ركزت الجلسة الخامسة، من أعمال الدورة الثانية عشرة، للمجلس الاستشاري لقانون البحار التابع للمنظمة الهيدروغرافية الدولية، اليوم، على التقنيات الحديثة والأمن البحري، في إطار نقاش حول قدرة اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار على مواكبة التحديات المعاصرة.
وشهدت الجلسة، التي ترأسها المهندس جوان إيلز، مداخلات ثرية، أكدت أهمية الربط بين التطور التكنولوجي والالتزامات القانونية الدولية، لضمان أمن واستدامة الموارد البحرية، خاصة مع تسارع الابتكارات في مجالات الذكاء الاصطناعي والمراقبة بالأقمار الصناعية.
رسم الحدود البحرية
وفي هذا السياق، أشار البروفيسور جيمس كراسكا، من كلية الحرب البحرية الأمريكية، إلى دور البيانات الرقمية في رسم الحدود البحرية، موضحا أن ولايات ميكرونيسيا الموحدة، قدمت واحدا من أكثر الإبداعات شمولا في تاريخ القانون البحري، متضمنا 903 صفحات من البيانات الجغرافية وأكثر من 25 ألف نقطة إحداثية لتحديد خطوطها الأساسية.
د. جيمس كراسكا: الابتكار الحقيقي في ممارسات دول جزر المحيط الهادئ
وأضاف كراسكا، أن الابتكار الحقيقي في ممارسات دول جزر المحيط الهادئ، يتمثل في الانتقال من الخرائط التقليدية إلى استخدام الإحداثيات الجغرافية الرقمية، ما يتيح إدراج الحدود القانونية في أنظمة الخرائط الإلكترونية بدقة وشفافية.
من جانبه، استعرض المقدم مهندس بحري عبد العزيز حسن الحمادي من القوات البحرية الأميرية القطرية، التهديدات الحديثة في الخليج العربي، مشيرا إلى أن الهجمات السيبرانية البحرية والتلاعب بالملاحة الجوية والتشويش على أنظمة السفن الحديثة، يمكن أن تمكن السفن من اختراق الخليج دون إطلاق رصاصة واحدة.
وقال الحمادي: "إن هذه الهجمات قادرة على تعطيل حركة التجارة العالمية، وتشويش نظم الملاحة، وتغيير هوية السفن الإلكترونية، وعزلها عن شبكات الاتصالات".
م. عبد العزيز الحمادي: التهديدات البحرية لم تعد محصورة في الأبعاد العسكرية التقليدية
وأكد أن التهديدات البحرية لم تعد محصورة في الأبعاد العسكرية التقليدية، حيث نواجه تحديات تشمل التغير المناخي وارتفاع مستوى البحر، مما يؤثر على حدود الدول البحرية ويزيد من المخاطر البيئية في المنطقة.
وتابع: "تعدد المنشآت النووية على السواحل والكثافة السكانية يجعل أي تهديد نووي محتمل قضية أمنية إقليمية، خصوصا أن دول الخليج تعتمد بنسبة 99 بالمئة على تحلية مياه البحر".
إدارة الأمن البحري
كما نبه إلى أهمية التعاون الإقليمي والدولي في مواجهة الصيد غير القانوني في المناطق المتنازع عليها، لافتا إلى أن إدارة الأمن البحري، لا تتعلق بالقوة العسكرية فقط، بل بالقدرة على رصد ومتابعة الأنشطة البحرية وحماية الموارد الاستراتيجية.
ونوه المقدم مهندس بحري عبد العزيز حسن الحمادي بأن تطوير القدرات التقنية والتدريب المتخصص، يعدان حجر الزاوية لمواجهة التهديدات الحديثة، داعيا إلى الاستثمار في نظم المراقبة الذكية والتدريب البحري المستمر، كونه السبيل لضمان استدامة الأمن البحري في الخليج العربي.
من جهته، شدد السيد روبيرت فان دو بول من شركة فوجرو وجامعة ولونغونغ، على ضرورة استخدام تقنيات الاستشعار بالأقمار الصناعية في رسم الحدود البحرية، موضحا أن كل شيء من الساحل، سواء كان قريبا، شاطئيا أو بعيدا، يستخدم لإنشاء نموذج الخط الأساسي، وهو الأساس لكل الحدود القانونية والبحرية والاقتصادية الممتدة.
وتابع: "حتى الآن، لم تعمل أي دولة من بين 162 دولة عملت معها على نموذج خط أساس دقيق وصحيح، والجميع بحاجة إلى تحسينات، خصوصا مع ارتفاع مستوى سطح البحر وتغير المناخ".
أهمية البيانات البحرية
وبدورها، تطرقت السيدة إيفا فان هوكيلوم من جامعة هامبورغ، إلى أهمية البيانات البحرية في إدارة المصايد، حيث يسمح ربط البيانات بالتكنولوجيا الحديثة بمراقبة دقيقة ودعم اتخاذ القرارات، والنظام لا يمكن تعطيله ويتيح تتبع السفن باستمرار لتعزيز المسؤولية في المصايد.
وحذرت هوكيلوم، من أن الصيد غير القانوني وتجاوز المخزونات السمكية للحدود الوطنية يتطلب تعاونا دوليا، وتطبيق قوانين المصايد مكلف، لذا التعاون مع الدول الأخرى أو المنظمات غير الحكومية أمر ضروري.
واختتمت الجلسة، بعرض الأستاذ المساعد أندريه تشيرنوف، من جامعة سوني البحرية الأمريكية، دراسة حول مسؤولية البيانات المتعلقة بالوقود البحري البديل، موضحا كيف يمكن لاتفاقية قانون البحار أن تصبح منصة ديناميكية للمساءلة ومتابعة قضايا الاستدامة في المحيطات.
وتأتي هذه الجلسة، ضمن أعمال الدورة الثانية عشرة للمجلس الاستشاري لقانون البحار في الدوحة، بمشاركة نخبة من الخبراء الدوليين، لمناقشة تطوير الإطار القانوني العالمي للبحار وتعزيز الأمن والحوكمة البحرية في عصر التكنولوجيا المتقدمة.