دشن سعادة السيد عبدالله بن حمد بن عبدالله العطية وزير البلدية فعاليات النسخة الثالثة من منتدى قطر العقاري، المنعقدة في مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات هذا العام، تحت شعار "عقارات المستقبل"، وسط حضور رفيع المستوى من المملكة العربية السعودية ومن باقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجمع غفير من المطورين والمستثمرين العقاريين من المنطقة وأنحاء العالم .
كما شارك سعادة وزير البلدية إلى جانب سعادة السيد ماجد بن عبدالله الحقيل وزير البلديات والإسكان بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، في جلسة نقاشية بعنوان "خارطة طريق القطاع العقاري نحو تحقيق رؤية 2030"، تناولت التكامل الخليجي في تطوير القطاع العقاري، والحوافز الحكومية لجذب الاستثمارات الأجنبية والرقمنة ومدن المستقبل والتمويل العقاري واستدامة النمو، إضافة إلى التحديات التي تواجه القطاع وسبل تحويلها إلى فرص، فضلا عن التحول في القطاع العقاري السعودي بعد عام 2016، ومستقبل القطاع العقاري القائم على الشراكات والتكامل الإقليمي.
وزير البلدية: القطاع العقاري يمثل ركيزة رئيسية في تنفيذ رؤية قطر الوطنية 2030
وخلال الجلسة، أكد سعادة وزير البلدية أن القطاع العقاري يمثل ركيزة رئيسية في تنفيذ رؤية قطر الوطنية 2030، إذ يسهم بنسبة تتراوح بين 7 و8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بنمو سنوي يبلغ نحو 4 في المئة، وأوضح أن التطوير العقاري يسهم في تنويع الاقتصاد الوطني عبر تحفيز قطاعات المقاولات والخدمات والتمويل والابتكار العمراني، مشيرا إلى أن البيئة التشريعية المستقرة تعزز ثقة المستثمرين وتجذب رؤوس الأموال الأجنبية.
ونوه إلى أن السوق العقاري القطري شهد نموا ملحوظا خلال عام 2025، حيث بلغت قيمة التداولات في الربع الثاني نحو 8.9 مليار ريال، بزيادة 29.8 في المئة على أساس سنوي، فيما ارتفعت الصفقات السكنية بنسبة 114 في المئة، مؤكدا أن هذه الأرقام تعكس نضوج السوق واستدامته.
كما أشار إلى أن التحول الرقمي أصبح محورا أساسيا لتطوير العمل البلدي والعقاري، من خلال تبني تقنيات مثل العقود الذكية والبلوك تشين وتجزئة الملكية العقارية التي تتيح للمستثمرين الدخول بمبالغ صغيرة، مما يعزز السيولة ويزيد من فرص التداول.
وأكد أن الابتكار والتقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والعرض الافتراضي ثلاثي الأبعاد تسهم في تعزيز الشفافية وتبسيط الإجراءات، مشددا على أن العقار سيظل أحد أكثر القطاعات صلابة واستقرارا في مواجهة التحديات الاقتصادية.
القطاع العقاري
من جهته، شدد سعادة الوزير السعودي، على أن المملكة العربية السعودية شهدت تحولا جذريا في القطاع العقاري منذ عام 2016 في إطار رؤية المملكة 2030، حيث انتقل من مرحلة الإدارة المباشرة إلى مرحلة التمكين والشراكة مع القطاع الخاص.
وأوضح أن هذا التحول جعل التطوير العقاري يشمل بناء مجتمعات متكاملة توفر جودة حياة عالية، وأن التقنيات الرقمية أصبحت جزءا لا يتجزأ من التجربة العقارية، بدءا من التخطيط وحتى خدمات ما بعد السكن.
وأشار سعادة السيد الحقيل إلى أن التمويل العقاري في المملكة نما من 200 مليار ريال عام 2019 إلى نحو 900 مليار ريال حاليا، بفضل الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ومساهمة الشركة الوطنية للإسكان وشركة إعادة التمويل العقاري السعودية.
كما كشف عن اتفاقية مرتقبة بين الشركة الوطنية للإسكان والديار القطرية، تهدف إلى تعزيز التعاون الاستثماري وتوسيع حضور الشركات القطرية في السوق السعودية.
وفي ختام الجلسة، ناقش الوزيران مستقبل القطاع العقاري في مرحلة ما بعد 2030، حيث أشار الوزير الحقيل إلى أن الطلب على الوحدات السكنية في المملكة سيواصل الارتفاع، خصوصا في مدينة الرياض التي تحتاج إلى أكثر من 750 ألف وحدة حتى عام 2030، تزامنا مع المشاريع الكبرى مثل إكسبو 2030 وكأس العالم 2034.
جذب المستثمرين
وبين أن مكة المكرمة والمدينة المنورة تشهدان أيضا توسعا في المنتجات العقارية لتلبية الطلب المتزايد من الزوار، مؤكدا أن استقرار الأنظمة هو العامل الأهم لجذب المستثمرين العالميين، ومشيرا إلى اهتمام مؤسسات دولية كبرى بالاستثمار في السوق الخليجي.
من جهته، أكد سعادة الوزير العطية أن القطاع العقاري قطاع مرن "يمرض ولا يموت"، موضحا أن التحديات مثل ارتفاع أسعار الفائدة يمكن أن تتحول إلى فرص عبر أدوات تمويلية مبتكرة، وأن المستثمر الذكي هو القادر على قراءة السوق واستشراف الاتجاهات المستقبلية.
واختتم سعادته، بالتأكيد على أن القطاع العقاري سيظل ركيزة رئيسية في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة في قطر ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وفي نهاية الجلسة، افتتح سعادة الوزير العطية فعاليات معرض "سيتي سكيب قطر 2025" المصاحب للمنتدى، والذي يستعرض أحدث المشروعات العقارية في الدولة والمنطقة، بمشاركة واسعة من المطورين والمستثمرين المحليين والدوليين.
وكان المهندس خالد بن أحمد العبيدلي، رئيس الهيئة العامة لتنظيم القطاع العقاري، قد أكد قبيل هذه الجلسة النقاشية أن منتدى قطر العقاري الثالث، المنعقد تحت شعار "عقارات المستقبل"، يأتي ترجمة للرؤية الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة والارتقاء بجودة الحياة وتنويع مصادر الدخل.
برامج تدريبية
وأوضح في كلمة له في افتتاح أعمال المنتدى أن إنشاء الهيئة العامة لتنظيم القطاع العقاري بموجب القرار الأميري رقم (28) لسنة 2023 جاء بهدف تنظيم وتحفيز القطاع في الدولة، مبينا أن الهيئة أطلقت استراتيجيتها في ديسمبر 2024، وتم خلال النصف الأول من عام 2025 تفعيل جميع القوانين المنظمة للقطاع لدعم تحقيق أهداف الدولة.
وكشف المهندس العبيدلي عن ترخيص 19 مطورا عقاريا من قبل الهيئة، مؤكدا في الوقت نفسه العمل على استحداث برامج تدريبية تهدف إلى رفع كفاءة الكوادر القطرية وممارسي المهن العقارية، من وسطاء ومثمنين ومديري عقارات، وذلك بالتعاون مع المعاهد والجامعات المحلية والعالمية.
وأشار إلى أن القطاع العقاري القطري واصل أداءه القوي حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، محققا زيادة بنسبة 54% في عدد معاملات تسجيل البيع العقاري، وزيادة بنسبة 41% في مجموع قيم المعاملات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما وصفه بـ"الإنجاز القياسي" الذي يعكس متانة السوق العقاري في دولة قطر رغم التحديات الاقتصادية العالمية.
وأضاف أن الهيئة أطلقت مبادرة "رحلة المستثمر العقاري" بالتعاون مع عدد من الوزارات والمؤسسات الوطنية، لتمكين المستثمرين من الحصول على سند الملكية والإقامة العقارية عبر منصة رقمية موحدة وسريعة، مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، بما يسهم في تعزيز الابتكار وتطوير الخدمات العقارية.
كما أشار في هذا الصدد إلى إطلاق "جائزة قطر العقارية" كمنصة وطنية مرموقة لتكريم الإنجازات الاستثنائية في القطاع، على أن يتم الإعلان عن الفائزين خلال فعاليات المنتدى، مؤكدا أن هذه الخطوة تأتي انسجاما مع أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.
ونوه المهندس العبيدلي إلى أن الهيئة تعمل على خطة متكاملة للترويج للبيئة الاستثمارية العقارية المتميزة في دولة قطر، وإبرازها كوجهة عالمية جاذبة للاستثمار العقاري، مشيرا إلى استضافة المملكة العربية السعودية كضيف شرف للمنتدى هذا العام، في تأكيد على عمق الروابط الخليجية وتكامل الرؤى نحو مستقبل عقاري مزدهر.
وأوضح أن الاجتماع الأول لرؤساء الهيئات العقارية الخليجية عقد في الدوحة أمس، بدعوة من دولة قطر، بالتزامن مع فعاليات المنتدى، مشددا على أهمية هذه الخطوة في تعزيز التعاون والتكامل بين الدول الخليجية في هذا القطاع الحيوي.
واختتم رئيس الهيئة العامة لتنظيم القطاع العقاري، كلمته بالتأكيد على أن مستقبل القطاع العقاري يبنى على الشراكات والتكامل الإقليمي، معربا عن تطلعه إلى أن تسهم جلسات المنتدى في طرح أفكار ومخرجات عملية تدفع بعجلة التنمية العقارية في قطر والمنطقة إلى الأمام.