دولار أمريكي 3.64ريال
جنيه إسترليني 4.54ريال
يورو 3.93ريال

دبلوماسية قطر تدعم مهام الأمم المتحدة لحفظ السلم العالمي

جولة المحادثات بالدوحة.. كسر للجمود في الملف النووي الإيراني

20/09/2022 الساعة 18:24 (بتوقيت الدوحة)
ع
ع
وضع القراءة

دعما لمهام الأمم المتحدة المركزية في صون الأمن والسلم الدوليين وتحقيقا للاستقرار في المنطقة، استضافت الدوحة في شهر يونيو الماضي جولة المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، بهدف إحياء الاتفاق وكسر الجمود في الملف النووي الإيراني، في مبادرة نالت إشادة الرأي العام العالمي وأكدت ثقة المجتمع الدولي في الجهود الدبلوماسية لدولة قطر.

ففي الثامن والعشرين من شهر يونيو الماضي، رحبت دولة قطر باستضافة جولة محادثات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، برعاية منسق الاتحاد الأوروبي.

وأكدت وزارة الخارجية القطرية، في بيان، استعداد دولة قطر التام لتوفير الأجواء التي تساعد كافة الأطراف في إنجاح الحوار، معربة عن أمل دولة قطر في أن تتوج جولة المحادثات غير المباشرة بنتائج إيجابية تسهم في إحياء الاتفاق النووي الموقع في العام 2015، بما يدعم ويعزز الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة ويفتح آفاقاً جديدة لتعاون وحوار إقليمي أوسع مع إيران.

واستطاعت جولة الدوحة من المحادثات غير المباشرة، أن تقرب وجهات النظر بين الجانبين، وأن تكسر الجمود الذي شاب المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني، خاصةً وأن إجراءات بناء الثقة بين الطرفين كانت التحدي الأكبر أمام دولة قطر، وهو ما نجحت جولة الدوحة في القيام به والتأسيس لمباحثات فيينا غير المباشرة أيضا بين المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين، خلال شهر أغسطس الماضي.

زيارة سمو الأمير لطهران

وسبق استضافة الدوحة لجولة المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، قيام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بزيارة طهران، في زيارة رسمية لإيران في الثاني عشر من مايو الماضي، حيث أكد سمو الأمير المفدى وفخامة الرئيس الدكتور إبراهيم رئيسي رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية في تصريحات مشتركة عقب مباحثاتهما، أن الجانبين اتفقا على أهمية العمل جميعا في المنطقة على حل النزاعات وتخفيف التوتر وجعل المنطقة في وضع أفضل بما يخدم شعوبها.

وفيما يخص العلاقات القطرية الإيرانية، أشار سموه إلى أنّ دولة قطر تحرص على إقامة حوار دائم ومستمر، مؤكدا أن إيران دولة جارة وتربطها علاقات تاريخية مع دولة قطر قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل والنقاش الهادف من أجل استقرار المنطقة وتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

سمو الأمير: قطر تنظر بإيجابية وتفاؤل إلى الجهود الدولية لحل الخلافات مع إيران حول مشروعها النووي سلميًا

وحول مفاوضات فيينا، قال سمو الأمير: "إن دولة قطر تنظر بإيجابية وتفاؤل إلى الجهود الدولية لحل الخلافات مع إيران حول مشروعها النووي سلميا. كان هذا نهجنا دائما في دعم السلام والاستقرار في المنطقة".

وفي العشرين من مايو الماضي، أكد سمو الأمير المفدى خلال مؤتمر صحفي مشترك مع دولة السيد أولاف شولتس المستشار الألماني في إطار زيارة العمل التي قام بها سموه لألمانيا، أنه تباحث مع المستشار الألماني حول آخر تطورات الجهود الدولية لحل الخلافات مع إيران حول مشروعها النووي سلميًا، وشدد على أن هذا النهج هو نهج دولة قطر الدائم في دعم السلام والاستقرار في منطقة الخليج.

السلمية طريقًا للحل

وفي معرض رد سمو الأمير المفدى على سؤالٍ صحفي خلال المؤتمر بشأن مستجدات الملف الإيراني ورأي دولة قطر حول ذلك، أكد سموه على أهمية التعاون بين كل من إيران وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، مشددا على ضرورة حل الخلافات بينهم بالطرق السلمية، معربا سموه عن تفاؤل دولة قطر بالحوار بين هذه الأطراف، لافتا إلى أنّ دولة قطر مع حل النزاعات بالطرق السلمية، آملا سموه أن يتم التوصل إلى اتفاق في المستقبل القريب.

وفي هذا الصدد، أبدى سموه استعداد دولة قطر للوساطة بين إيران وأوروبا والولايات المتحدة في حال طُلب منها ذلك.

ولم تتوقف الدبلوماسية القطرية عن التوسط في محاولة للوصول إلى توافق بشأن الملف النووي الإيراني، حيث قام سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بزيارة إلى طهران في السادس من يوليو الماضي، واجتمع مع سعادة الدكتور حسين أمير عبد اللهيان وزير الخارجية الإيراني، وجرى استعراض آخر مستجدات محادثات الاتفاق النووي.

وزير الخارجية: قطر تسعى لدعم أطراف محادثات إحياء الاتفاق النووي للوصول إلى اتفاق عادل للجميع

وأكد سعادته، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الإيراني عقب الاجتماع، أن دولة قطر تسعى لدعم أطراف محادثات إحياء الاتفاق النووي للوصول إلى اتفاق عادل للجميع، مع الأخذ بالاعتبار مخاوف جميع الأطراف.. مشيرا إلى أن زيارته إلى طهران تأتي في أجواء وتحديات إقليمية كثيرة، ولافتا إلى أنه من المهم أن تكون هناك جهود بناءة من كافة دول الجوار لإنجاح المفاوضات النووية والحوار الإقليمي.

وأوضح أنه سمع من الوزير الإيراني تأكيد بلاده على أهمية التزام كافة الأطراف بالاتفاق النووي.

من جانبه، توجه وزير الخارجية الإيراني بالشكر لدولة قطر على حسن استضافة المحادثات الثلاثية غير المباشرة في الدوحة لإحياء الاتفاق النووي، وقال: شهدنا دورا بارزاً من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى ومساعيه الحميدة لتسهيل المباحثات ودفعها إلى الأمام.

وزير الخارجية الإيراني: جاهزون للوصول إلى اتفاق قوي ومستدام ولم نطلب أي طلبات إضافية تزيد عن اتفاقية 2015

وأضاف: "نحن جاهزون للوصول إلى اتفاق قوي ومستدام ولم نطلب أي طلبات إضافية، ومطالبنا كلها في إطار اتفاقية 2015، وتابع: لدينا نوايا حسنة ونخوض المفاوضات على أساس واقعي".

جهود قطرية مستمرة

وواصلت دولة قطر جهودها في تقريب وجهات النظر حول الملف النووي الإيراني وإحياء الاتفاق الخاص به، حيث أجرت مباحثات جديدة مع الجانبين الأوروبي والإيراني.

ففي السابع والعشرين من شهر أغسطس الماضي، توجه سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإقليمية، إلى طهران، واجتمع مع الدكتور علي باقري، نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، حيث جرى خلال الاجتماع استعراض مستجدات مفاوضات العودة لخطة العمل المشترك مع الولايات المتحدة.

وأكّد سعادة مساعد وزير الخارجية للشؤون الإقليمية، خلال الاجتماع، على أهمية السير قدماً في سبيل إحياء الاتفاق النووي، والذي يصب في مصلحة أمن واستقرار المنطقة، معرباً عن تطلّع دولة قطر إلى توافق قريب بين الولايات المتحدة وإيران.

وفي اليوم نفسه، أجرى سعادة الدكتور الخليفي اتصالاً هاتفياً مع السيد إنريكي مورا، منسق الاتحاد الأوروبي لمفاوضات فيينا، حيث جرى، خلال الاتصال، استعراض مستجدات مفاوضات العودة لخطة العمل المشتركة بشأن برنامج إيران النووي.

وأعرب سعادته عن تقدير دولة قطر للجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، مؤكدا على أن التوصل إلى اتفاق عادل يأخذ في الاعتبار مخاوف جميع الأطراف يصب في مصلحة أمن واستقرار المنطقة.

وفي الرابع من شهر سبتمبر الجاري، أجرى سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، اتصالا هاتفيا مع الدكتور حسين أمير عبداللهيان وزير الخارجية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

جرى خلال الاتصال، استعراض آخر تطورات مفاوضات العودة لخطة العمل المشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية.

التطلع إلى اتفاق عادل

وجدد سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، خلال الاتصال، التأكيد على تطلع دولة قطر إلى توصل إيران والولايات المتحدة الأمريكية إلى توافق يسهم في إحياء الاتفاق النووي والوصول إلى اتفاق عادل للجميع، مع الأخذ بالاعتبار مخاوف جميع الأطراف، مؤكدا أن ذلك يصب في مصلحة أمن واستقرار المنطقة.

ونوه الدكتور خليل العناني أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في معهد الدوحة وكبير الباحثين في المركز العربي بواشنطن، بجهود دولة قطر لكسر الجمود في الملف النووي الإيراني وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف، مؤكدا أن دولة قطر تؤمن بأن الحوار والحل الدبلوماسي هما الأفضل فيما يخص العودة للاتفاق النووي الإيراني.

د. خليل العناني: الدوحة لعبت دور الوسيط مؤخرًا بين طهران وواشنطن من أجل تذليل العقبات العالقة بين الطرفين

وأشار العناني في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية “قنا” إلى أن الدوحة حاولت أن تلعب دور الوسيط بين إيران والولايات المتحدة خلال الشهور الماضية، وذلك من أجل تذليل العقبات العالقة بين الطرفين، قائلا" إن المشكلة تمكن في وجود أطراف أخرى تحاول تخريب المفاوضات بين طهران وواشنطن وهنا أعني تحديدا الكيان الإسرائيلي".

ورأى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في معهد الدوحة أن "الكرة الآن في ملعب واشنطن وطهران من أجل إنقاذ الاتفاق النووي".

تحركات الدبلوماسية القطرية

وجاءت التحركات الدبلوماسية القطرية، بالتزامن مع مباحثات بين إيران ودول أوروبية، لإنجاح المفاوضات بشأن النووي الإيراني، حيث استضافت العاصمة النمساوية فيينا في الرابع من أغسطس الماضي، جولة من المفاوضات بعد خمسة أشهر من توقفها، وهي التاسعة بين إيران ومجموعة العمل المشتركة، بناء على مقترحات جوزيب بوريل المنسق الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي.

وقدم الاتحاد الأوروبي، بصفته منسقا للمحادثات النووية بين إيران ومجموعة دول (5+1)، "نصا نهائيا" لإعادة إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، وذلك بعد المحادثات غير المباشرة بين المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين في فيينا، والتي استمرت أربعة أيام.

ويتمتع الاتحاد الأوروبي بصفة منسق مفاوضات يقوم بتقديم المقترحات وطرح الأفكار على الأطراف المعنية بالمفاوضات رسميا، وهي الدول الخمس الكبرى زائد ألمانيا.

وأعلنت إيران، في السادس عشر من أغسطس الماضي، أنها ردت خطيا على النص المقترح من قبل الاتحاد الأوروبي بشأن إحياء الاتفاق النووي، وأنه سيتم التوصل إلى اتفاق "إذا كان الرد الأمريكي يتسم بالواقعية والمرونة".

وكان وزير الخارجية الإيراني قد أعلن مؤخرا، أن مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي "في مراحلها الأخيرة"، رابطا التوصل إلى اتفاق بتحلي الولايات المتحدة الأمريكية بـ"الواقعية".

وتصر إيران على ضرورة أن يتضمن التفاوض على أي اتفاق جديد رفعا لكل العقوبات المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة، بعد انسحابها أحادي الجانب في عام 2018 خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

وبعد نحو أسبوع أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها أرسلت ردها إلى الاتحاد الأوروبي، بشأن اقتراح لمحاولة إحياء الاتفاق النووي الإيراني.

وقال نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان:" تلقينا من خلال الاتحاد الأوروبي تعليقات إيران على النص النهائي المقترح من قبل الاتحاد الأوروبي، ولقد انتهى الآن استعراضنا لتلك التعليقات، وقمنا بالرد على الاتحاد الأوروبي".

ولم يقدم برايس تفاصيل عن الرد الأمريكي، لكن ليس من المتوقع أن تقبل الولايات المتحدة بما طرحته إيران دون السعي إلى تغييرات ومفاوضات إضافية.

اتفاق بات وشيكًا

أما جون كيربي منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي فأكد أن بلاده "أقرب اليوم للتوصل إلى اتفاق مع إيران مما كانت عليه قبل ذلك".. مضيفا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لا يزال يعتقد أن الدبلوماسية والعودة للاتفاق النووي هما أفضل حل.

بدورها، أعلنت إيران أنها تلقت الرد الأمريكي على الاقتراحات التي قدمتها طهران لحل القضايا العالقة في المفاوضات النووية. وقال ناصر كنعاني المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إن بلاده أرسلت وجهات نظرها على الرد الأمريكي بشأن نص مسودة الاتفاق المحتمل لإحياء الاتفاق النووي.

وأوضح أنه بعد تلقي الرد الأمريكي، قام فريق الخبراء الإيراني بدراسته بعناية، وتم تجميع ردود إيران، بعد التقييم على مستويات مختلفة، وتسليمها إلى المنسق الأوروبي للمفاوضات، مضيفا أن "النص المرسل له نهج بناء بهدف إنهاء المفاوضات".

ولا يبدو الموقف الروسي بعيدا عن الموقف الأوروبي من الاتفاق، فقد رجحت موسكو على لسان ميخائيل أوليانوف مندوبها الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، توصل الأطراف المفاوضة لاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني في غضون الأيام المقبلة.. معتبرا أن "الكرة الآن في الجانب الأمريكي"، لافتا إلى أن طهران اقترحت خلال تعديل المشروع "تعزيز الضمانات الخاصة بالحفاظ على الاتفاق مستقبلا".

وتتفاوض إيران مع الدول الخمس الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي، إضافة إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي لإحياء اتفاق 2015 الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2018، والذي أعقبته واشنطن بفرض عقوبات صارمة على طهران، ردت عليها طهران بخطوات، من بينها زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20 بالمئة، بدلا من 3.67 بالمئة.

ووفق تقارير غربية، فإن الاتفاق النووي سيؤدي إلى رفع مؤقت للعقوبات، ضمن فترة تمتد لغاية 2025 ، وهذا من شأنه تحرير ما يزيد على 100 مليار دولار من الأرصدة الإيرانية المجمدة.

وبحسب دبلوماسيين غربيين، لا تزال إيران تتمسك بشروطها المسبقة قبل التوقيع على أي اتفاق، إلا بعد تقديم الأطراف الأخرى ضمانات ملزمة لاحترام وتنفيذ أي اتفاق توقع عليه إيران مستقبلا، مسبوقا بتحديد آليات ضمن سقف زمني مقبول إيرانيا لرفع العقوبات كاملة، مع إلزام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإنهاء ملف التحقيقات في ثلاثة مواقع إيرانية متخصصة بالأنشطة النووية.

مفاوضات إحياء الاتفاق

وكانت إيران والقوى المنضوية في اتفاق عام 2015 قد بدأت قبل أكثر من عام مباحثات في فيينا شاركت فيها بشكل غير مباشر الولايات المتحدة، التي انسحبت أحاديا من الاتفاق في عهد ترامب. وتوقفت المحادثات بشأن الملف النووي الإيراني في مارس الماضي لأسباب عدة.

ومر ملف التفاوض حول البرنامج النووي الإيراني منذ عام 2015 وحتى الآن بعدة محطات مهمة أبرزها توصل إيران وكل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا، إلى الاتفاق النووي الذي عرف رسمياً باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" في الرابع عشر من يوليو 2015. وكان الاتفاق ثمرة 21 شهراً من المفاوضات الشاقة، و12 عاماً من المباحثات المتقطّعة والأزمات والتوتر، ودخل حيّز التنفيذ اعتباراً من 16 يناير 2016.

وأتاح الاتفاق رفع عقوبات اقتصادية دولية كانت مفروضة على طهران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها الذي بات خاضعاً لبرنامج رقابة وتفتيش تابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويعد من الأكثر صرامة عالمياً. وقدّم الاتفاق لدول الغرب ضمانة بأنّ إيران لا تسعى إلى تطوير سلاح ذري، وهو ما تكرّر طهران نفيه على الدوام.

إلا أنه في الثامن من مايو 2018، تفاجأ العالم بإعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، انسحاب بلاده أحادياً من الاتفاق، وإعادة فرض عقوبات قاسية على إيران.

وبقيت طهران على التزاماتها لعام، قبل أن تعلن اعتباراً من الثامن من مايو 2019، بدء التراجع تدريجياً عن تنفيذ بنود أساسية في الاتفاق. وشملت التراجعات الإيرانية تباعاً زيادة مستوى التخصيب، وعدم التقيّد بسقف لعدد أجهزة الطرد المركزي، وصولاً إلى خطوات بحثية مرتبطة بالبرنامج النووي.

وخلال الأشهر الأولى من العام 2021، قامت إيران بسلسلة خطوات منها تقييد عمل المفتشين الدوليين، ورفع التخصيب بداية الى 20 في المئة، ولاحقا 60 في المئة.

وفي إبريل 2021، بدأت في فيينا مباحثات بين إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق، وشاركت فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر. وهدفت المباحثات إلى إعادة واشنطن إلى متن الاتفاق ورفع عقوبات عن طهران، في مقابل عودة الأخيرة إلى التزاماتها النووية.

وفي أواخر نوفمبر 2021، استأنفت إيران والقوى الكبرى المباحثات في فيينا، مع تأكيد طهران عزمها التوصل إلى اتفاق "عادل"، إلا أنه في منتصف شهر مارس الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي تعليق المباحثات.

المباحثات في الدوحة

ثم جاءت المباحثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران في الدوحة في شهر يونيو الماضي، والتي يؤكد محللون سياسيون أنها حركت المياه الراكدة في الملف النووي الإيراني، كما برهنت على ثقة المجتمع الدولي في نزاهة وموضوعية الوساطة القطرية ومساعيها لإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، من خلال تفعيل القنوات الدبلوماسية وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، ما يعزز السلام والاستقرار الدوليين.

ويشير المحللون إلى الدور الذي تلعبه دولة قطر على الصعيدين الإقليمي والدولي، والنجاحات التي حققتها في تسوية العديد من النزاعات الدولية باعتبارها وسيطا نزيها على مدى السنوات الماضية، وأحدث تلك النجاحات توقيع اتفاق الدوحة للسلام في تشاد، برعاية قطرية، والذي يعتبر خطوة حاسمة نحو المصالحة وتعزيز السلام في تشاد... مؤكدين أن الدوحة أدارت على مدى سنوات، جولات من التفاوض بين الأطراف المتنازعة في مختلف الملفات كمسيِّر للحوار بينها، دون مُمارسة أيِّ ضغوط على الأطراف المُختلفة.

جميع الحقوق محفوظة لمرسال قطر 2024

atyaf company logo