تحتفل دولة قطر بيوم البيئة القطري في 26 فبراير من كل عام، ويحتفى به هذه السنة تحت شعار "بيئتنا أمانة" للتأكيد على أهمية تضافر الجهود المجتمعية والرسمية والأهلية للمحافظة على بيئة قطر، وصيانة كافة عناصرها، وجعلها آمنة وسليمة وصحية للأجيال الحالية والتالية.
ودرجت دولة قطر على الاحتفال بهذه المناسبة البيئة الوطنية منذ عام 1996، تحت شعار محدد يخدم قضية بيئية بعينها، بهدف التذكير ولفت الانتباه الى أن حماية بيئة الوطن مسؤولية الجميع، لا سيما وأن موضوع البيئة أصبح قضية عالمية بكافة أبعادها دون استثناء، تحظى باهتمام دولي، يطرح مشكلاتها وتعقد لها القمم والمؤتمرات والاجتماعات في محاولة لإيجاد الحلول الناجعة والمبتكرة لكافة تحدياتها.
مبادرات بيئية
ولم تكتف دولة قطر بهذا الاحتفال السنوي، بل شرعت في تنفيذ العديد من المبادرات بهدف إضافة رئة جديدة للبلاد، كمبادرة زراعة مليون شجرة التي أطلقت عام 2019 بميزانية تصل إلى مليار ريال بهدف دعم الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي وتعزيز الاستدامة البيئية.
ومن المبادرات الأخرى التي نفذتها الدولة، تعهد قطر بإقامة كأس العالم FIFA قطر 2022 محايدة للكربون، ومراعاة المعايير الدولية في مجال الحفاظ على البيئة عن طريق اعتماد مستوى استدامة للملاعب وفقا للفئات المختلفة بما فيها التصميم والبناء والطاقة واستخدام المياه.
وتحت ركيزة البيئة، شرعت دولة قطر في رؤيتها الوطنية 2030 إلى ضرورة إيجاد علاقة توازن بين "احتياجات التنمية" و"حماية البيئة" من خلال إيجاد المؤسسات البيئية الفعالة والمتطورة التي تعمل على توفير وتعزيز الوعي العام حول المسائل المتعلقة بحماية البيئة، وتشجيع استخدام التقنيات السليمة بيئيا.
فعاليات الاحتفال
وتهدف الفعاليات التي يتضمنها برنامج الاحتفال بيوم البيئة القطري كل عام، إلى زيادة الوعى البيئي بين الجمهور، وتعزيز المعارف والمهارات والاتجاهات والقيم المرتبطة بسلامة وتعافي بيئة قطر وجمالها والمحافظة عليها، وتنمية روح المبادرة والحس البيئي لدى المواطن والمقيم، جماعات وأفرادا، وتشجيع المشاركة في الأنشطة المختلفة، وتسليط الضوء على شعار الاحتفال، وأيضا تعزيز دور المؤسسات والهيئات العامة والخاصة في مجال حماية البيئة والتحديات التي تواجهها من خلال إدماج تلك الجهات ومشاركتها في مختلف الفعاليات والأنشطة ذات الصلة.
ولا شك أن النجاحات التي حققها الاحتفال بيوم البيئة القطري خلال السنوات الماضية، ساهمت بشكل كبير في زيادة الوعي البيئي المجتمعي، والإقبال الواسع على المشاركة في الفعاليات، ما يعكس ترجمة حقيقية لمدى الرعاية والاهتمام اللذين تحظى بهما البيئة القطرية من قبل القيادة الحكيمة، لأجل حماية شتى مكوناتها من الهدر والضياع والتدهور والممارسات السلبية الضارة والتلوث بكافة أشكاله.
شعار الاحتفال
وقال المهندس حسن جمعة بوجمهور المهندي، وكيل الوزارة المساعد لشئون البيئة بوزارة البيئة والتغير المناخي، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، إن شعار الاحتفال بيوم البيئة القطري لهذا العام "بيئتنا أمانة" يعكس مدى تميز التنوع الحيوي في قطر، والذي يجمع البحر والبر والإرث والموارد الطبيعية، مبينا أنه "من هنا نحاول حماية هذا التنوع من خلال إعداد قاعدة بيانات تهدف إلى المحافظة عليه وإكثاره، وتحقيق التوازن بين التنمية البيئية والاجتماعية والبشرية من أجل ضمان مستقبل مستدام".
م. حسن المهندي: المشكلات الحياتية الناتجة عن التعامل السلبي مع البيئة "سلوك مرفوض" من المجتمع المحلي والدولي
وأكد المهندي أن المشكلات الحياتية والأزمات الانسانية التي تنتج عن التعامل السلبي مع البيئة، والعبث بمكوناتها في أي مكان، يعد سلوكا مرفوضا من المجتمع المحلي والدولي، وحتى من تعاليم ديننا الإسلامي وقيمه كون ذلك يهدد الموارد ويفسد البيئة ويستنزف خيراتها، ويحرم الأجيال المتعاقبة من الاستفادة القصوى منها، لافتا إلى أنه في مقابل ذلك يجسد التعاون والتكاتف لحمايتها، الإحساس بالمسئولية وبالتزامات العيش في بيئة نظيفة خالية من التلوث والأمراض والمخاطر البيئية، وبالدور الحيوي والمهم الذي يتعين أن يؤديه ويقوم به كل مواطن ومقيم في حماية بيئته ومحيطه أو في مختلف المناطق والأماكن التي يرتادها ويتواجد فيها.
يوم البيئة القطري
كما نوه إلى أن كل ذلك هو ما يميز الاحتفال بيوم البيئة القطري هذا العام من حيث الاهتمام والمشاركة، سواء من مؤسسات الدولة، أو شركات القطاع الخاص والجمعيات الأهلية والمجتمع المدني.
وأوضح أن فعاليات الاحتفال ستستمر عدة أيام انطلقت منذ أمس "الخميس" في منطقة "سيلين" بمشاركة سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر بن أحمد بن علي آل ثاني، وزير البيئة والتغير المناخي، وأصحاب المخيمات بالمنطقة، حيث تم إنزال بشوت صناعية هناك، وكذا إطلاق مجموعة من غزال الريم في محمية "سيلين"، إضافة إلى تنظيم حملات للنظافة والزراعة بالتعاون مع جمعية الكشافة والمرشدات القطرية.
حملات زراعية ونظافة
وبين المهندس حسن جمعة بوجمهور المهندي، في تصريحه لـ"قنا" أن فعاليات يوم غد "السبت" بمحمية بروق، تتضمن عمليات وحملات للزارعة والنظافة وإطلاق نوع من الطيور، فيما تشمل فعاليات يوم "الأثنين" وهو الأخير في جزيرة بن غنام، إطلاق أسماك في غابة القرم، والقيام بجولات بيئية تعريفية داخل الغابة، بجانب فعاليات توعوية أخرى في إطار برنامج احتفالي يعنى بالأطفال.
وفي إطار استراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغير المناخي التي تم إطلاقها في أكتوبر الماضي، تهتم الدولة بالسياحة البيئية من خلال التوسع في إنشاء المحميات الطبيعية والحدائق والمسطحات الخضراء، فضلا عن الاهتمام بالحياة الفطرية الحيوانية والنباتية، وغير ذلك من مشاريع الجذب السياحي البيئي.
السياحة البيئية
وفي هذا السياق، يقول المهندس حسن جمعة بوجمهور المهندي، وكيل الوزارة المساعد لشئون البيئة بوزارة البيئة والتغير المناخي، لـ"قنا"، إن "تركيزنا هذه السنة سيكون على السياحة البيئية، لأنها ضمن استراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغير المناخي.. لقد قمنا في هذا الخصوص بإطلاق الغزلان والمها العربي في المحميات، فضلا عن الجولات السياحية، والمحافظة على الأماكن السياحية البيئية، والعمل على تطويرها".
وحول تقييمه للوضع البيئي في دولة قطر بشكل عام، وصف المهندي الوضع بـ"الممتاز"، موضحا أنه سيتم الاستمرار على هذا النهج أكثر خلال المرحلة القادمة، باعتبار ذلك ضمن استراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغير المناخي التي قال إنها تحظى ببالغ الرعاية والاهتمام والمتابعة من الدولة.
واعتبر أن ذلك "ما يفرض علينا المحافظة عليها، وتطبيقها تماما، ويشمل ذلك من بين أمور أخرى خفض الانبعاثات والتوعية المجتمعية، وإيجاد التوازن بين البيئة والاقتصاد خاصة وأن موضوع التغير المناخي أصبح قضية عالمية لما لها من تأثيرات سلبية على كوكب الأرض والحياة البشرية".
حماية التنوع الحيوي
وتؤكد وزارة البيئة والتغير المناخي، باستمرار، على ضرورة الاهتمام بالتنوع الحيوي واستدامته في البيئة القطرية، وتشجيع الزراعة، وتخضير الأرض، حيث تم في هذا الصدد الإعلان عن مبادرة زراعة مليون شجرة في مارس 2019 خلال معرض قطر الزراعي الدولي السابع ومعرض قطر البيئي الدولي الأول، وذلك بهدف دعم الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي، وتعزيز الاستدامة البيئية، وكذا استدامة الموارد المائية واستخدام المياه المعالجة في الري والتقليل من هدر الموارد المائية، بالإضافة إلى تعزيز التنوع البيولوجي وحماية التنوع الحيوي، وتحسين جودة الهواء، وزيادة الرقعة الخضراء، وتقليل انبعاثات الغازات.
وعلاوة على كل ذلك، يشمل الاهتمام المتعاظم ببيئة قطر استمرار تنفيذ مختلف المشاريع المعنية بالقطاع البيئي، ومن ذلك على سبيل المثال تطوير واستحداث أجهزة الرصد، وتطوير القدرات الوطنية ومنظومة العمل، وزيادة عدد المحميات الطبيعية، وصون البيئة النباتية والكائنات والنباتات المهددة بالانقراض، والوفاء بالتزامات المعاهدات البيئية الدولية أو الإقليمية المختلفة التي وقعت وصادقت عليها دولة قطر، وغيرها من المشاريع الرامية إلى الحفاظ على التوازن البيئي باعتبار أن أي خلل يلحقه سيستنزف بعض مكونات البيئة الأخرى.
جهود لحفظ البيئة
إن مسئولية حماية "بيئة قطر أمانة" مسؤولية جماعية ومجتمعية، فالجميع من مواطنين ومقيمين وأفراد ومؤسسات يؤثرون ويتأثرون بالبيئة، ومن هنا جاء شعار احتفال هذا العام بيوم البيئة القطري "بيئتنا أمانة" ليجسد ويعكس كل هذه المضامين والاهتمامات، وجهود قطر المتنامية في حماية بيئتها، والتنبيه وإعادة التذكير بأهمية المحافظة عليها وصيانة مكوناتها ومواردها الطبيعية، وبالأخص أن رؤية قطر الوطنية 2030 قد اعتمدت الاستدامة البيئية أحد أعمدتها الأربعة، لتحقيق التنمية المستدامة بالدولة، حيث جرى ترجمة كل ذلك في الاستراتيجية الوطنية المذكورة.
إن كافة هذه الجهود والانجازات تؤكد دون شك على العناية الفائقة التي توليها دولة قطر لقضية البيئة، وبخاصة أنها تحتل مكانة دولية مرموقة في مجال المحافظة على البيئة بالتعاون مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية والمتخصصة، مثلما استضافت الدولة من قبل في هذا الصدد عددا من مؤتمرات الأطراف البيئية الدولية، في وقت يتوجه فيه العالم بأسره نحو تحقيق التنمية المستدامة، وتلبية حاجات الأجيال الحاضرة دون الإخلال بقدرة الأجيال القادمة على الوفاء باحتياجاتها.