أكد سعادة السيد إيفاريست بارتولو وزير الشؤون الخارجية والأوروبية في جمهورية مالطا، أن دولة قطر تتسم بالحكمة والذكاء في إدارة مواردها وعلاقاتها، مشيدًا بنجاحها في إرساء سياسة خارجية مستقلة تؤهلها للوساطة الناجعة في حل النزاعات سلميًا.
وقال سعادته في حوار خاص مع الراية في ختام زيارته للدوحة، إن قطر ومالطا لهما رؤى مشتركة حول ليبيا التي تقع في الجوار الجغرافي لبلاده، بدعم الحوار والحل السياسي بين كافة الأطراف من أجل تحقيق السلام والازدهار الذي يستحقه الشعب الليبي.
كما أعلن عن الاستعداد لافتتاح سفارة مالطا في الدوحة قريبًا ما يعزز علاقات البلدين التي وصفها بالممتازة، معربًا عن تطلعه إلى تطوير هذه العلاقات خاصة في قطاعات التجارة والأعمال.
وأوضح سعادة وزير الشؤون الخارجية في مالطا – عضو الاتحاد الأوروبي – أن هدف زيارته للدوحة هو فتح الأبواب لتعزيز وتطوير التعاون بين البلدين بما يحقق المصالح المشتركة لشعبيهما، معربًا عن أمله في إعادة تشغيل الخط الجوي المباشر بين الدوحة وفاليتا عاصمة مالطا بعد توقفه بسبب جائحة كورونا، مشيرًا إلى فرص واعدة للمستثمرين القطريين في بلاده التي تتمتع بموقع استراتيجي للسفر والتجارة بين قارتي أوروبا وإفريقيا.
كما أشاد سعادته بالنمو الذي تحققه الاستثمارات القطرية في مالطا مؤكدًا على أهمية المباحثات الجارية لتوقيع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات بين البلدين بما يتوافق مع لوائح الاتحاد الأوروبي وبما يعزز من فرص الاستثمار في قطاعات مهمة مثل التجارة والسياحة والنقل والموانئ.
كما أشار سعادة وزير الشؤون الخارجية في مالطا إلى أن هناك مباحثات لاتفاقيات جديدة بين البلدين في التعليم والبحث العلمي ومكافحة الجريمة المنظمة وغيرها، فيما أشاد باستعدادات قطر لاستضافة مونديال ٢٠٢٢ وغيرها من التفاصيل في سطور الحوار التالي:
سعادة الوزير.. نبدأ من زيارتكم للدوحة والهدف منها وتقييمكم لعلاقات البلدين بصفة عامة؟
لدينا علاقات ممتازة، وترتبط قطر ومالطا بعلاقات دبلوماسية منذ ٤٥ عامًا وشهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات العشر الأخيرة، ولكن يمكننا تطويرها أكثر خاصة في قطاعات التجارة والأعمال. ولعبت مالطا دورًا مهمًا بإعطاء الخطوط الجوية القطرية إمكانية الهبوط على أراضينا خلال الحصار، وكان أمرًا مهمًا للبلدين خاصة أن هناك الكثير من مواطني مالطا يسافرون إلى استراليا ذهابًا وإيابًا عبر الدوحة. ونأمل إعادة تشغيل هذا الخط الجوي المهم الذي توقف بسبب جائحة كورونا حيث إن الاستثمارات الجديدة سوف تعتمد عليه أيضًا.
افتتاح السفارة
وكيف وجدت استعداد قطر لتطوير العلاقات.. وما الجديد على أجندة التعاون المشترك في الفترة المقبلة؟
إنني سعيد ومعجب جدًا بما لمسته من ترحيب واستعداد لتعزيز علاقاتنا وهو ما سأخبر به حكومتنا في مالطا ليأتوا لزيارة قطر وبحث سبل تعزيز التعاون بيننا. كما أنني سأعود لافتتاح سفارتنا في الدوحة قريبًا جدًا، فلديكم سفارة في مالطا، ومن المهم أن يكون لدينا سفارة هنا، وهو جزءٌ من تهيئة الأوضاع لتعزيز علاقاتنا لصالح شعبي البلدين والمنطقة. لقد عقدت مباحثات إيجابية للغاية وزيارتي هدفها فتح الأبواب لمزيد من التعاون المشترك لتتوالى الزيارات بيننا. وسيكون من المهم زيارة وزير مالية مالطا إلى الدوحة وإجراء محادثات مع الجهات المعنية لبحث كيفية تعزيز تعاوننا في القطاعات المالية والمصرفية وغيرها من قطاعات التعاون المشترك.
رؤى مشتركة
هل تناولت المباحثات الوضع في ليبيا، وما تقييمكم لموقف قطر الداعم لحل سياسي يقوده الليبيون بأنفسهم؟
بالفعل عقدنا مناقشات حول ذلك، وموقفنا مشابه للموقف القطري لأننا نريد أن يجتمع الليبيون من كافة الأطراف والتحدث إلى بعضهم البعض، وتحديد مصيرهم بأيديهم. ونخبر الليبيين مثلما تخبرهم قطر، أن بلدينا يتطوران لأنهما يتحكمان في مصيرهما، وعليهم فعل نفس الأمر. وعلينا أن نشجعهم، فالأمر ليس سهلًا لأن استمرار الحرب لتلك الفترة الطويلة، جعل هناك شكًا وعدم ثقة، ولكننا دائمًا ما نذكرهم بما تعلمناه من الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا بأن عليهم الجلوس مع الخصوم لتحويلهم إلى شركاء. إنه أمر صعب ولكن البديل أكثر صعوبة وألمًا. كما أن بديل التسوية هو الحرب، والشعب الليبي عانى كثيرًا ولا يزال يعاني. ومن المؤسف ألا ينعم الليبيون في هذا البلد الغني بحياة كريمة ويجدون صعوبة في الحصول على الخبز والاحتياجات اليومية البسيطة، ولذلك علينا العمل معًا، ودعم وصول الليبيين إلى السلام والازدهار، لأن ذلك في صالح الجميع وبالأخص الشعب الليبي الذي يستحق أن يعيش في سلام.
حكمة قطر
في رأيك ما أهمية دور قطر ونهجها في الوساطة لحل النزاعات سلميًا؟
ما حققته قطر خاصة منذ عام ١٩٩٥ مع صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ورؤيته وشجاعته في استخدام موارد وثروات الدولة بحكمة وذكاء، أمر مثير للإعجاب. وقطر لديها رؤية للبناء للمستقبل، ونجحت في إرساء سياسة خارجية مستقلة، وعلاقات لا ترهقها دول أخرى كما أنها تحترم نفسها بكل ما تحمله معاني الكرامة والاستقلالية ولذلك تستطيع مساعدة الدول الأخرى من خلال وساطتها ورأينا ذلك يتحقق في وساطتها من أجل سلام أفغانستان على سبيل المثال. ونحن معجبون بما حققته قطر من استقلالية وإنجازات لصالح شعبها، ومساحة مالطا ٣١٦ كم٢ حوالي ٣٪ من مساحة قطر واعتقد أنه بالحكمة والذكاء والنشاط والشجاعة يمكننا تحقيق ما حققته قطر.
استثمارات متنامية
وما تقييمك للاستثمارات القطرية في مالطا ومدى تطورها؟
الاستثمارات القطرية في مالطا تتطور ولكنها لا تزال قليلة وكذلك التبادل التجاري، ولذلك من المهم تهيئة الظروف الملائمة لنمو الاستثمارات. وإننا سعداء بالنجاح الذي يحققه بنك بي إن إف القطري، فهو ينمو ويرتبط بقوة ببنك مراسل في أمريكا ويسعدنا أن نرى استثمارات قطرية مربحة، تنمو وتحقق عوائد لأن ذلك مهم بالنسبة لمالطا أيضًا. ولذلك فإننا نؤمن أنه إذا كان لدينا تفاهم واحترام متبادل مثلما هو الحال بين قطر ومالطا، إضافة إلى خط جوي ومناخ استثمار جيد، فمن الممكن تعزيز هذه العلاقات بما يحقق مصالح شعبي البلدين.
تشجيع الاستثمارات
ماذا تعني بتهيئة الظروف الملائمة لنمو الاستثمارات؟
علينا في البداية أن نوقع اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات وهي من الأمور التي ينبغي أن نعمل عليها لأننا كدولة عضو في الاتحاد الأوروبي لا يمكننا توقيع اتفاقيات ثنائية مع دول أخرى دون أن تتوافق مع لوائح الاتحاد الأوروبي. وحاليا نبحث ذلك، لأننا نريد وضع إطار للعمل يحمي كل المستثمرين القادمين إلى مالطا. ولدينا بالفعل اتفاقية منع الازدواج الضريبي مع قطر ولكننا بحاجة إلى اتفاقية حماية الاستثمارات لأنه مع وجود خط جوي، وخدمات مصرفية وضمانات وحماية للاستثمارات، ستكون الأوضاع أفضل للاستثمار وتطوير وتقوية العلاقات، خاصة مع شعورنا بأننا موضع ترحيب كبير هنا في قطر وهو شعور متبادل.
فرص مهمة
ما هي فرص الاستثمار المتاحة أمام القطريين في مالطا؟
السياحة قطاع مهم جدًا، كما تعد مالطا مركزًا حيويًا للنقل البحري والجوي سواء للركاب أو الشحن وذلك لموقعها المميز بين أوروبا وإفريقيا. ويمكن الاستفادة من موقع مالطا كنقطة انطلاق للوصول إلى الأسواق في القارتين، فلدينا مركز ميناء مجاني، وموقعه مميز لتوزيع البضائع في إفريقيا. وعلى سبيل المثال تستورد اليابان التونة من مالطا ونقترح أن يتم ذلك عن طريق الخطوط الجوية القطرية وهو مشروع مثير للاهتمام. كما أن الاستثمار في قطاع اليخوت من المشروعات المتاحة أيضًا.
اتفاقيات جديدة
هل من اتفاقيات جديدة تعملون عليها إلى جانب اتفاقية حماية الاستثمارات؟
نعمل على اتفاقيات أخرى منها التعاون في مكافحة الجريمة الدولية المنظمة وأيضًا في التعليم والبحث العلمي فقد قمنا بزيارة مهمة إلى مؤسسة قطر، وسوف نتحدث إلى الجامعات ومجلس العلوم والتكنولوجيا في مالطا حول بعض المشروعات المشتركة. كما أننا نرغب في العمل مع مؤسسة قطر في برامج دبلوماسية السلام للطفل، فلدينا برنامج لتعليم الأطفال أساليب الحوار والتفاوض خلال النزاع، وأيضًا التعاون في مجالات حوار الحضارات والأديان ونرغب في تقديم مشاريع في هذا الإطار، فهناك قطاعات عديدة لتعزيز التعاون بين بلدينا.
منشآت مبهرة
في نهاية زيارتك إلى قطر.. ما هي توقعاتك لتنظيمها كأس العالم لكرة القدم ٢٠٢٢؟
ما رأيته في قطر أمر مثير للاهتمام والإعجاب، فقد قمت بزيارة استاد أحمد بن علي، في الريان، والمنشآت هناك مبهرة حقًا، وما فهمته أن أغلب المنشآت جاهزة. وأعجبني أكثر أنه يتم بناء الملاعب مع التخطيط للاستفادة منها بعد انتهاء البطولة بدعم ملاعب في دول حول العالم، وهي رؤية تستحق الإشادة والتقدير.