازعات، مثل التحكيم والوساطة، باعتبارها من ركائز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات، لما توفره من آليات فاعلة وسريعة لفض النزاعات وتعزيز الثقة لدى المستثمرين.
وأشار سعادته إلى أن المؤتمر يأتي استمرارا لسلسلة الأعمال الناجحة بين دولة قطر والمنظمة العالمية للملكية الفكرية "الويبو"، والتي تكثفت بعد نجاح النسخة الأولى من المؤتمر حول "دور الملكية الفكرية في تعزيز النمو الاقتصادي: تحليل العلاقة بين حماية حقوق الملكية الفكرية وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر"، الذي استضافته الدوحة في يونيو الماضي لأول مرة في المنطقة.
وأكد وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية، أن التعاون البناء مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية في تنظيم هذه المؤتمرات يأتي في إطار جهود الوزارة لتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، وتنفيذ الأهداف المحددة في استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة (2024–2030)، بهدف ترسيخ مكانة قطر كمركز رائد للابتكار والاستثمار والنمو الاقتصادي المستدام.
وأضاف "لا تكتمل جهود الوزارة إلا من خلال التعاون بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات الدولية، وهو ما يشهده هذا المؤتمر الذي يمثل منتدى يجمع الخبراء والمختصين لمناقشة الأدوات الفاعلة في تحقيق التنمية المستدامة، بما في ذلك تطوير سبل فض المنازعات، ودعم الابتكار، وحماية الأصول المعنوية، وجذب الاستثمار الأجنبي".
د. أحمد السيد: التعاون الاستراتيجي بين قطر و"الويبو" يمثل أهمية بالغة لدوره في بناء أنظمة فعالة للملكية الفكرية
وتابع: يمثل التعاون الاستراتيجي بين دولة قطر ومنظمة "الويبو" أهمية بالغة، لدوره في بناء أنظمة فعالة للملكية الفكرية، لا تقتصر على حماية الحقوق فحسب، بل تعمل أيضا كمحرك للابتكار والتنمية الاقتصادية المستدامة، بما يتماشى مع الأهداف الوطنية ومعايير الاستدامة العالمية.
من جانبه، قال أحمد عيسى السليطي، رئيس رابطة القانون الدولي - فرع دول مجلس التعاون الخليجي: "تنسيق هذا المؤتمر ينسجم مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، من خلال ترسيخ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والقطاع الأكاديمي والبحثي، لدعم حماية الملكية الفكرية وتحديث أنظمتها بما يتماشى مع المعايير الدولية".
وأضاف أن هذا التجمع العلمي والمهني يجسد روح التعاون البناء بين المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية في مواجهة التحديات التي تواجه منظومة الملكية الفكرية واقتصاد المعرفة، في عصر الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، مؤكدا أهمية التنسيق متعدد الأطراف لبناء بيئة مواتية للابتكار وتسوية المنازعات.
التجربة القطرية
وأشار إلى أن التجربة القطرية في استضافة كأس العالم FIFA قطر 2022 شكلت أساسا متينا لبناء اقتصاد رقمي قائم على الابتكار والإبداع، حيث قدمت نموذجا رائدا في تطبيق معايير الحماية الدولية للملكية الفكرية، بما يعزز القدرة على تطوير منظومة قانونية شاملة تضمن حماية الحقوق الفكرية وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر في مجالات التكنولوجيا المتقدمة.
#قنا_فيديو |
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) September 1, 2025
انطلاق أعمال مؤتمر دور الوسائل البديلة لتسوية المنازعات في تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر بمشاركة نخبة من العلماء والخبراء القانونيين وصناع السياسات#قنا #قطر pic.twitter.com/ljU5LayFjF
من جهته، أكد السيد إغناسيو دي كاسترو، مدير مركز الوساطة والتحكيم بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية "الويبو"، أن التحضير للمؤتمر بدأ منذ شهر فبراير الماضي، وشمل إطلاق برامج تدريبية متخصصة بالتعاون مع شركاء من دولة قطر، ما يعكس أهمية تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات في تطوير آليات تسوية النزاعات المرتبطة بالملكية الفكرية، بما يسهم في ترسيخ بيئة قانونية داعمة للابتكار والإبداع.
وأوضح أن مركز الوساطة والتحكيم بالمنظمة يشهد نموا متسارعا في عدد القضايا المعروضة عليه، حيث سجل العام الماضي أكثر من 850 قضية، ومن المتوقع أن يتجاوز العدد هذا العام حاجز الألف قضية للمرة الأولى، وتشمل القضايا مختلف مجالات الملكية الفكرية، بدءا من العلامات التجارية وصولا إلى الابتكارات التكنولوجية الحديثة، بما في ذلك قطاع الاتصالات والتقنيات الناشئة، وهو ما يعكس الثقة المتزايدة في آليات الوساطة والتحكيم التي يوفرها المركز إقليميا ودوليا.
دورها، قالت الدكتورة سوزان كارامانيان، عميد كلية القانون بجامعة حمد بن خليفة، إن انعقاد المؤتمر يعكس التزام دولة قطر بتعزيز بيئة قانونية وتشريعية داعمة للاستثمار والتنمية المستدامة، مشيرة إلى أن المؤتمر ينظم في إطار مذكرة تفاهم ثلاثية وقعت عام 2022 بين الجامعة ووزارة التجارة والصناعة ومنظمة الملكية الفكرية العالمية، وهو أول اتفاق من نوعه.
وأكدت أن التحكيم أصبح وسيلة بارزة لحل المنازعات المرتبطة بالملكية الفكرية لما تتسم به من تعقيد وحاجة إلى خبرة متخصصة، معربة عن شكرها لشركاء المؤتمر وجهود الكوادر الأكاديمية والطلاب في إنجاح فعالياته، موضحة أن كلية القانون تسهم بخبراتها البحثية في مجالات التجارة والاستثمار والتنمية المستدامة لدعم مسيرة قطر نحو الابتكار وحماية حقوق الملكية الفكرية.