أكد سعادة السيد هاوليانغ شو، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، والمدير المعاون لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن دولة قطر تؤدي دورا محوريا في دعم التعددية وتعزيز التعاون التنموي متعدد الأطراف، مشددا على أهمية الشراكة الاستراتيجية القائمة بين قطر وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مواجهة التحديات العالمية المتسارعة.
وقال سعادته في حوار خاص مع وكالة الأنباء القطرية "قنا" بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة: "إننا نحتفل بهذه المناسبة في وقت يشهد فيه العالم أكبر عدد من الصراعات المسلحة منذ عقود، إلى جانب التداعيات الخطيرة لظاهرة تغير المناخ، ومعاناة المدنيين في غزة وأوكرانيا، والصراع المنسي في السودان، فضلا عن أزمات ممتدة في مناطق عدة؛ لذلك فإن الحاجة ماسة إلى التذكير بأهداف الأمم المتحدة المتمثلة في تعزيز السلام، ودعم التنمية، وصون حقوق الإنسان، وهي أهداف تساهم دولة قطر بدور مهم في دعمها وتحقيقها".
فجوة خطيرة
وأشار إلى أن المساعدات الإنمائية الرسمية على المستوى الدولي تراجعت بشكل ملحوظ من 250 مليار دولار في عام 2024 إلى نحو 180 مليار دولار متوقعة، أي بانخفاض يقارب 30 بالمئة خلال عامين فقط، وهو ما يعكس فجوة خطيرة بين حجم التحديات وحجم التمويل المتاح.
هاوليانغ شو: قطر منذ 2020 قدمت قرابة 5 مليارات دولار من الدعم الدولي
وأضاف: "في ظل هذه التحديات، تدخلت دولة قطر منذ عام 2020 بتقديم ما يقارب 5 مليارات دولار من الدعم الدولي، شمل مؤسسة التنمية الدولية، والمساعدات الإنسانية، وبرامج متعددة الأطراف، وفي العام الماضي وحده، قدمت قطر نحو 680 مليون دولار، ومنذ بداية هذا العام وحتى اليوم بلغ حجم دعمها نحو 575 مليون دولار للتنمية وبناء السلام والتعليم والصحة والعمل الإنساني، هذا الدعم يظهر بوضوح أن قطر تتحرك عكس التيار العالمي المتراجع، وتقاوم هذا الاتجاه بما تقدمه من إسهامات ملموسة".
الشراكة مع قطر لا تقتصر على الدعم المالي بل تشمل مجالات ابتكارية وتنموية ذات أثر طويل الأمد
ولفت سعادة السيد هاوليانغ شو إلى أن الشراكة مع قطر لا تقتصر على الدعم المالي فحسب، بل تشمل أيضا مجالات ابتكارية وتنموية ذات أثر طويل الأمد، مثل مبادرة "مختبرات التسريع" التابعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، التي أُطلقت بفضل دعم قطر وألمانيا، وتغطي أكثر من 100 دولة لتطوير حلول مبتكرة لأكثر تحديات التنمية تعقيدا، مبينا أن هذه المختبرات ساعدت البرنامج على التفكير خارج الأطر التقليدية، وإشراك الحكومات والقطاع الخاص والأكاديميين وأصحاب المشاريع في إيجاد حلول عملية ومستدامة.
مشاريع مشتركة
وتطرق إلى المشاريع المشتركة بين صندوق قطر للتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لافتا إلى مبادرة "إعادة بناء الأمل" في غزة، التي تهدف إلى توفير فرص التعليم لنحو 90 ألف طالب من خلال 100 مساحة تعليمية رقمية، و10 آلاف جهاز لوحي، مشيرا إلى مشروع آخر في السودان مكّن نحو 5600 شاب و10 آلاف مزارع من الحصول على فرص عمل ومدخلات زراعية تعزز سبل العيش المستدام، معتبرا أن هذا النوع من المشاريع يعزز الاستقرار، ويمنح الناس الكرامة عبر الاعتماد على الذات بدلا من الاقتصار على المساعدات الإنسانية.
الشراكة مع قطر تمتد إلى مجالات أخرى مهمة من بينها دعم النساء والفتيات في أفغانستان
وفي السياق ذاته، أكد أن الشراكة مع قطر تمتد إلى مجالات أخرى مهمة، من بينها دعم النساء والفتيات في أفغانستان عبر تعزيز دورهن الاقتصادي وريادة الأعمال، فضلا عن التحضير لإقامة "أسبوع فلسطين" في الدوحة خلال يناير المقبل، لتسليط الضوء على الحرف اليدوية والمنتجات الفلسطينية، وإيجاد منافذ جديدة لدعم رواد الأعمال.
#قنا_فيديو |
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) September 23, 2025
وكيل الأمين العام لـ #الأمم_المتحدة والمدير المعاون لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لـ #قنا: دولة #قطر قدمت خلال السنوات القليلة الماضية دعماً كبيراً لمساعدة الدول النامية في مواجهة التحديات الإنسانية وإنهاء النزاعات#الأمم_المتحدة80 #QNAUN80 #UNGA80 pic.twitter.com/W9LjCeK85e
وحول التحديات العالمية الراهنة، أوضح وكيل الأمين العام للأمم المتحدة أن تقليص المساعدات الدولية يأتي في وقت يشهد فيه العالم احتياجات متزايدة، وهو ما يفرض ضغوطا كبيرة على الدول النامية التي تعاني من مستويات مرتفعة من الديون، بلغت تكلفة خدمتها نحو 1.17 تريليون دولار في عام 2024، مما يحد من قدرتها على الاستثمار في الصحة والتعليم والبنية التحتية.
وشدد على "أن ثروة العالم تبلغ اليوم نحو 415 تريليون دولار، بينما تحتاج أهداف التنمية المستدامة إلى نحو 4 تريليونات دولار سنويا لتحقيقها، ما يعني أن التمويل متاح لكنه يحتاج إلى إرادة والتزام سياسي، وهنا تبرز أهمية الدعم الذي تقدمه قطر لسد بعض هذه الفجوات التمويلية".
التنمية والسلام
وبين أن التنمية والسلام متلازمان، قائلا: "لا يمكن تحقيق تنمية من دون سلام، ولا يمكن الحفاظ على السلام من دون تنمية، إنهما أمران متكاملان، وأي تقليص في التمويل الدولي يهدد الاستقرار العالمي على المدى البعيد".
وبشأن خطط التعاون المستقبلية، أعرب سعادته عن تطلعه إلى البناء على النجاحات التي تحققت بالشراكة مع دولة قطر، لا سيما في مجالات الابتكار والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، ونهج التفكير النظامي لدعم الدول النامية.
وأضاف: "ما نطمح إليه هو دمج قدرات مختبرات التسريع مع الاستثمار القطري، وتوسيع نطاق الحلول الرقمية المبتكرة لدعم التنمية، فالتجارب أثبتت أن أي دولة لا يمكن أن تتطور فقط عبر المساعدات الخارجية، بل من خلال التزامها وجهودها الوطنية، إلا أن الدعم الدولي يمكن أن يكون محفزا قويا لهذه الجهود، ومن هنا تأتي قيمة الشراكة بين قطر وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي باعتبارها عنصرا محفزا للتنمية المستدامة".
الاستثمار في التنمية ليس خيارا، بل ضرورة لتعزيز الاستقرار العالمي
وختم سعادة السيد هاوليانغ شو حواره مع وكالة الأنباء القطرية " قنا" بالتأكيد على أن الاستثمار في التنمية ليس خيارا، بل ضرورة لتعزيز الاستقرار العالمي، مبينا أن حجم الإنفاق العسكري في العالم بلغ 2.7 تريليون دولار عام 2024، وقد يصل إلى أكثر من 60 تريليون دولار بحلول 2035 إذا استمر التوجه الحالي، بينما فجوة تمويل التنمية لا تتجاوز 4 تريليونات دولار سنويا، وقال: "هذه المفارقة تبرز الحاجة الماسة إلى مضاعفة الدعم للتنمية، وتؤكد أهمية الدور الذي تؤديه قطر في هذا الإطار".