انطلقت، اليوم الأحد، فعاليات النسخة الثانية من منتدى الابتكار القيادي 2025، الذي نظمه مركز قطر للقيادات، تحت شعار "فن اتخاذ القرار" بحضور سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني رئيس مجلس إدارة مركز قطر للقيادات.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية، أن عملية اتخاذ القرار في مجال الوساطة والعلاقات الدولية، هي عملية مركبة تتطلب بصيرة نافذة ومرونة في المواقف وثباتا على المبادئ، دون أن تغيب عنها الرؤية الواضحة والاتزان.
أبرز التحديات
وقال سعادته إن أبرز التحديات التي تواجه صناع القرار اليوم، هي القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة في ظل الغموض أو نقص المعلومات، مشيرا إلى أن تشابك المصالح وتعدد الأطراف يجعل الصورة غير مكتملة دائما، مما يستوجب التحرك استنادا إلى المبادئ لا إلى الانفعالات.
وأوضح أن القرار الرشيد، هو الذي يستند إلى توازن بين السلطة والمسؤولية، مؤكدا أن كل قرار هو فعل أخلاقي قبل أن يكون إجراء إداريا، وأن الوعي المؤسسي والشخصي له دور حاسم في صناعة القرار، إذ يتأثر القرار بثقافة المؤسسة وتجربتها وسياقها التاريخي.
وأضاف أن القيادة الحقيقية، ليست في إدارة الواقع فحسب، بل في السعي إلى تغييره نحو الأفضل، وأن القائد الفعال هو من يتخذ قرارات جزئية تحدث أثرا إيجابيا متراكما في محيطه، مما يجعل القرار وسيلة للتغيير لا مجرد استجابة للمتغيرات.
وأشار سعادة وزير الدولة بوزارة الخارجية، إلى أن التجارب السابقة، تشكل أساسا مهما في تحسين القرارات المستقبلية، مبينا أن من لا يتعلم من أخطائه الماضية لن يحسن قراراته المقبلة، وأن الاعتراف بالتجربة جزء من بناء الوعي القيادي.
وفي حديثه عن العمل السياسي، نوه بأن القرار السياسي الناجح لا يقاس فقط بسلامة آلياته، بل بقدرته على بناء الثقة وتوسيع مساحة التفاهم وتعزيز قيم الاستقرار والتوازن، مشددا على أن اتخاذ القرار يمثل أداة رئيسية في صناعة السلام وإدارة النزاعات.
الدور القطري
وتابع: "إن السياسة الخارجية لدولة قطر، تقوم على مبدأ الثوابت الراسخة والمرونة في المواقف، وتضع الإنسان والمصلحة العامة في صميم توجهاتها"، لافتا إلى أن الدور القطري في الوساطات الإقليمية والدولية يجسد التزاما إنسانيا ورؤية استراتيجية تهدف إلى تحقيق السلام بوصفه خيارا دائما ومتجددا.
وأكد سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي، في ختام كلمته، على أهمية بناء القيادات الواعية القادرة على اتخاذ قرارات مسؤولة وشجاعة، فضلا عن الاهتمام بجميع القرارات، صغيرة كانت أو كبيرة، لما تمثله من قيمة في خدمة المجتمع وصناعة مستقبله، منوها على أن القرار الواعي هو أساس التنمية المستدامة والنجاح المؤسسي.
وركز المنتدى في نسخته الحالية، على أبعاد القيادة من منظور "فن اتخاذ القرار"، من خلال جلسات رئيسية وتفاعلية تجمع بين الخبرة والممارسة والإلهام، أبرزها: "القيادة في الرياضة"، وسلطت الضوء على التعاون والعمل الجماعي في البيئات التنافسية عالية الضغط، و"القيادة الطبية بين الوقاية والدقة"، التي تناولت القرارات الحاسمة في الطب الحديث وأثرها في إنقاذ الأرواح، بالإضافة إلى "القيادة في المنزل - صناعة قادة المستقبل"، ركز فيها المتدخلون على دور الأسرة والمجتمع في غرس قيم القيادة والمسؤولية، و"بادر بالقيادة - من الفكرة إلى التطبيق"، تجربة تفاعلية حاكت عملية اتخاذ القرار عبر أدوات رقمية حديثة، واختتمت الفعاليات بجلسة "من الإرث إلى بناء المستقبل"، التي استعرضت التحول من المحافظة على الإرث العائلي أو المؤسسي إلى تطويره واستدامته عبر قرارات قيادية واعية.
ويواصل منتدى الابتكار القيادي، أداء دوره كمنصة وطنية سنوية تجمع بين الفكر والممارسة، وتمكن القادة من تطوير مهاراتهم في القيادة والابتكار واتخاذ القرار، بما يسهم في تعزيز المنظومة القيادية في دولة قطر وترسيخ حضورها وتأثيرها محليا وعالميا.
