تجاوز الماتادور الإسباني حلم يراود أسود الأطلس من أجل كتابة تاريخ عربي جديد بالمونديال

2022/12/04
منتخب المغرب
منتخب المغرب

سيكون المنتخب المغربي الأول لكرة القدم على موعد مع إعادة كتابة تاريخ المشاركات العربية في المونديال، إذا ما استطاع بلوغ الدور ربع النهائي من بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، وذلك في حال فوزه على حساب الماتادور الإسباني في المباراة التي ستجمع بينهما بعد غدٍ "الثلاثاء" في دور الـ16 بالبطولة، ليكون أول منتخب عربي يحظى بهذا الشرف، تماماً عندما كان أول منتخب عربي يتأهل إلى الدور الثاني، وذلك في مونديال 1986.

ولا يقاس حجم الإنجاز الجديد بطول فترة الانتظار التي دامت أكثر من 36 عاماً، كي ينسخ "أسود الأطلس" ما فعلوه في المكسيك إبان أمسيات رمضانية ما زالت عالقة في أذهان العرب الذين عاصروا تلك الملحمة، ومنهم من رواها للأجيال اللاحقة، لكن العبور إلى الدور الثاني من مونديال 2022 بدا مختلفاً بخصوصية المضمون والشكل والمذاق.

خصوصية المضمون كانت في اللسان العربي في مونديال يُقام على أرض عربية للمرة الأولى، فحمل التأهل المغربي حزمة أخرى من رسائل مفادها أن التميز العربي في التنظيم المبهر والتطور المذهل الذي بات عليه العرب، يوازيه حضور فني تنافسي عال المستوى، أما الشكل فقد كان بروعة مشاهد الفرح العارم التي تجسّدت بالحضور الجماهيري الغفير في استاد الثمامة الذي زُف منه المنتخب المغربي نحو الدور الثاني، قبل أن تعم الفرحة كل أرجاء الوطن العربي.

الاستحقاق الكبير

أما المذاق فجاءت حلاوته من الاستحقاق الكبير في حجز مقعد ثُمن النهائي، فلم يكن العبور محض صُدفة أو ضربة حظ، بل تسيّد بجدارة مجموعة كان الحديث عن إمكانية صدارتها قبل المونديال ضرباً من الخيال، لوجود منتخبين من طراز عالٍ جداً، الأول كرواتي جاء إلى المنافسة وصيفاً للنسخة الماضية، والثاني بلجيكي احتل المركز الثالث في روسيا 2018 وتصدّر التصنيف الصادر عن الاتحاد الدولي لعامين متتاليين، قبل أن يتراجع إلى المركز الثاني في التصنيف الأخير الصادر قبل المونديال، هذا إلى جانب منتخب كندي شاب طموح يملك جيلًا استثنائياً، والمحصّلة كانت متفرّدة أيضاً، فهي المرة الأولى التي يتأهل فيها منتخب عربي وحتى إفريقي إلى الدور الثاني متصدراً مجموعته وبدون أن يخسر.

وكما قال المدرب وليد الركراكي بعد التأهل، وقبل حتى أن يعرف هوية منافسه في الدور ثمن النهائي: "من حقنا أن نحلم"، بدليل أن بلوغ ثمن النهائي على حساب بلجيكا وكرواتيا كان أشبه بحلم، لكنه تحقق بعزيمة الرجال وتفاني الأبطال، وبالتالي فإن تجاوز منتخب إسباني مدجج بالنجوم ومرشّح للتتويج باللقب، هو حلم أيضاً.. وقد يتحقق.

المهمة لا شك صعبة، لكن النسخة الحالية من كأس العالم FIFA قطر 2022 مليئة بالدروس والعبر، ولنا في منتخبات آسيوية جاءت من غياهب المجهول، كما اليابان وكوريا الجنوبية المثل الأكبر، فالأول قهر إسبانيا نفسها في ختام دور المجموعات وبلغ الدور الثاني، في حين أنه استهل المنافسة بمفاجأة مدوية بالفوز على المنتخب الألماني، ما أجبر هذا الأخير في النهاية على الخروج من الدور الأول وهو يجر أذيال الخيبة، أما المنتخب الكوري فقد آمن بحظوظه التي لم تتعد بصيص أمل قبل مواجهة البرتغال، لكنه جاء بما كان مستحيلاً وحقق الفوز وعبر إلى الدور الثاني.

النتائج المذهلة التي حققها المنتخب المغربي في دور المجموعات ببطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، كانت نتاج عمل منظومة متجانسة، صنعها مدرب وطني تولى المهمة بعدما ترك المدرب السابق وحيد حليلوزيتش شروخاً وشقوقاً في الصفوف، لينجح الركراكي في إعادة اللحمة من خلال الاستثمار في المجموعة بعد توظيف الفرديات لخدمة الأهداف المنشودة.

الأرقام تحكي قصة التميز، ففي حقيقة الأمر المنتخب المغربي لم يستقبل من المنافسين أي هدف، ذلك أن الهدف الوحيد الذي ولج مرمى الحارس الفذ ياسين بونو لاعب إشبيلية الإسباني في المباريات الثلاث كان بنيران صديقة، ما يؤكد الصلابة الدفاعية التي وفّرها القائد رومان سايس من خلال ما كسبه من خبرات في ولفرهامبتون الإنجليزي قبل الانتقال إلى بشكتاش التركي، إلى جانب زميله نايف اغرد لاعب وست هام يونايتد، وفي الظهيرين، هناك نجمان من طراز عالٍ هما أشرف حكيمي لاعب إنتر ميلان وريال مدريد السابق وباريس سان جيرمان الحالي، والنجم الصاعد نصير مزراوي لاعب بايرن ميونيخ الألماني، ولا يمكن تجاهل الدور الكبير الذي لعبه نجم وسط الميدان الدفاعي سفيان مرابط لاعب فيورنتينيا الإيطالي الذي يُعد من نجوم دور المجموعات ككل.

المنتخب المغربي سجّل 4 أهداف، ما يؤكد قيمة العمل الهجومي الكبير بوجود نجم تشيلسي الإنجليزي حكيم زياش الذي عاد بعد غياب بسبب قرارات المدرب السابق حليلوزيتش، فيما قدّم يوسف النصيري لاعب إشبيلية الإسباني وسفيان بوفال لاعب انجيه الفرنسي وعبدالحميد صابيري لاعب سامبدوريا الإيطالي عروضاً لافتة.

المغرب من أفضل المنتخبات

وتؤكد الإحصاءات المرصودة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، أن المنتخب المغربي من بين أفضل المنتخبات مردوداً في دور المجموعات، وبما يتوافق مع الأسلوب الذي يتبعه المدرب الركراكي الذي لا يعتمد كثيراً على الاستحواذ، بقدر ما يعول على الفاعلية والنجاعة الهجومية في التحولات وسرعة الوصول إلى مرمى المنافس.

وحسب تلك الإحصاءات الرسمية، فقد صنع اللاعبون المغاربة ثلاثاً من الأهداف الأربعة المسجّلة، على اعتبار أن حارس مرمى المنتخب الكندي كان قد صنع هدفاً للمنتخب المغربي بتمريرة خاطئة صوب حكيم زياش.

ومرّر المنتخب المغربي 1061 تمريرة منها 873 تمريرة ناجحة، وأرسل 26 كرة عرضية، منها ست عرضيات ناجحة، ونفّذ 26 محاولة تسجيل على المرمى في المباريات الثلاث، نصفها (13) من داخل منطقة الجزاء والنصف الآخر من خارج المنطقة، فيما كانت هناك 8 محاولات على المرمى بشكل مباشر، فيما ارتكب اللاعبون 45 خطأ، وكسبوا 43 ركلة حرة وثلاث ركنيات.

واقتحم المنتخب المغربي الثُلث الأخير من الملعب، وتسلّم الكرات وسط منطقة المنافس 11 مرة، فيما اقتحم الثُلث الأخير وتسلّم الكرات في الجهة اليسرى 24 مرة، ومن الجهة اليمنى 27 مرة، ونفّذ اللاعبون 414 محاولة اختراق في المُجمل منها 255 محاولة ناجحة، كما طلب اللاعبون تسلّم الكرة في منطقة خط الوسط 593 مرة، وطلبوا الكرة في المناطق الهجومية 546 مرة.

مجموع فرص تسلّم الكرة كان 1432 مرة، وطبّق المنتخب المغربي ضغطاً دفاعياً على المنافس 1075 مرة، وفقد الكرة تحت الضغط 237 مرة، فيما وصل مجموع التحولات الهجومية الناجحة إلى 30 محاولة.

وعلى مستوى الإحصاءات الفردية، فقد كان حكيم زياش الأبرز بعدما سجّل هدفاً وصنع آخر "نصف أهداف المنتخب"، وكان أكثر لاعب قام بمحاولات للتسجيل بمجموع 7 محاولات، وأرسل 13 كرة عرضية وهو الأعلى، فيما كان أكثر لاعب طلب الكرة في المناطق الهجومية 192 مرة، وكان أكثر لاعب تسلم الكرة بين خطي الوسط والدافع للمنافس 33 مرة.

وكان أشرف حكيمي أكثر لاعب مرّر الكرة لزملائه بمجموعة 143، كما نفذ اللاعب نفسه أكبر عدد من محاولات الاختراق بـ 64 محاولة، منها 46 محاولة ناجحة وهو العدد الأكبر أيضاً، فيما كان سفيان امبراط أكثر لاعب جرى خلال المباريات الثلاث، حيث قطع مسافة تقدّر بـ 33.43 كم، في حين نفّذ المهاجم يوسف النصيري العدد الأكبر من الانطلاقات الهجومية السريعة بمجموع 222 مرة، أما اللاعب سليم أملاح فقد كان أكثر من طبّق حالات الضغط الدفاعي بمجموع 151 محاولة.

المصدر: قنا

الكلمات الدلالية