أكد المهندس خالد بن أحمد العبيدلي، رئيس الهيئة العامة لتنظيم القطاع العقاري، أن دولة قطر قطعت شوطا كبيرا في بناء قطاع عقاري متطور وشفاف يواكب رؤية قطر الوطنية 2030، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من التكامل بين أطراف المنظومة العقارية عبر تشريعات حديثة، وحلول تمويلية مبتكرة، ومنظومات رقمية متقدمة تسهم في تسهيل الاستثمار وتعزيز الثقة في السوق.
وفيما لفت المهندس العبيدلي خلال جلسة حوارية اليوم الاثنين، ضمن فعاليات النسخة الثالثة من منتدى قطر العقاري، إلى أن الهيئة منحت حتى الآن تراخيص لـ19 مطورا عقاريا، حث المطورين العقاريين بوصفهم يمثلون العمود الفقري للسوق ويتجاوز دورهم إطلاق المشاريع وبيعها إلى المساهمة في تحقيق التنمية العمرانية المستدامة، على الارتقاء بمعايير الجودة والابتكار في المشاريع بما يتناسب مع تطلعات الدولة، واستكمال إجراءات الترخيص نظرا لأهميته في ضمان التنظيم والشفافية واستقطاب المستثمرين المحليين والعالميين.
بيئة محفزة
وأضاف أن الهيئة تعمل على توفير بيئة تنظيمية محفزة تمكن المطورين من استكمال مشاريعهم في الوقت المحدد وتتيح للحكومة التدخل في الوقت المناسب لمعالجة أي عقبات قد تطرأ، مشيرا إلى أن نجاح المطورين هو انعكاس مباشر لنجاح الدولة في تحقيق أهدافها العمرانية والاقتصادية.
وفيما يتعلق بالتمويل العقاري، أوضح المهندس العبيدلي أن الهيئة أطلقت منذ ديسمبر 2023 الاستراتيجية الوطنية لتنظيم القطاع العقاري، وفعلت خلالها منظومة حساب الضمان العقاري بالتعاون مع مصرف قطر المركزي وعدد من البنوك الإسلامية والتقليدية، مؤكدا أن هذه المنظومة تقلل المخاطر على القطاع المصرفي والمستثمرين، وتفتح آفاقا أوسع لتطوير أدوات تمويلية جديدة تتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، داعيا البنوك القطرية إلى ابتكار حلول تمويلية إضافية تدعم المطورين والمستثمرين على حد سواء، مستفيدين من التقنيات الرقمية الحديثة التي أصبحت ركيزة أساسية في هذا المجال.
وفي حديثه عن موفري الخدمات العقارية من وسطاء ومديري عقارات ومثمنين، شدد على أنهم يمثلون "سفراء القطاع"، مؤكدا أن الهيئة أطلقت مبادرة "رحلة المستثمر العقاري" التي تتضمن 5 مراحل تفاعلية تتيح للمستخدمين معرفة الوسطاء المعتمدين والمشاريع المرخصة والخيارات الاستثمارية المتاحة حسب الميزانية ونوع العقار. وأوضح أن هذه المبادرة تأتي في إطار تبسيط الإجراءات وتمكين المستخدم من الوصول إلى المعلومات الموثوقة بسهولة وسرعة عبر المنصة العقارية الرسمية للهيئة.
شراكات استراتيجية
وكشف عن توقيع شراكات استراتيجية مع شركات عالمية مثل مايكروسوفت وجوجل لتطوير الخدمات الرقمية والاعتماد على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة المستثمر والمستخدم المحلي والدولي، مؤكدا أن الهيئة تسعى لتحديث منصتها بشكل دوري لتكون أكثر كفاءة وسلاسة في السنوات القادمة.
وفيما يتعلق بالمستثمرين المحليين والأجانب، أوضح المهندس العبيدلي أن قطر أصبحت اليوم من أبرز الوجهات العقارية في المنطقة بفضل قوانين الملكية الواضحة والتشريعات الحديثة، مشيرا إلى أن الهيئة وفرت منصة موحدة تتيح للمستثمرين التملك في 9 مناطق تملك حر و16 منطقة حق انتفاع، بالتعاون مع وزارات الداخلية والعدل والاتصالات. وأضاف أن المستثمر الأجنبي الذي يشتري عقارا بقيمة لا تقل عن مئتي ألف دولار أمريكي بات مؤهلا للحصول على الإقامة العقارية وسند الملكية حتى في حال الشراء على الخارطة، وهو ما يعكس مرونة التشريعات الجديدة وجاذبيتها.
وأكد أن الهيئة تتولى أيضا معالجة الشكاوى والنزاعات العقارية من خلال لجان تصالح ودية بالتعاون مع الجهات الحكومية المختصة، مبينا أن نحو 80 إلى 85 بالمئة من القضايا التي عرضت على الهيئة جرى حلها وديا دون إحالتها إلى لجان فض المنازعات.
وقال إن الهدف الأساسي هو حماية حقوق جميع الأطراف، سواء كانوا مطورين أو مستثمرين أو مستهلكين، ضمن إطار قانوني عادل وفعال.
تأهيل الكوادر الوطنية
وفي جانب تأهيل الكوادر الوطنية، أوضح أن الهيئة تعمل على إعداد برامج تدريبية بالتعاون مع عدد من الجامعات والمعاهد المحلية والعالمية لتأهيل الشباب للانخراط في قطاع العقارات، إيمانا منها بأهمية تمكين الجيل القادم من قيادة هذا القطاع الحيوي.
وفي ختام حديثه، استعرض المهندس خالد العبيدلي رؤية مستقبل القطاع العقاري في قطر، مؤكدا أن السنوات الخمس المقبلة ستشهد تسارعا في تبسيط الإجراءات عبر التحول الرقمي الكامل بحيث يتمكن المستثمر من إتمام جميع معاملاته من أي مكان في العالم بسهولة وأمان، مع الحفاظ على الهوية العمرانية العربية والإسلامية التي تميز دولة قطر.
وأشار إلى أن الهيئة تعمل كذلك على تعزيز التعاون الخليجي في المجال العقاري، كاشفا عن توافق مبدئي بين رؤساء الهيئات الخليجية على وضع إطار تكاملي يتيح تبادل الخبرات وتسهيل عمل الشركات العقارية بين دول مجلس التعاون، على نحو يشبه التكامل الحاصل في قطاع السياحة، بما يعزز تنافسية المنطقة ويدعم التنمية المشتركة.
وختم رئيس الهيئة العامة لتنظيم القطاع العقاري، الحوار بالتأكيد على أن مستقبل القطاع العقاري القطري واعد ومبشر، بفضل الرؤية الاستراتيجية الواضحة والدعم الحكومي المستمر، والالتزام الجاد من جميع الشركاء نحو بناء سوق أكثر شفافية واستدامة، يعكس مكانة قطر كوجهة استثمارية آمنة وجاذبة على المستويين الإقليمي والعالمي.