الاستراتيجية تتيح كسر الحواجز بين مستويات التعليم المختلفة سواء في التعليم الأكاديمي أو التجارب التعليمية غير الأكاديمية
قمنا بتخريج أكثر من 4000 طالب حتى الآن والعديد منهم يشغلون مناصب قيادية رئيسية في الدولة
كشفت السيدة هند زينل، المدير التنفيذي للإدارة والاستراتيجية والشراكات في قطاع التعليم العالي بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، عن أن استراتيجية المؤسسة الجديدة تعتمد على نموذج «المدينة المُتعددة» في التعليم العالي، وهو نموذج يهدف لتحقيق التكامل بين المؤسسات التعليمية العالمية في جميع مراحل التعليم، والكيانات البحثية، وحاضنات المشاريع، مع توفير البنية الأساسية الداعمة في منظومة تتميز بالتكامل والمرونة.
وسلطت السيدة هند زينل، في حوار خاص مع وكالة الأنباء القطرية «قنا»، الضوء على ملامح هذه الاستراتيجية التي تُمكّن الطلاب في جميع المراحل التعليمية، وأعضاء هيئة التدريس، والموظفين، وكذلك أعضاء المجتمع من خارج المؤسسة، من اختيار المسارات التعليمية والتدريبية الأنسب لهم، كما تتضمن المزيد من التكامل والتعاون بين مرحلة التعليم العالي ومرحلة التعليم ما قبل الجامعي بمؤسسة قطر، إضافةً إلى توطيد التعاون في المجالات الرئيسية مع قطاع تنمية المجتمع وقطاع البحوث والتطوير والابتكار في المؤسسة.
المدينة المتعددة
وبينت أن نموذج «المدينة المتعددة» يتيح كسر الحواجز بين مستويات التعليم المختلفة، سواء في التعليم الأكاديمي أو التجارب التعليمية غير الأكاديمية، ويُمكن الطلاب من قيادة العملية التعليمية بأنفسهم واختيار أسلوب التعليم المُناسب لهم، ما يوفر لهم – في مراحل رياض الأطفال وحتى التعليم الثانوي – المزيد من فرص التفاعل مع طلاب الجامعات وأعضاء هيئة التدريس لصقل مهاراتهم. وضمن هذه الاستراتيجية، تم وضع رؤية وخريطة طريق واضحة للتنفيذ. وأضافت: إن مؤسسة قطر ستشهد المزيد من التعاون في مجال التعليم العالي مع الجامعات الشريكة، وجامعة حمد بن خليفة، ومؤسسات التعليم العالي الأخرى في الدولة مثل جامعة قطر، مشيرة إلى أن مؤسسات التعليم العالي في جميع أنحاء العالم تسعى إلى إيجاد التكامل بين المجالات الأدبية والعلمية والعلوم الإنسانية وكسر الحواجز بين الكليات المختلفة داخل الجامعة الواحدة.
كما أوضحت أن مؤسسة قطر لديها 8 جامعات مستقلة تعمل تحت مظلتها، وقد نجحت على مدار سنوات في تحقيق هذا التكامل، من خلال إتاحة إمكانية التسجيل المتبادل لبعض المُقررات والشهادات العلمية المشتركة، مُعربة عن تطلعها إلى مواصلة هذه الجهود المُثمرة وتوفير المزيد من فرص التعاون في المستقبل، ومشاركة تجربة مؤسسة قطر ونتائج خبراتها مع بقية العالم، والاستفادة من مؤسسات التعليم العالي العالمية الأخرى، وترسيخ مكانة مؤسسة قطر كمركز للابتكار في التعليم العالي ووجهة عالمية للمتميزين والموهوبين.
وعن انعكاس هذه الاستراتيجية على تجربة الطلاب في المؤسسة، أوضحت السيدة زينل، أن المؤسسة تسعى اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى التأكد من تمتع الطلاب بقدر أكبر من المرونة للتعلم خارج الحدود التقليدية في البرامج الأكاديمية الرسمية، وبناء مستقبل قطر من خلال تنشئة أشخاص موهوبين، ذوي معرفة جيدة بالقيم، ومُلتزمين بقيادة مجتمعاتهم وتشكيلها، وذلك من خلال توفير الفرص لمستوى عالمي من التعليم، مصمم بشكل فردي في منظومة شاملة ومبتكرة.
كسر الحواجز
وذكرت أن المؤسسة تعمل من خلال استراتيجيتها الجديدة على تعزيز التعاون بين الجامعات في مؤسسة قطر وكسر الحواجز التقليدية بين التعليم من مرحلة رياض الأطفال وحتى التعليم الثانوي والتعليم العالي، لافتة إلى أن من الأفكار المطروحة حاليًا، منح الطلاب الفرصة لاختيار المسارات التعليمية الأنسب لهم، وذلك من خلال مبادرة «مسارك» التي تتيح إمكانية التسجيل المُشترك بين جامعات المؤسسة، فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك طالب مهتم بحل مشكلة ندرة المياه في جزء معين من العالم، يمكنه من خلال هذه المبادرة أن يحضر دروسًا في الهندسة في جامعة تكساس إي آند إم في قطر، بالإضافة إلى دروس جيوسياسية مزدوجة في جامعة جورجتاون في قطر، ودروس التصميم في جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر، أي يمكن للطالب تخصيص ما يتعلمه وفقًا لاهتماماته.
وعن دور هذه الاستراتيجية الجديدة في دعم سوق العمل والاقتصاد في قطر، أوضحت أن عملية تطوير الاستراتيجية تمت بصورة تعاونية شارك فيها خبراء محليون وعالميون بالإضافة لطلاب وخريجين وشركاء لمؤسسة قطر من مختلف القطاعات والجهات المعنية المحلية.
أدركنا الحاجة المُلحة إلى توثيق التعاون بين نظامنا التعليمي وسوق العمل والقطاعات المختلفة في قطر
وقالت: «من خلال إشراك كل هذه الأطراف، أدركنا الحاجة المُلحة إلى توثيق التعاون بين نظامنا التعليمي وسوق العمل والقطاعات المختلفة في قطر. على سبيل المثال، رأينا أن سوق العمل في قطر سيواجه تغييرات كبيرة مستقبلًا، وتشير التقديرات إلى أن حوالي 50 بالمئة من الوظائف الحالية في سوق العمل القطري قد تخضع إلى عملية «الأتمتة»، وتعالج استراتيجيتنا هذا التحدي، ونحن نعمل على إنشاء قنوات للتعاون مع سوق العمل والتركيز بشكل أكبر على تطوير مهارات الطلاب، بما يتماشى مع احتياجات سوق العمل».
وتابعت السيدة هند زينل المدير التنفيذي للإدارة والاستراتيجية والشراكات في قطاع التعليم العالي بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع: «نعلم أيضًا أن خريجينا يتميّزون بالمهارات التي تجعلهم مطلوبين بشدة من قِبل أصحاب العمل، وأهمها التواصل الفعال والإبداع ومهارات التعامل مع الآخرين، وقد حرصنا على تكريس هذه المهارات لتسهيل انخراطهم في بيئة العمل، فعلى سبيل المثال، إحدى مبادرات استراتيجية التعليم العالي هي «جواز سفر المهارات»، وهي عبارة عن وثيقة شاملة تضم المعلومات الأكاديمية الخاصة بالطلاب، وتشمل مهاراتهم وتجاربهم، مثل الإبداع والقيادة، وتقديم حلول للتحديات، والأنشطة اللامنهجية. وهذا يعني أنه بمجرد تخرج الطالب، فهو لن يحصل فقط على شهادة من إحدى جامعاتنا المرموقة، بل سيكون لديه أيضًا جواز سفر بمهاراته التي ستعد مرجعًا لأصحاب العمل يثبت لهم ما يمكنه تقديمه».
تطوير المشهد التعليمي
وعن كيفية إسهام هذه الاستراتيجية الجديدة في ربط منظومة مؤسسة قطر بالمشهد التعليمي في الدولة ككل، قالت زينل: إن مؤسسة قطر تسعى لتوسيع نطاق تعاونها إلى خارج حدود المدينة التعليمية وتعزيز دورها في تطوير المشهد التعليمي في قطر بشكل عام، لذا، تركز الاستراتيجية بشكل خاص على العمل مع الجهات المعنية المحلية، ومع الجامعات الأخرى، ومشاركة الأهداف والتوجهات معها حتى تتمكن معهم من المضي قدمًا في هذه الرحلة.
نسعى أكثر من أي وقت مضى إلى التأكد من تمتع الطلاب بقدر أكبر من المرونة للتعلم خارج الحدود التقليدية في البرامج الأكاديمية الرسمية
وضربت السيدة هند زينل المثل بإحدى المبادرات التي تشملها استراتيجية التعليم العالي وهي مبادرة «منارة الموارد البشرية في دولة قطر»، والتي تهدف إلى أن تكون مصدرًا للمعلومات ذات الصلة والمحدثة والموثوقة حول مستقبل العمل في قطر. وتطوير هذا المشروع بالتعاون مع الجهات المعنية في الدولة لتقديم لمحة عامة حول التحول الذي سيشهده سوق العمل في قطر خلال السنوات الخمس أو العشر أو العشرين القادمة. وعن دوافع إطلاق استراتيجية جديدة للتعليم العالي في هذا الظرف العالمي الصعب، أوضحت أن تطوير هذه الاستراتيجية بدأ قبل جائحة «كوفيد-19»، إلا أن الوباء تحدى عقودًا من الافتراضات العالمية في التعليم العالي حول الطريقة الأنسب للتعليم «وقد شكلت الجائحة فرصة لتحدي أنفسنا، وافتراضاتنا، والتعلم من جديد مع طلابنا. فاليوم، توجد مساحة أكبر لدمج منصات التعلم الرقمية والاستفادة من الخبرات العالمية دون الحاجة إلى السفر».
وأضافت : «رغم فخرنا بما تم إنجازه، إلا أن هناك حاجة لتقييم ما حققناه كي نمضي قدمًا بما يتماشى مع أهداف الدولة، وللتصدي للتحديات التي يواجهها التعليم العالي محليًا وعالميًا، فعلى سبيل المثال، نحن نعلم أن الحاجة إلى المهارات الشخصية والمعرفية والتكنولوجية ستنمو بنسبة بين 20 إلى 50 بالمئة في العقد المقبل، ما يتطلب من المؤسسات التعليمية تعزيز مهارات طلابها، وخلق روابط متينة مع سوق العمل للاستجابة لمتطلباته المستقبلية، وهناك أيضًا العديد من التحديات في قطاع التعليم العالي على مستوى العالم والتي تؤثر على كيفية استجابتنا واستراتيجيتنا محليًا. على سبيل المثال، الطلاب من مواليد التسعينيات إلى مواليد العقد الأول من الألفية الثانية يتلقون التعليم بشكل مختلف تمامًا عن الأجيال السابقة، مما يؤكد أهمية أن نقوم بتلبية احتياجات طلاب اليوم، وبتصميم استراتيجيتنا بما يعزز قدراتهم على اختيار المسارات التعليمية الأنسب لهم. وتابعت: «على سبيل المثال، يقدم التعليم العالي في مؤسسة قطر، والذي يضم 8 جامعات شريكة إلى جانب جامعة حمد بن خليفة الوطنية، أكثر من 70 برنامجًا بما في ذلك برامج البكالوريوس والدراسات العُليا والدكتوراه وبرامج التعليم التنفيذي.
مناصب قيادية
قمنا بتخريج أكثر من 4000 طالب حتى الآن، والعديد منهم يشغلون مناصب قيادية رئيسية في الدولة، كما أن لدينا حاليًا أكثر من 3000 طالب مسجلين في برامجنا، ويتمتع العديد منهم بالقدرة على التسجيل في الفصول الدراسية في أي من برامج التعليم العالي في مؤسسة قطر، إضافة إلى ذلك، يتمتع الطلاب بنسبة جيدة جدًا مقارنة بنسبة أعضاء هيئة التدريس، وهي نسبة 1:6، ما يُعزز إمكانية التركيز الفردي على الطلاب ودعمهم بشكل أفضل». وقالت السيدة هند زينل: «كل ما نريده لأبنائنا هو أن يتألقوا وينجحوا في الحياة، ولكي يحققوا ذلك، يجب أن يكونوا أفرادًا فاعلين، وهذا لا يشمل فقط ما تعلموه، فهم لا يحتاجون إلى أن يكونوا مهندسين أو أطباء أو فنانين ليكونوا ناجحين، بل يجب عليهم تطوير كافة جوانب شخصياتهم، ومؤسسة قطر هي المكان المُناسب لذلك، حيث يوفر التعليم العالي في مؤسسة قطر فرصة الدراسة في جامعات عالمية داخل قطر ولا يقتصر الأمر على حصول الطالب على شهادة مطابقة للشهادات المعطاة من قِبل الحرم الجامعي الأصلي، مما يوفر له فرصًا عالمية للتوظيف، بل إن الفرص التي تم وضعها انطلاقًا من الخبرات المحلية والدولية لنخبة من أفضل الشركاء التعليميين الدوليين، تمكن الطلاب من الاستفادة من البرامج التي تقدمها كافة الجامعات، من أنشطة لامنهجية ودورات معتمدة متنوعة، وهو ما يمنحهم الفرصة للتجربة، وتطوير الجوانب المختلفة لشخصيتهم بالطريقة الفضلى بالنسبة لهم».