كشف أحدث تقرير اقتصادي لبنك قطر الوطني QNB، أن معدلات التضخم بدأت تقض مضجع واضعي السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتوقع "قطر الوطني" الانتهاء من عملية الخفض التدريجي للتيسير الكمي في الربع الأول من عام 2022، وبعدها يتم رفع أسعار الفائدة في وقت مبكر من شهر مارس.
نبرة متشددة
وقال البنك في تقريره الأسبوعي الصادر، اليوم السبت، إنه في ضوء هذا المشهد التضخمي، صعد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي من نبرتهم المتشددة، ملمحين إلى نهاية مبكرة لبرنامج التيسير الكمي ودورة أسرع لرفع أسعار الفائدة.
كما بدأت السلطات النقدية في الأسابيع الأخيرة، النقاش حول التشديد الكمي، أي عملية تفريغ بعض الأصول التي تم شراؤها خلال برنامج التيسير الكمي في السوق، وبخلاف أسلوب خفض التيسير الكمي الذي يعمل فقط على استقرار الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي عن طريق تقليل صافي مشتريات الأصول الاستثنائية إلى الصفر.
التشديد الكمي يهدف إلى التخلص من السيولة الفائضة في النظام المصرفي
ويقلص التشديد الكمي الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي من خلال صافي مبيعات الأصول للقطاع الخاص، ويهدف التشديد الكمي إلى التخلص من السيولة الفائضة في النظام المصرفي، مما يوفر بعض التشديد الذي تشتد الحاجة إليه في الأوضاع المالية.
استمرار رفع الفائدة
وتوقع البنك أربع جولات من رفع أسعار الفائدة بنسبة 0.25% في عام 2022، مرة كل ربع سنة، ومن المرجح أن يبدأ التشديد الكمي ببطء بعد وقت قصير من أول جولة لرفع سعر الفائدة، ومن المحتمل أن يتسارع خلال الربعين الثاني والثالث.
الضغوط الناتجة عن ارتفاع الأسعار قد تبرر إنهاء التيسير الكمي في أقرب وقت
ولفت التقرير إلى أنه وبسبب تسارع التضخم، بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في "تشديد السياسة النقدية" في ديسمبر 2021، موضحًا أن الضغوط الناتجة عن ارتفاع الأسعار قد تبرر إنهاء التيسير الكمي في وقت أقرب مما هو مخطط له، لافتا إلى ارتفاع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي في الولايات المتحدة، وهو المقياس المفضل لبنك الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم، بنسبة 4.7%، على أساس سنوي في ديسمبر 2021، ليتجاوز مجدداً وبفارق كبير نسبة التضخم المستهدفة البالغة 2%.
تطورات التضخم
وبدأت تطورات التضخم تشير إلى أن السياسة النقدية الميسرة للغاية لم تعد متوافقة مع حجم واتساع ووتيرة التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة، كما تشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة قد نما بنسبة 6% في عام 2021.
من المتوقع استمرار الزخم القوي في العام الحالي، مع نمو جيد في كل من الاستهلاك والاستثمار
وأشار تقرير QNB إلى أنه من المتوقع استمرار الزخم القوي في العام الحالي، مع نمو جيد في كل من الاستهلاك والاستثمار، مما سيؤدي إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 5% في الولايات المتحدة، وساعدت مدفوعات التحفيز الفيدرالية وبرامج الدعم الاجتماعي على تعزيز الموارد المالية للقطاع الخاص، مما يوفر حاجزًا من المدخرات التي عادة ما لا تتوفر في أعقاب التعافي، وهذا يدعم ارتفاع مستويات الاستهلاك والنشاط لفترة أطول، مما قد يؤدي إلى فترة من النمو الاستثنائي لعدة سنوات.
استغلال الطاقة الفائضة
وبين التقرير أن الاقتصاد الأمريكي وبالرغم من أنه لا يعمل بكامل طاقته، نظرا لبعض "الركود" أو الطاقة الفائضة في الإنتاج الصناعي وأسواق العمل، فإن توقعات النمو تشير إلى أنه سيتم استغلال الطاقة الفائضة عاجلاً وليس آجلاً، وهذا سيزيد المخاطر الناجمة عن الإنهاك الاقتصادي، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة الضغوط التضخمية المستمرة.
تفشي فيروس أوميكرون في آسيا بدأ يشكل تهديدًا لسلاسل التوريد العالمية
وأشار إلى تزايد المخاطر حاليًا بسبب التطورات السلبية على جانب الإمداد من الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، وبدأ انتشار فيروس أوميكرون المتحور من كوفيد-19 في آسيا، وخاصة في الصين، يشكل تهديدًا رئيسيًا لسلاسل التوريد العالمية.
وقد تؤدي سياسة "تخفيض حالات كوفيد-19 إلى الصفر" التي تتبناها الصين وطبيعة المتحور أوميكرون شديد العدوى، إلى عمليات إغلاق واسعة النطاق، وسلسلة من الصدمات الشديدة في سلاسل التوريد والتجارة العالمية، ومن شأن هذا الأمر أن يساهم في إجهاد المنتجين، والتسبب في نقص، والإبقاء على الأسعار مرتفعة، على الصعيد العالمي وفي الولايات المتحدة.
وفرة الاحتياطيات
وأشار التقرير إلى أن الاحتياطيات الفائضة أصبحت وفيرة في البنوك التجارية الأمريكية، خاصة بعد مضاعفة الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر من مرتين منذ بداية الجائحة لتبلغ 8.8 تريليون دولار أمريكي، حيث تجاوز النمو في حيازاتها النقدية بفارق كبير (132%) إجمالي نمو الأصول لديها (28%).
ونظرًا لفائض السيولة في البنوك، يمكن استيعاب أصول بنك الاحتياطي الفيدرالي بسهولة أكبر دون التسبب في اضطرابات لا داعي لها في السوق، وسيساهم تخفيض السيولة في ضبط تضخم أسعار الأصول الذي ينتقل، بشكل غير مباشر، من خلال الأسواق المالية وأسواق السلع الأساسية، إلى تضخم أسعار المستهلك.