في إطار تعزيز العلاقات المتنامية بين دولة قطر وجمهورية الكونغو الديمقراطية والارتقاء بها نحو آفاق أرحب، يقوم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بزيارة دولة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية الصديقة، وهي الأولى من نوعها التي يقوم بها سموه إلى الكونغو الديمقراطية.
ومن المقرر أن يجري حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى مباحثات مع فخامة الرئيس فيليكس تشيسكيدي رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى استعراض عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وينتظر أن تسهم زيارة سمو الأمير المفدى إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية في تعزيز التعاون المشترك في مجالات متعددة، واكتشاف المزيد من الفرص التجارية والاستثمارية بين البلدين، ودعم العلاقات الثنائية ودفعها إلى آفاق أرحب وفتح مجالات جديدة أمامها، بما يخدم المصالح والتطلعات المشتركة للبلدين وشعبيهما الصديقين.
حضور دبلوماسي
وتشكل العلاقات بين دولة قطر وجمهورية الكونغو الديمقراطية أحد مسارات التفاعل العربي ـ الإفريقي المتنامي خلال الفترة الماضية، إذ تعمل الدوحة على تعزيز حضورها الدبلوماسي والاقتصادي في إفريقيا جنوب الصحراء، في حين تنظر كينشاسا إلى الشراكات القطرية كنافذة لتعزيز التنمية والبنى التحتية والاستثمار في مواردها الطبيعية الهائلة.
وشهدت العلاقات بين دولة قطر وجمهورية الكونغو الديمقراطية تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، تجسد في إطلاق العديد من المشاريع الاستثمارية المشتركة، وتبادل الزيارات رفيعة المستوى، وإبرام اتفاقيات لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والصحة والتعدين وغيرها من القطاعات.
وعلى الرغم من أن تاريخ العلاقات بين دولة قطر وجمهورية الكونغو الديمقراطية يعود إلى العام 1974، فقد اتفق البلدان على إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بينهما في السادس من نوفمبر عام 2019، حيث أكد الطرفان، خلال التوقيع على مراسم الاتفاق الذي جرى في مقر الأمم المتحدة، على الرغبة في تقوية وتطوير علاقات الصداقة والتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية.
العلاقات الثنائية
وتؤكد دولة قطر وجمهورية الكونغو الديمقراطية على الدوام على أهمية إقامة علاقات ثنائية وفق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة لتطوير التعاون الثنائي وتوطيد السلام العالمي.
وشهدت السنوات الأخيرة تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، إضافة إلى التعاون المتزايد في المحافل الدولية، خاصة في دعم الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، والتنسيق المشترك في الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، وتبادل الخبرات في مجالات الوساطة الدبلوماسية، لا سيما وأن دولة قطر تحظى بمكانة متميزة في الكونغو الديمقراطية لدورها في دعم التنمية وتبنيها لدبلوماسية قائمة على الحوار والشراكة الاقتصادية.

وارتقى مستوى الشراكة بين دولة قطر وجمهورية الكونغو الديمقراطية بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، لا سيما في ظل حرص البلدين على تنويع الشراكات الاقتصادية غير التقليدية، إضافة إلى تعاون متزايد في المحافل الدولية، خاصة فيما يتعلق بدعم الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، والتنسيق المشترك في الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وتبادل الخبرات في مجالات الوساطة الدبلوماسية.
وفي نجاح هام لنهج الوساطة الذي تتميز به دولة قطر وفي إطار سياستها الخارجية الهادفة إلى تعزيز الأمن والسلم العالميين، أعلنت دولة قطر في الخامس عشر من شهر نوفمبر الجاري عن توقيع اتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو "حركة 23 مارس"، وهو الاتفاق الذي يمثل إنجازا مهما جديدا ضمن مسار السلام الذي تسهله دولة قطر، استنادا إلى زخم "إعلان مبادئ الدوحة" الموقع في التاسع عشر من يوليو الماضي.
اتفاق الدوحة الإطاري
ويؤكد اتفاق الدوحة الإطاري للسلام التزام الطرفين بمعالجة جذور الصراع عبر حوار منظم وتدابير لبناء الثقة ونهج تدريجي لخفض التصعيد وتعزيز الاستقرار، كما يشدد على أهمية حماية المدنيين، واحترام حقوق الإنسان، وضمان العودة الآمنة والكريمة للنازحين، ودعم المصالحة الوطنية والوحدة، ويعد اتفاق الدوحة الإطاري للسلام - الوثيقة المرجعية الأساسية لعملية السلام الأوسع.
#قنا_فيديو |
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) November 21, 2025
ثروات #الكونغو_الديمقراطية.. كنوز الأرض والطبيعة البكر#قنا #قطر pic.twitter.com/LcP3gVYsRC
ووفقا لمسار العلاقات بين دولة قطر وجمهورية الكونغو الديمقراطية في مختلف محاورها، فإن المؤشرات تتجه نحو مسار متصاعد قائم على رغبة مشتركة للبلدين في اكتشاف المزيد من الفرص التجارية والاستثمارية بين البلدين، والانطلاق إلى آفاق أرحب من التعاون، بما يخدم المصالح والتطلعات المشتركة، ومع استمرار الحوار السياسي والتعاون الاقتصادي، يمكن لهذه العلاقات أن تتطور إلى نموذج شراكة استراتيجية عربية - إفريقية تسهم في دعم الاستقرار والتنمية المستدامة والمصالح المشتركة.
ويمثل التعاون الزراعي بين البلدين فرصة لضمان أمن غذائي مستدام عبر تعزيز الاستثمارات في مشاريع زراعية مشتركة، وتعزيز قدرات الإنتاج المحلي في الكونغو، فضلا عن تعزيز الصادرات للأسواق الإقليمية والدولية، كما أن التعاون والاستثمار في قطاع المعادن النادرة مثل الكوبالت والمعادن الأخرى التي يتزايد الطلب العالمي عليها، يعد من أهم الفرص الاستثمارية لتعزيز العلاقات بين البلدين.
تعاون اقتصادي
ويمثل التعاون في مجالات الاستثمار والتنمية أحد أهم المحاور في العلاقات بين دولة قطر وجمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تتعدد مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، كما أن دولة قطر تمتلك القدرة على تقديم دعم تنموي واستثماري نوعي، بينما تقدم الكونغو موارد طبيعية هائلة وسوقا ناشئة واعدة.
وفي إطار جهودها لتعزيز الشراكة الثنائية، ساهمت دولة قطر في عدد من مشروعات تطوير شبكات الكهرباء والطرق ومحطات توليد الطاقة الصغيرة والمتوسطة، والعديد من المشاريع التنموية في العاصمة كينشاسا وعدد من الأقاليم الأخرى في الكونغو الديمقراطية.
كما شاركت قطر، عبر مؤسساتها الإنسانية مثل الهلال الأحمر وقطر الخيرية، في دعم القطاع الصحي في الكونغو الديمقراطية من خلال بناء مراكز صحية ودعم جهود مكافحة الأوبئة وتعزيز برامج رعاية الأمومة والطفولة، فضلا عن مساعدة اللاجئين والنازحين داخليا نتيجة النزاعات شرقي البلاد، ما ساهم في تعزيز صورة قطر كشريك تنموي موثوق لجمهورية الكونغو الديمقراطية.
وفي خطوة نحو تعزيز خيارات السفر وإتاحة المجال أمام المسافرين من القارة الإفريقية لمواصلة رحلاتهم عبر مطار حمد الدولي إلى وجهات مختلفة في آسيا وأوروبا وغيرها من دول العالم، دشنت الخطوط الجوية القطرية العام الماضي رحلاتها الجوية إلى مدينة كينشاسا في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ثروات الكونغو
وتعد جمهورية الكونغو الديمقراطية ثاني أكبر الدول الإفريقية مساحة، إذ تبلغ مساحتها 2,345,410 كيلومترات مربعة، منها 37 كيلومترا على ساحل المحيط الأطلسي، وتقع في قلب إفريقيا على خط الاستواء، بحدود مشتركة تصل إلى 9165 كيلومترا مربعا، وتحيط بها 9 دول إفريقية مجاورة، كما أنها من أغنى البلدان الإفريقية بالمعادن والموارد الطبيعية، وخاصة النحاس والكوبالت والزنك والماس والنيكل والكروم والبوكسيت والفوسفات والحديد والمنغنيز والذهب، حيث تقدر الموارد المعدنية الحالية من المعدن الأصفر بحوالي 750 طنا من الذهب.
كما تمتلك جمهورية الكونغو الديمقراطية 70% من الاحتياطي العالمي للكوبالت المستخدم في صناعة البطاريات والسيارات الكهربائية، ما يجعلها وجهة استراتيجية للمستثمرين القطريين، وقد جرت عدة مباحثات بين شركات قطرية وشركات تعدين كونغولية بهدف تطوير مناجم جديدة، وتحسين طرق النقل والإمداد، ودعم تقنيات التعدين المستدام.
وتتمتع الكونغو الديمقراطية بامتلاكها 80 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة و4 ملايين هكتار من الأراضي المروية، ولا يستغل منها حاليا سوى 10% فقط، بالإضافة إلى مساحات شاسعة من المراعي يمكنها تربية أكثر من 40 مليون رأس ماشية، فضلا عن إمكانات هائلة لصيد أسماك تبلغ 700 ألف طن سنويا، وتقدر احتياطات الكونغو الديمقراطية بـ 6% من احتياطيات القارة الإفريقية من النفط.
