في مشهد يعبّر عن روح الابتكار وسط الدمار، نجح الشاب الغزّي يحيى حجيج في تحويل بقايا مدرعة إسرائيلية مدمّرة إلى محطة لشحن الهواتف المحمولة داخل حي تل الهوى جنوبي غزة، لتتحول الآلية التي كانت رمزًا للخوف إلى مساحة تُعيد بعضًا من نبض الحياة للسكان.

فعلى مدى أكثر من عامين يعيش أهالي القطاع من دون كهرباء، ما جعل شحن الهواتف تحديًا يوميًا يشبه الانقطاع عن العالم الخارجي. ومن بين الركام، وجد يحيى فرصة مختلفة. فبعد بحث طويل عن مكان يقيم فيه مشروعًا صغيرًا، صادف ناقلة جند إسرائيلية مدمرة ومساحتها الداخلية شبه فارغة، فقرّر استغلالها.

يقول يحيى: "نظّفتها خلال أسبوع، وأزلت الركام والزيوت وآثار البارود، ثم بدأت بتمديد الأسلاك وربطها بالطاقة الشمسية". وبذلك تحوّلت المدرعة التي كانت تُستخدم لنقل الجنود إلى مساحة آمنة تزوّد السكان بالطاقة مقابل سعر رمزي، كما أصبحت مأوى مؤقتًا له خلال الشتاء.
تجربة يحيى تحمل بعدًا شخصيًا مؤلمًا، إذ فقد عائلته في قصف استهدف منزلهم القريب من مكان المدرعة. ورغم ذلك، حاول أن يجعل من أدوات الحرب وسيلة للحياة: "حوّلت شيئًا كان يجلب الخوف لسكان غزة إلى مكان يخدم الناس"، كما يقول.

النازحون وسكان الحي رحّبوا بالفكرة سريعًا، بعد أن تبدد خوفهم الأولي من شكل الآلية. وأصبحت المحطة وجهة يومية لشحن الهواتف في منطقة تعيش بلا كهرباء منذ أكثر من عامين.

محمد سكيك، أحد النازحين، يصف المشروع بأنه "إنجاز كبير يعيد بعض الحياة للحَيّ"، مشيرًا إلى أن سكان المنطقة يترددون عليه باستمرار. ويضيف: "هذا المشروع يعبّر عن صمود الفلسطينيين… ننهض مثل طائر العنقاء من بين الركام، ونحوّل الظروف القاسية إلى فرصة جديدة للحياة".
