أشار أحدث تقرير لبنك قطر الوطني QNB، إلى أنه على الرغم من المخاوف الأخيرة بشأن سلالة أوميكرون المتحورة من كوفيد-19، إلا أن التعافي الاقتصادي العالمي لا يزال قويًا.
وأشار التقرير، الذي نشرت نتائجه وسائل إعلام عدة، أن مؤشرات النشاط في معظم الاقتصادات المتقدمة تعد "بشكل مريح في مرحلة توسع".
السياسات النقدية تتغير
ويرى التقرير أن هذا التعافي القوي، أدى في الواقع إلى جانب الضغوط المرتبطة بالتضخم، إلى حدوث تغيرات جذرية في السياسات النقدية للعديد من البنوك المركزية، حيث بدأ صناع السياسات في تغيير موقفهم من التيسير إلى "التطبيع" أو حتى التشديد، ليؤدي ذلك إلى تبني بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي لمواقف تميل أكثر نحو "التشديد".
تقرير QNB: الصين الاقتصاد الكبير الوحيد الذي حقق نموًا إيجابيًا في الناتج المحلي الإجمالي خلال 2020
في المقابل، ذكر التقرير أن الصين تمر حاليًا ببيئة اقتصاد كلي مختلفة، وبالتالي فإن العوامل المحركة لسياستها النقدية مختلفة، موضحًا أنه بعد الانهيار المفاجئ في الطلب والنشاط في الربع الأول من 2020، عندما تقلص الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 6.8% على أساس سنوي، حققت البلاد تعافيًا كبيرًا استمر من منتصف 2020 إلى منتصف 2021.
ولفت التقرير إلى أن الصين الاقتصاد الكبير الوحيد الذي حقق نموًا إيجابيًا في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الماضي، كانت متفوقة على البلدان الأخرى في الدورة الاقتصادية خلال عدة أرباع.
سحب مبكر لسياسات التحفيز
ومضى التقرير إلى القول "لكن هذا الأداء القوي أدى إلى سحب مبكر لسياسات التحفيز في الصين منذ عدة أشهر، ففي الجانب المالي، تم تشديد السياسة مع إنهاء الإعفاءات الضريبية وتخفيض الإعانات الاجتماعية الاستثنائية وتقليص الدعم للاستثمارات العامة.
وعلى الجانب النقدي، تراجعت عمليات ضخ السيولة بشكل ملحوظ منذ الربع الأخير من 2020، وانخفض نمو المعروض النقدي (M2) إلى معدل أقل من نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، ما يعني ضمنيًا تبني موقف أكثر تشددًا بشأن السياسة النقدية في بداية العام الحالي.
علاوة على ذلك، بدأت الحكومة أيضًا حملة شاملة لتشديد الضوابط في قطاعي العقارات والشركات، مما أدى إلى إضعاف معنويات الأعمال واحتواء التعافي الكبير في الاستثمارات الخاصة منذ ذلك الحين".
فقدان سريع للزخم
وأوضح تقرير بنك قطر الوطني أنه نتيجة لذلك، فقد التعافي الاقتصادي في الصين الزخم بسرعة أكبر من الاقتصادات الرئيسية الأخرى منذ الربع الثاني من عام 2021.
وبلغ مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع في الصين، وهو مؤشر قائم على الاستطلاعات يرصد التحسن أو التدهور في عدة مكونات للنشاط مقارنة مع الشهر السابق، ذروته عند 55 نقطة في نوفمبر 2020، قبل تراجعه تدريجيًا إلى حوالي 50 نقطة في نوفمبر 2021.
وعادةً يُعد مستوى 50 نقطة هو الحد الفاصل في المؤشر بين التغيرات الانكماشية (أقل من 50) والتغيرات التوسعية (فوق 50) في ظروف الأعمال ، وبعبارة أخرى، تشير البيانات عالية التردد إلى أن النشاط الاقتصادي في الصين يقترب من منطقة الانكماش.
الصين تعكس سياستها النقدية
في ضوء ذلك، وفق التقرير، بدأ صناع السياسة الصينيون بالفعل في عكس مسار السياسة النقدية من التشديد إلى التخفيف، مشيرًا إلى أنه في الأسابيع الأخيرة، قرر بنك الشعب الصيني خفض نسبة الاحتياطي المطلوب لمجموعة أوسع من المؤسسات المالية بمقدار 50 نقطة أساس، وذلك بهدف زيادة الدعم للاقتصاد الحقيقي.
وأطلق بنك الشعب (المركزي الصيني) 1.2 تريليون رينمنبي (حوالي 190 مليار دولار أمريكي) للنظام المصرفي، موضحًا أن هذا كان هو الإجراء الأول فقط في دورة أكثر شمولاً لتدابير التخفيف، في حين خفض البنك مؤخرًا سعر الفائدة الأساسي على الإقراض لسنة واحدة بمقدار 5 نقاط أساس.
عوامل دعمت التيسير
وذكر التقرير أنه ثمة عوامل تدعم الموقف "المتساهل" (الداعم والمُيّسر) لصانعي السياسات في الصين، أولها ما تعكسه المؤشرات الرئيسية إلى تباطؤ حاد في النمو في الصين خلال الأشهر المقبلة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى ما دون معدل النمو المستهدف في السياسة الاقتصادية المتمثل في "حوالي 5%" لعام 2022.
التقرير: إجراءات التحفيز ضرورية لتحويل وضع الائتمان في الصين نحو موقف أكثر دعمًا
كما يشير التدفق الائتماني للصين، وهو مؤشر يقيس الدفع النسبي من التمويل الاجتماعي للنشاط الحقيقي، والذي يقود مؤشرات النشاط الأخرى بحوالي 6 أشهر، إلى تباطؤ حاد في النمو في الصين خلال الدورة الاقتصادية التالية، معتبرًا إجراءات التحفيز ضرورية لتحويل وضع الائتمان نحو موقف أكثر دعمًا.