افتتحت المؤسسة العالمة للحي الثقافي كتارا، اليوم، معرضي "الدلة" و"هندام" اللذين يضيئان جوانب مهمة من الذاكرة القطرية ويجذبان اهتمام الجمهور والزوار بما يقدمانه من مقتنيات نادرة ومواد توثيقية غنية.
حضر الافتتاح الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي المدير العام للمؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا، وسعادة الدكتور مصطفى كوكصو سفير الجمهورية التركية لدى الدولة، وجمع من الفنانين والمهتمين بالتراث والفنون.
إقبال جماهيري
ويأتي المعرضان، اللذان يستمران حتى الثامن عشر من شهر ديسمبر الجاري، ضمن فعاليات كتارا المصاحبة لبطولة كأس العرب FIFA قطر 2025 ، والتي تشهد إقبالاً جماهيرياً من مختلف الفئات، تؤكد المؤسسة العامة للحي الثقافي من خلالها الحرص على حماية الإرث الثقافي القطري وتقديم فعاليات نوعية تبرز ثراء الثقافة القطرية ضمن أجواء البطولة الرياضية.
وفي هذا السياق، أكد السيد سالم مبخوت المري مدير إدارة العلاقات العامة والاتصال بكتارا، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن المعرضين يأتيان حرصاً من كتارا على الاهتمام بالموروث القطري، من خلال فعالياتها المتواصلة، لاسيما في زخم بطولة كأس العرب FIFA قطر 2025، بتقديم فعاليات ثقافية وتراثية، وأخرى متنوعة، تعكس هذا الاهتمام، لتسليط الضوء على الموروث القطري وإبرازه بالشكل الذي يليق به.
ووصف معرض "الدلة"، بأنه من أكبر المعارض المتخصصة في القهوة، كونه يركز عليها، وكذلك على الدلة، وما يتعلق بهما من تفاصيل، تعكس جوانبهما التراثية والثقافية المختلفة، لافتاً إلى أن معرض "هندام"، يعد أيضاً من المعارض التراثية المهمة، التي تتناول الملابس التراثية في قطر ودول الخليج العربية، سواء الرجالية، أو النسائية، ما يجعله من المعارض المميزة، داعياً الجمهور إلى زيارة المعرضين، للتعرف على ما يقدمانه من نفائس وكنوز تراثية.
ويسلط معرض "الدلة"، من مقتنيات السيد عبدالعزيز البوهاشم السيد الباحث في التراث والتاريخ، الضوء على تاريخ القهوة العربية ورمزيتها في الكرم والضيافة، حيث يعرض دِلالاً نادرة، أبرزها دلة قريشية الحساء التي تعود إلى نحو 130 عاماً وتقدر قيمتها بـ170 ألف ريال قطري، إضافة إلى دلة الرسلان الشهيرة التي استخدمها أهل قطر ونجد والكويت، وصُنعت قبل 145 عاماً، وهي أصل التطوير الذي وصلت إليه الدلة القطرية المعروفة اليوم.
ويقوم المعرض على رؤية ثقافية تهدف إلى إبراز مسار القهوة، ويوثق أدوات الضيافة التقليدية مثل المحاميس والهاون والفناجيل والمبرد والمنافيخ وغيرها من الأدوات التي شكّلت ملامح المجالس القديمة.
كرم الضيافة
وحول الرسالة من وراء مشاركة مقتنياته في معرض "الدلة"، أكد السيد عبدالعزيز البوهاشم السيد، في تصريحات مماثلة لـ"قنا" أنه حرص على إطلاع زائري دولة قطر، وتحديداً كتارا على كرم الضيافة القطرية والخليجية والعربية بشكل عام، في رمزية عكستها مقتنيات المعرض، وذلك من خلال الدلة، وتقديم القهوة، وكل ما يتعلق بهما من تفاصيل.
وقال "إن المعرض يتناول قصة عرض القهوة، وتاريخها، منذ انتشارها في اليمن، ثم مكة المكرمة ومنهما إلى القاهرة، وصولاً إلى إسطنبول ومنها إلى العالم، وذلك عبر رحلة استمرت قرابة 400 عام، لافتا إلى أن المعرض يضم أكثر من 400 قطعة، من مقتنياته الخاصة، والتي تصل إلى قرابة ألف قطعة من هذا النوع، الذي يعبر عن الدلة والقهوة، وحرصه على عرض نوادرهما، مع تقديم شرح كامل عن القهوة وتاريخها، لافتاً إلى أن اقتناءه لهذه القطع جاء نتيجة شغفه بهذه المقتنيات، التي اقتناها من عدة دول، من بينها السعودية واليمن ودول أوروبا، بالإضافة إلى قطر.
وحول سبب اختياره للقهوة لتكون محوراً للمعرض، أرجع ذلك إلى كونها تعد رمزية عن الكرم القطري، وحضورها الدائم في المجالس، ما جعلها راسخة في وجدان المواطن القطري والعربي، مؤكداً أهمية مثل هذه المعارض، في إحياء التراث القطري، وإبراز الثقافة القطرية الأصيلة.
أما معرض "هندام"، فيعرض خلاله السيد عبدالله لحدان المهندي، الباحث في التراث القطري، مجموعة واسعة من الملابس الشعبية القطرية للرجال والنساء والأطفال، مستعرضاً أكثر من 120 قطعة من مقتنياته الخاصة، منها نماذج من الشال (الغترة) والبشت القطري والعباءة النسائية، إضافة إلى أزياء مصنوعة بطريقة الكُرار التي باتت شبه مندثرة، فضلاً عن عرض نادر لـ"ثوب النشل" عبر نحو 40 ثوباً من حقب الأربعينيات حتى السبعينات من القرن الفائت، وهي قطع لم تعد متوفرة في الأسواق القطرية.
وفي هذا الإطار، أكد السيد عبدالله لحدان المهندي، في تصريحات مماثلة لـ"قنا"، أن المعرض يضم جزءاً من الملابس التراثية الشعبية القطرية، يسلط من خلالها الضوء على أهمية هذه الملابس، كجزء من الملابس التراثية، سواء الرجالية، أو النسائية، ومنها الشال، والبشت، وثياب النقدة، فضلاً عن البخانق، الخاصة بالبنات، لافتا إلى سعي المعرض إلى إبراز الجانب التراثي الخاص بالملابس لتكون ماثلة أمام الجيل الحالي والأجيال الأخرى اللاحقة، لاسيما أنه استغرق قرابة 40 عاماً في اقتناء هذه القطع، خاصة أن أغلبها نادر للغاية، ما جعله يحرص على اقتنائها، والحفاظ عليها، باستخدام الأساليب العلمية في حفظ مثل هذه المقتنيات.
وعن أبرز القطع التي يضمها المعرض، أكد المهندي أن أبرزها أحد أنواع ثوب النشل، وهو عبارة عن "كورار شيوخي"، كما كان يُسمى من قبل، ويصل عمره إلى 70 عاما، وما زال يقتنيه، وفي حالة جيدة من الحفظ، ويبدو جديداً للغاية.
