في العام 1930، كانت كأس العالم لكرة القدم بطولة وليدة، إذ أقيمت أول نسخة منها على الإطلاق في أوروجواي، وكان للاعب الفرنسي الراحل لوسيان لوران حظًا في تسجيل أول أهداف البطولة التي تقترب من مئويتها الأولى.
كتب لوران اسمه في تاريخ اللعبة، بتسجيله أول هدف على الإطلاق في تاريخ كأس العالم، كان ذلك بمدينة مونتيفيديو عاصمة أوروجواي في 13 يوليو 1930، حيث وضع لوران فريقه (منتخب فرنسا) على طريق الفوز 4-1 على المكسيك.
ورغم هذا الإنجاز، لم يحظ اللاعب الفرنسي بالشهرة ولا المكانة اللائقة التي نالها نجوم كُثر شاركوا في بطولات كأس العالم اللاحقة، فبالكاد تحدث لوران عن مساهمته الأسطورية في اللعبة خلال السنوات التي تلت ذلك الحدث، مونديال 1930.
ويحتفظ أرشيف الاتحاد الدولي لكرة القدم بتسجيل فيديو نادر لهدف لوران في المكسيك، لكن نادرًا ما تحدث المهتمون بكرة القدم عن تسديدته الطائرة في الدقيقة 19 التي سكنت في شباك المكسيك، لتسجل أول هدف في تاريخ البطولة، حتى لوران نفسه لم يتحدث كثيرًا عن هذا، كما لو كان ذلك الهدف حدثًا طبيعيًا.
لقد عادت ذكريات لوران إلى الوراء، عندما تذكر هدفه التاريخي خلال حفل عشاء أقامه منظمو كأس العالم إيطاليا 1990، وعن هذا قال ابنه مارك، الذي أمضى مع لوران سنواته الأخيرة: "كنت أعرف أنه لعب لمنتخب فرنسا وشارك في كأس العالم ولكن هذا كل شيء"، فمن شدة تواضع لوران، لم يفكر في الحديث عن إنجازه التاريخي.
ذكريات المونديال الأول
بحلول العام 1998، عندما تُوجت فرنسا بأول لقب مونديالي لها، تحدث لاعب سوشو السابق باستفاضة وهو يتعمق في ذكرياته، متذكرًا الحكايات التي شكلت جزءًا من فولكلور كأس العالم، مثل رحلة الفريق (منتخب فرنسا) إلى أوروجواي على متن السفينة الإيطالية كونتي فيردي، التي أبحرت من فيلفرانش سور مير في 19 يونيو 1930، ويتحدث لوران عن ذلك اليوم ويقول: "15 يومًا احتجناها للوصول إلى أوروجواي ومثلها للعودة".
وانضم إلى المنتخب الفرنسي على متن السفينة نفسها، لاعبو بلجيكا ورومانيا وعدد من الشخصيات المرموقة، من بينهم زميل لوران الفرنسي جول ريميه، رئيس الفيفا آنذاك ومؤسس كأس العالم الأولى.
أوضح لوران أن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم كان لديه مهمة شاقة، ألا وهي تكوين فريق من اللاعبين لخوض المنافسة في أول نسخة من بطولة كأس العالم.
رحلة لوران إلى أوروجواي
كان العديد من اللاعبين الذين تم اختيارهم ضمن منتخب فرنسا اضطروا إلى الانسحاب، والسبب وراء هذا أنه حتى ذلك الوقت لم يكن هناك من يحترف كرة القدم، إذ أن اللاعبين كانوا يشغلون وظائف أخرى، منهم الموظفون ومنهم العمال، ولم يكن يسمح رؤساؤهم منحهم إجازة لمدة شهرين.
#موندياليون_منسيون⌛️
— مرسال قطر (@Marsalqatar) November 5, 2022
اللاعب الفرنسي لوسيان لوران 🇫🇷
🔸صاحب أول هدف في تاريخ المونديال في مرمى المكسيك
🔹تم أسره في الحرب العالمية الثانية وسجن 3 سنوات#مرسال_قطر #حياكم_في_قطر #كأس_العالم_قطر_2022 pic.twitter.com/jwR9AsNcNb
لوران نفسه في ذلك الوقت كان يعمل لدى شركة تصنيع السيارات الشهيرة "بيجو"، وهي الشركة التي كان يعمل بها أيضًا 3 من زملائه في الفريق، جان (شقيق لوران) وأندريه ماشينوت وإتيان ماتلر.
كانت الرحلة إلى أوروجواي خالية من الحوادث، ولم ينقطع الهدوء والسكينة على السفينة إلا بصوت الفِرَق الثلاثة وهي تهرول على سطحها.
أول مباراة بالمونديال
لعبت فرنسا مباراتها الافتتاحية من البطولة في بوسيتوس، وهي منطقة ساحلية في مونتيفيديو عاصمة أوروجواي، كان ذلك على ملعب بينارول، والذي تم تشييده خصيصًا لتلك البطولة، ولم يكن جاهزًا آنذاك في الوقت المناسب لاستضافة المباراة.
يقول لوران عن تلك المباراة: "عندما سجلت هدفي، الذي كان الأول في البطولة والأول مع فرنسا، هنأ بعضنا البعض ولكن دون القفز الهستيري كما يفعلون الآن".
لوران، الذي كان متابعًا شديدًا لكرة القدم في العصر الحديث، لا تعجبه سلوكيات كثيرة في كرة القدم العصرية، إذ يقول: "هناك الكثير من السلوك السيئ والغش وعدم الاحترام الكافي للخصم والحكم".
ويقارن لوران بين كرة القدم قديمًا وحديثًا بالقول: "هذه الأيام، يتم الاعتناء باللاعبين الدوليين كما الأطفال، إذ يتم إنجاز كل شيء من أجلهم، في حين كان علينا ترتيب الأمور بأنفسنا".
في مباراة فرنسا الثانية بالمونديال الأول، تلقى فريق لوران الهزيمة أمام الأرجنتين بهدف دون مقابل، وعانى لوران يومها من إصابة في الكاحل، واضطر إلى اللعب في الجناح الأيسر، تلك كانت الأيام التي لم يُسمح فيها بالبدلاء، ثم أبعدته الإصابة عن مباراة فرنسا الثالثة والأخيرة ضد تشيلي، والتي انتهت بخسارة أخرى بنفس النتيجة السابقة (1-0).
وتملكت العاطفة من لوران، عندما تذكر هدفه الدولي الثاني والأخير، والذي جاء ضد إنجلترا في مباراة ودية أجريت في 14 مايو 1931، وقال: "كنا لا نزال هواة، بينما كان الإنجليز محترفين بالفعل"، وتوفي لوران في 11 أبريل 2005 في بيسانكون، لكنه سيظل دائمًا في الذاكرة للدور الذي لعبه في تاريخ كأس العالم.
المصدر: مرسال قطر