تواصل دولة قطر تنفيذ استراتيجيات متقدمة في مجال حماية البيئة وتحسين جودة الهواء، وذلك في إطار رؤية قطر الوطنية 2030، التي جعلت الاستدامة البيئية محورا أساسيا في السياسات الوطنية.
وبفضل جهود وزارة البيئة والتغير المناخي، أصبحت دولة قطر من الدول الرائدة بمنطقة الشرق الأوسط في تطوير منظومة وطنية شاملة ودقيقة لمراقبة وتحسين جودة الهواء، بالاعتماد على أحدث التقنيات والأنظمة البيئية المعتمدة عالميا.
وفي خطوة سباقة ورائدة، تم خلال بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 توفير محطات متقدمة لرصد جودة الهواء في محيط كل استاد، ضمن نطاقات تصل إلى 5 كيلومترات مربعة، حيث تم تحليل البيانات البيئية في مناطق الجماهير والملاعب بشكل فوري، ما قدم نموذجا عالميا لتطبيق مبادئ الاستدامة البيئية في الفعاليات الكبرى.
أحدث أجهزة الاستشعار
وجهزت تلك المحطات بأحدث أجهزة الاستشعار التي تقوم بقياس تركز الغازات الملوثة والجسيمات العالقة وتحديد مصادرها، مع القدرة على إرسال البيانات لحظيا إلى وحدة رصد وتحليل بيانات جودة الهواء، التي تقوم بدورها بتحليل البيانات وإصدار الإنذارات المبكرة إن لزم الأمر.
#قنا_فيديو |
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) October 16, 2025
مساعد مدير إدارة الرصد والتفتيش البيئي بوزارة البيئة والتغير المناخي لـ #قنا: أكثر من 45 محطة لرصد جودة الهواء في الدولة #قطر pic.twitter.com/tPc0s9zFvq
وتخضع جودة الهواء في الدولة لمراقبة آنية ومتواصلة عبر شبكة وطنية متكاملة تتألف من أكثر من 45 محطة ثابتة ومتنقلة موزعة على مختلف مناطق الدولة، تشمل المناطق السكنية والمناطق الصناعية والشوارع الرئيسية ومحيط المنشآت الكبرى.
عبدالله الخليفي: جودة الهواء في قطر تخضع لمتابعة دقيقة على مدار الساعة
وفي هذا الإطار، قال السيد عبدالله الخليفي، مساعد مدير إدارة الرصد والتفتيش البيئي بوزارة البيئة والتغير المناخي، في حوار خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، إن جودة الهواء في دولة قطر تخضع لمتابعة دقيقة على مدار الساعة عبر أنظمة متطورة مرتبطة بوحدة رصد وتحليل بيانات جودة الهواء، حيث يتم تحليل البيانات بشكل فوري للتأكد من مطابقتها المعايير الوطنية والدولية.
وأوضح الخليفي أن الشبكة الوطنية لرصد جودة الهواء في الدولة تضم أكثر من 45 محطة متخصصة في قياس جودة الهواء المحيط، بالإضافة إلى شبكة أخرى تضم 20 محطة موزعة في الشوارع الرئيسية والتقاطعات لرصد الانبعاثات الناتجة عن حركة المرور والمركبات، مشيرا إلى أن هذه المحطات معتمدة دوليا، وتوفر صورة دقيقة عن حالة الهواء في مختلف مناطق الدولة.
أنظمة تحليل البيانات
وبين أن وزارة البيئة والتغير المناخي تعتمد على أنظمة متقدمة لتحليل البيانات عبر وحدة متخصصة ضمن إدارة الرصد والمختبر البيئي، حيث يتم جمع البيانات من محطات الرصد الموزعة على مستوى الدولة للقيام بالتقييم البيئي وإعداد التقارير الدورية.
وأضاف مساعد مدير إدارة الرصد والتفتيش البيئي أن الوزارة تعمل على تطوير أنظمة الرصد باستخدام أحدث التقنيات، بما في ذلك دمج الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، لرفع كفاءة التوقعات والقدرة على التنبؤ المبكر بحالات التلوث المحتملة، بما يساهم في اتخاذ إجراءات سريعة للحد من أي تأثيرات سلبية.
الجهود لا تقتصر على الرصد فقط بل تشمل مبادرات توعوية ومجتمعية واسعة
ولفت الخليفي إلى أن الجهود لا تقتصر على الرصد فقط، بل تشمل مبادرات توعوية ومجتمعية واسعة تستهدف تعزيز ثقافة الحفاظ على الهواء والبيئة، سواء عبر حملات إعلامية، أو شراكات مع المدارس والجامعات؛ بهدف ترسيخ مفاهيم السلوك البيئي المسؤول لدى فئات المجتمع كافة.
ونوه بأن الوزارة حرصت على تعزيز شفافية البيانات ورفع مستوى التوعية المجتمعية، على إطلاق منصة جودة الهواء الإلكترونية التي توفر معلومات لحظية للجمهور عن حالة الهواء في ثماني مناطق رئيسية بالدولة، اعتمادا على مؤشرات لونية مبسطة تشرح الحالة البيئية وفق نظام "AQI" المستخدم عالميا، حيث تتيح المنصة للمواطنين والمقيمين معرفة جودة الهواء في محيطهم بسهولة.
مؤشر جودة الهواء
وأوضح أنه يتم عرض مستويات مؤشر جودة الهواء وفقا لستة مستويات دقيقة ومعتمدة عالميا تعكس مدى جودة الهواء المحيط، حيث تم تقسيمها إلى مستويات لونية تتدرج من اللون الأخضر الذي يدل على هواء نظيف، وصولا إلى اللون البنفسجي الذي يشير إلى وجود تلوث شديد، ويستند هذا المؤشر إلى خمسة عناصر رئيسية، هي الجسيمات الدقيقة وثاني أكسيد النيتروجين، وثاني أكسيد الكبريت، والأوزون الأرضي، وأول أكسيد الكربون.
وتابع: "تشمل البيانات المرصودة كذلك العديد من المتغيرات الأخرى مثل الهيدروكربونات، ومركبات الكبريت، والمركبات العضوية المتطايرة، إلى جانب قراءات الأرصاد الجوية مثل درجة الحرارة، وسرعة الرياح، واتجاه الرياح، والرطوبة النسبية، والضغط الجوي، ومدى الرؤية، مما يتيح تحليلا شاملا لتأثير البيئة الجوية على جودة الهواء".
البيانات التي تنشرها الوزارة تستند إلى قراءات ميدانية من محطات معتمدة
وأكد الخليفي أن البيانات التي تنشرها الوزارة تستند إلى قراءات ميدانية من محطات معتمدة وتخضع لعمليات تحقق علمي، وهي البيانات الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها في تقييم جودة الهواء بدولة قطر، محذرا من الاعتماد على بيانات غير رسمية تصدر عن بعض الجهات الخارجية، والتي تعتمد على أجهزة غير معتمدة أو نماذج محاكاة عامة من الأقمار الصناعية، فهذه الجهات لا تمتلك أجهزة رصد دقيقة داخل الدولة، وتفتقر إلى الفهم العميق للظروف البيئية المحلية.
كما أفاد بأن جميع هذه الجهات والتي تقوم بنشر منصات جودة الهواء في شبكات الإنترنت تعتمد على مصادر بيانات غير موثوقة ومرتبطة بمواقع تجارية تستخدم تقنيات رصد وأجهزة تجارية غير مستوفية لأبسط الاشتراطات والمعايير المعمول بها عالميا، فضلا عن أنها غير معتمدة من قبل أي جهة متخصصة في مجال الرصد البيئي، خاصة الوكالة الأمريكية لحماية البيئة، وقد انتشرت بشكل كبير بسبب رخص ثمنها وكثرة الحملات التسويقية لأغراض تجارية، مبينا وجود العديد من المنصات التي تستخدم مصادر المعلومات المضللة نفسها، لكنها تختلف في طريقة عرضها، مما يتطلب الاعتماد على المصادر الموثوقة والجهات المختصة بالدولة لتلقي المعلومات الدقيقة.
وأوضح أن الوزارة تضع تأثيرات النمو السكاني والعمراني وتزايد عدد المركبات في الاعتبار، ولذلك تعتمد على خطط النقل المستدام، مثل المترو والحافلات الكهربائية ومسارات الدراجات الهوائية؛ بهدف تقليل الانبعاثات الناجمة عن حركة المرور، وتحقيق توازن بيئي يعكس توجه الدولة نحو مدن ذكية ومستدامة.
نظام الرصد البيئي
وأشار إلى أن نظام الرصد البيئي يستند إلى القوانين الوطنية المنظمة لحماية البيئة مثل القانون رقم (30) لسنة 2002، ولائحته التنفيذية رقم (4) لسنة 2005، ويراعي في معاييره التوافق مع متطلبات الهيئات البيئية الدولية، الأمر الذي يعزز مصداقية ومهنية عمل الوزارة.
الوزارة تواصل توسيع الشبكة الوطنية لمراقبة جودة الهواء
وختم السيد عبدالله الخليفي، مساعد مدير إدارة الرصد والتفتيش البيئي بوزارة البيئة والتغير المناخي، حواره لـ"قنا" بالقول: إن الوزارة تواصل توسيع الشبكة الوطنية لمراقبة جودة الهواء، التي بدأت بعدد محدود من المحطات، ووصل اليوم إلى أكثر من 45 محطة، مع خطة مستقبلية لتتجاوز 50 محطة خلال الفترة المقبلة.
هذا إلى جانب إدخال تحديثات تقنية مستمرة، وتوحيد الإجراءات التشغيلية لضمان اتساق البيانات وكفاءتها، وذلك بالتعاون المؤسسي مع عدد من الجهات الوطنية، مثل وزارة الصحة، وهيئة الأشغال العامة، وهيئة الأرصاد الجوية، وقطر للطاقة، ما يعزز التكامل في رصد وتحليل البيانات البيئية.
