دعا سعادة السيد سلطان بن حسن الجمّالي الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى الدفع باتجاه اعتماد صك دولي ملزم من أجل الارتقاء بحقوق الإنسان في خضم التغيرات المناخية، وتطوير آليات الحماية الدولية، بما يسهم في ترسيخ نهجٍ متعدد الأطراف لمواجهة التحديات، وضمان المساءلة، وتحقيق الانتصاف للمتأثرين بالتغيرات المناخية. مؤكداً في الوقت نفسه إن التمتع الفعلي بحقوق الإنسان، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، رهينان بقدرة المجتمع الدولي على تبني إطار مناخي عادل، يشمل تعزيز التعاون الدولي، ودعم البلدان الأقل نموًا وتنمية قدرتها على التصدي للمخاطر المناخية.
جاء ذلك خلال كلمة سعادته الافتتاحية للملتقى التشاوري الموسع الذي نظمته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالتعاون مع وزارة البيئة والتغير المناخي في دولة قطر بعنوان: "العدالة المناخية ومسؤوليات المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان" وذلك يوم الأربعاء الموافق 19 نوفمبر 2025، في بجناح دولة قطر المقام على هامش المؤتمر الثلاثين للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ، (COP30)، المنعقد في بلدية بيليم بجمهورية البرازيل الاتحادية.
حقوق الإنسان
وقال الجمّالي: يعكس تنظيم هذا الملتقى حرص اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر، على التفاعل مع قضايا تغير المناخ، ويؤكد اهتمامها بمتابعة تنفيذ إعلان الدوحة بشأن التغيرات المناخية وحقوق الإنسان، الذي تبناه المؤتمر الدولي المنعقد بالدوحة في فبراير 2023، تحت عنوان " التغيرات المناخية وحقوق الإنسان" بتنظيم من اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وبمشاركة وطنية وإقليمية ودولية واسعة. ولفت الجمّالي إلى إداراك اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان للمخاطر المترتبة على التغيرات المناخية، بما في ذلك الأثر السلبي الناجم عنها على التمتع الفعلي بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى اقترانها بنمو ظواهر أخرى تشكل تهديدًا مضاعفًا لحقوق الإنسان، وقال: من تلك الظواهر اتساع فجوة التمييز، وتفاقم تهميش الفئات الأولى بالرعاية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، والزيادة المهولة في أعداد المشردين داخليًا والمهاجرين غير النظاميين، وتصاعد التحديات الأمنية والإنسانية. وأضاف: من هنا تبرز أهمية أدوار المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في ترسيخ دعائم العدالة المناخية، من خلال مهامها المتعددة، وفي مقدمتها رفع التوصيات بشأن إدماج حقوق الإنسان في التشريعات والسياسات المناخية، والقيام بمهام الرصد، فضلًا عن تلقي شكاوى الأفراد والجماعات المتعلقة بمزاعم انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن تغير المناخ، والنظر في سبل معالجتها، وحث الحكومات على ضمان المساءلة، وتشجيع التقاضي المناخي، ودعم وصول المجتمعات المتضررة إلى آليات الانتصاف الوطنية.
وفي السياق قدم سعادة الدكتور جورجي أوجستوس نوغويرا المدافعين العام والمستشار الرئيس لشؤون البيئة وتغير المناخ والتنقل البشري تعريفاً حول إجراءات مكتب حماية البيئة في سياق التنقل البشري المتعلق بالبيئة وتغير المناخ والكوارث في سياق الفيضانات التي اجتاحت ولاية ريو غراندي دو سول البرازيلية في العام الماضي ٢٠٢٤م لافتاً إلى أن الولاية وفقًا لبيانات حكومة ولاية ريو غراندي دو سول، حتى 28 مايو 2024، تأثرت الأمطار الغزيرة التي غطت ٩٤،٧% من بلديات الولاية وتضرر 21.5% من سكانها. وقال: استجابة للوضع الخطير الناجم عن الفيضانات في ريو غراندي دو سول، أنشأت DPU برنامج قافلة الحقوق في برنامج إعادة إعمار ريو غراندي دو سول للفتاً إلى أنه تم تنفيذ البرنامج من خلال موارد من الإجراء المؤقت رقم 1,223، المؤرخ 23 مايو 2024، والذي أتاح تقديم ائتمان استثنائي لصالح مكتب المحامي العام الاتحادي، بمبلغ 13,831,693.00 ريال برازيلي. وقال نوغويرا: هدف عذا البرنامج لتعزيز تقديم المساعدة القانونية الشاملة والمجانية للأشخاص المقيمين في البلديات في ولاية ريو غراندي دو سول المتضررة من الفيضانات.

وقدم شرحاً حول كيفية عمل البرنامج من خلال البحث النشط عن السكان الذين هم في حالات ضعف أكبر في البلديات ذات السيناريوهات القصوى الناجمة عن الفيضانات، بما في ذلك المساعدة المتخصصة لمجتمعات السكان الأصليين، ومجتمعات كويلومبولا، والأشخاص المسجونين، والسكان المشردين.
بعثات ميدانية
وفيما يتعلق باستراتيجية جمع المعلومات، قال نوغويرا: تم استخدام نماذج جمع المعلومات الخدمية كمصدر للتحليل. بالنسبة لبعد الخدمة الافتراضية، تم استخدام جداول بيانات التحكم والإدارة من أمانة الوحدات للخدمات المتكاملة (SSIU). وأضاف: في الفترة من 1 يوليو إلى 25 أكتوبر 2024، تم تنفيذ عشر بعثات لوحدة حماية البيئة في أراضي السكان الأصليين وخمس بعثات في أراضي كويلومبولا المتضررة من الأمطار، بإجمالي 15 مهمة في 14 "مجتمعًا متأثرًا".
وأشار إلى أن الظروف المستفادة من هذه التجربة كانت من خلال معرفة نقاط القوة والصعوبات. وقال: من حيث نقاط القوة ققد أدى إجراء البعثات من خلال البحث النشط عن السكان المتضررين إلى الوصول إلى المجتمع الاجتماع وأتاح المشروع، من خلال تعزيز الوساطة والتوفيق، حل النزاعات دون الحاجة إلى إجراءات قضائية رسمية كما كان لدى البرنامج نظام مراقبة وتقييم مع استخراج بيانات يومية مما يسمح بالتفكير في الإجراءات والاستراتيجيات بمرونة والسعي إلى حل المشكلات بشكل فوري وكان المشروع مبتكرا في اقتراح الشراكات مع الوكالات الأخرى، وتوسيع نطاق تأثير الإجراءات واستدامتها. وأضاف: أما الصعوبات فتتمثل في زيادة القدرة المركبة للمؤسسة كاستجابة للمشاكل المعقدة والحاجة إلى التزام الحالات المحلية لزيادة فعالية البرنامج.
من جهتها قالت سعادة السيدة راكيل كابابيرو دي غفيارا أمين مظالم حقوق الإنسان في السلفادور: إن بلدي السلفادور هو الأصغر في أمريكا الوسطى من حيث مساحة الأرض، وقد مر عبر التاريخ بأوقات عصيبة، حيث تغلب على الصراعات المسلحة والأزمات الاقتصادية والزلازل والأضرار المختلفة التي سببتها في أوقات مختلفة حالات الجفاف الشديد والفيضانات نتيجة الظواهر الطبيعية؛ وأضافت: لكن اليوم أستطيع أن أقول بكل فخر أن السلفادور هي مثال للسكان الذين، على الرغم من المحن الماضية، حولوا أنفسهم وأعادوا بناء أسس حقوق الإنسان والمصالحة. مشيرة إلى أهمية الحاجة إلى تحليل وكشف آثار تغير المناخ على حقوق الإنسان في كل بلدان العالم. وقالت: على الرغم من اختلاف واقعنا، إلا أن هناك تأثيرات مشتركة تؤثر علينا جميعًا بسبب تغير المناخ، مثل أزمتي الماء والغذاء، والنزوح القسري، والعديد من التأثيرات الأخرى. وقد أصبحت هذه حتماً التحدي الرئيسي الذي يواجه الكوكب اليوم.
التزام إنساني
وجددت غفيارا التزامها بمواصلة العمل من أجل حماية البيئة ومن أجل الفئات السكانية الأكثر ضعفاً، وقالت: معالجة قضية تغير المناخ ليست مجرد مسألة مصطلحات، ولكنها ضرورة حتمية في الدفاع عن حقوق الإنسان؛ وأن تعزيز العدالة المناخية هو أيضًا مسألة عدالة اجتماعية.
وأوضحت أن المخاطر تتفاقم بسبب نقاط الضعف الجغرافية والبنية الأساسية والاجتماعية التي تعاني العديد من الدول، وقالت فبينما تؤثر هذه المخاطر على العالم بأسره، فإن العواقب الأكثر تدميرا تعاني منها السكان المستبعدون تاريخيا الذين يعيشون في ظروف هشة، وكذلك البلدان التي تساهم بأقل قدر من انبعاثات غازات الدفيئة.، وأعربت غفيارا عن قلقي إزاء آثار تغير المناخ في بلادها وخاصة على الظروف المعيشية للنساء والأطفال والمراهقين والمسنين والسكان الذين يعيشون في فقر والسكان الأصليين.
وتناول الملتقى التشاوري ثلاثة أوراق عمل حيث تطرقت الورقة الأولى لدور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في تعزيز النهج القائم على حقوق الإنسان في قضايا تغير المناخ، قدمها السيد حمد سالم الهاجري مدير إدارة البرامج والتثقيف باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر.
بينما قدمت الورقة الثانية ، السيدة ألين لاروييد، مساعدة النائب العام الاتحادي للدفاع العام، بالبرازيل حول الحوكمة المناخية والانتصاف الفعّال: تجربة الدفاع العام في حماية حقوق الضحايا. وناقشت الورقة الثالثة التعاون المؤسسي في حماية حقوق الإنسان ومواجهة تحديات تغيّر المناخ، السيدة روزا غييرمينا ساندوفال، نائبة المدعي العام للحقوق البيئية بالسلفادور
وعلى هامش قمة الـ (COP30) بالبرازيل واجتمع سعادة السيد سلطان بن حسن الجمّالي الجمّالي الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان مع سعادة الدكتورة راكيل كاباييرو دي غيفارا - أمينة المظالم في السلفادور، حيث أكد على العلاقات الثنائية المتميزة بين المؤسستين والتعاون المستمر، بما في ذلك تبادل الخبرات المهنية والتنسيق في الفعاليات الدولية.
ونوه إلى محاور الخطة الاستراتيجية الحالية للجنة، وخاصة ما يتعلق بالتطوير المؤسسي والرقمنة وحماية الفئات الأكثر احتياجًا، مع التركيز على توجه اللجنة نحو تعزيز الشراكات الدولية كأحد أعمدة عملها الاستراتيجي، مشيدًا بالتنسيق المشترك في تنظيم الحدث الجانبي على هامش قمة الأمم المتحدة للمناخ.
وتناول الاجتماع التخطيط لأنشطة وبرامج مشتركة في الموضوعات ذات الاهتمام المشترك مثل حقوق المرأة والفئات الضعيفة وتعزيز ثقافة السلام، واقترح الجمّالي تنظيم فعاليات أو أنشطة جانبية مشتركة على هامش دورات مجلس حقوق الإنسان في جنيف لتعزيز الحضور الدولي للمؤسستين.
وأكد الجمّالي على حرص اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان على تعزيز آفاق التعاون المستقبلي، وبحث الجانبان إمكانية توقيع مذكرة تفاهم أو خطة عمل مشتركة لتعزيز التعاون المؤسسي.
