انطلاقا من ثوابتها ومبادئها الوطنية تؤمن دولة قطر بأهمية الشراكة الاستراتيجية مع الأمم المتحدة، ومنذ انضمامها للمنظمة الدولية قبل أكثر من نصف قرن تقريبا، تمضي دولة قطر على الدرب جنبا إلى جنب مع الأمم المتحدة، وتتقدم الصفوف والشركاء وتسارع بمد يد العون للمنكوبين والضحايا والفئات المستضعفة في كل مكان، وتساعد المنظمة الدولية في العديد من المهام والقضايا والملفات خاصة فيما يتعلق بعمليات الإغاثة الإنسانية وتمويلها.
وإيمانا برسالتها الإنسانية، باتت دولة قطر في طليعة الدول التي تقدم مساعدات إنسانية وتنموية على المستوى الثنائي ومن خلال الأمم المتحدة وفي جميع مناطق العالم لا سيما للدول النامية التي تواجه أزمات وكوارث طبيعية، وذلك من خلال صندوق قطر للتنمية وإدارة التنمية الدولية بوزارة الخارجية، وفي ضوء المساهمات الإنسانية الكبيرة للدولة فإنها تشغل عضوية مجلس إدارة صندوق الأمم المتحدة المركزي للإغاثة بحالات الطوارئ.
قطر.. المساهم الأكبر
وتتربع دولة قطر في المرتبة الأولى عربياً والسادسة عالمياً بقائمة أكبر المساهمين في الصناديق والبرامج الأممية متعددة الشركاء، فضلاً عن وجود شراكة قطرية مع الأمم المتحدة لتعزيز دور الدبلوماسية الوقائية بحل النزاعات.
وقد أعلنت دولة قطر عام 2018 عن تقديم دعم للموارد الأساسية للأمم المتحدة بإجمالي 500 مليون دولار، وقدمت خلال الفترة بين عامي 2000 إلى 2014 تبرعات لأكثر من أربعين هيئة أو كيانا تابعا للأمم المتحدة.
وفي سبتمبر 2021 شارك حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث ألقى سموه خطاباً خلال الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة يوم الثلاثاء 21 سبتمبر والتي صادفت ذكرى مرور خمسين عاماً على انضمام دولة قطر لمنظمة الأمم المتحدة بتاريخ 21 سبتمبر 1971.
وأكد سموه حفظه الله في خطابه أن العلاقة بين قطر والمنظمة الدولية خلال العقود الخمسة الماضية تميزت بالتعاون الوثيق، وإقامة شراكات نموذجية في مختلف المجالات "، مشيراً سموه إلى أن رهان قطر على المؤسسات الدولية والتعاون المتعدد الأطراف هو رهان استراتيجي، مؤكدا سموه بهذا الإطار على مواصلة الإسهام بدعم كيانات الأمم المتحدة، والوفاء بتعهدات قطر في القضايا التي حددها المجتمع الدولي كأولويات بهذه المرحلة.
وتلقى صاحب السمو أمير البلاد المفدى بهذه المناسبة برقية تهنئة من سعادة السيد أنطونيو غوتيريش، تتضمن تهنئة سموه بمناسبة الذكرى الخمسين لانضمام دولة قطر إلى عضوية منظمة الأمم المتحدة. وقال غوتيريش إن دولة قطر وعلى مدى السنوات الخمسين الماضية، قدمت مساهمات متعددة في ميادين التنمية المستدامة، ومنع نشوب النزاعات وتسويتها، ومكافحة الإرهاب، والعمل المناخي، والصحة، على مستوى المنطقة وعلى الصعيد العالمي. ولفت سعادته إلى أن دولة قطر استضافت على مر السنين عددا من المؤتمرات والمناسبات الحيوية للأمم المتحدة ساعدت بدفع الحلول القائمة على السياسات العالمية إلى الأمام.
أنطونيو غوتيريش: قطر داعمة سخية للجهود الإنمائية والإنسانية الحيوية وساهمت بمكافحة جائحة كوفيد-19 في بلدان عدة
وأشار الأمين العام إلى أن دولة قطر هي أيضا جهة داعمة سخية للجهود الإنمائية والإنسانية الحيوية، وساهمت بمكافحة جائحة كوفيد-19، وتقديم اللقاحات المنقذة للأرواح والمساعدات إلى الفئات الأكثر ضعفا.
من جهتها، قالت سعادة السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، إن رسالة الأمين العام للأمم المتحدة، تعكس مدى الاحترام والتقدير لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، والمكانة الرفيعة التي يتبوؤها على المستوى الدولي ورغبة الأمم المتحدة بمواصلة التعاون مع دولة قطر في مختلف القضايا الدولية.
وتعتبر دولة قطر في مصاف أكبر عشرة مساهمين لصالح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وارتفعت قيمة المساعدات والمعونات القطرية بشقيها الحكومي وغير الحكومي من حوالي 483 مليون دولار أمريكي عام 2008، إلى أكثر من ملياري دولار أمريكي عام 2017.
عطاء متواصل
ويواصل صندوق قطر للتنمية عطاءه وجهوده في دعم قضايا التنمية والإغاثة في الدول النامية الشقيقة والصديقة، ومد يد العون والمساعدة لها، عبر وكالات الأمم المتحدة متعددة الأطراف والشركاء الثنائيين ومنظمات المجتمع المدني حيث تجاوز مجموع مساهمات صندوق قطر للتنمية في عمليات الدعم والإغاثة عام 2021 ، خمسمائة وخمسين مليون دولار أمريكي.
ومن بين عشرات الدول التي تقدم لها دولة قطر مساعدات إنسانية وإغاثية دائمة أو في أوقات الجوائح والكوارث الطبيعية بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية، تحتل دول المنطقة العربية الصدارة على قائمة تلك المساهمات انطلاقا من أواصر الاخوة والتاريخ المشترك، ومن بين تلك الدول سوريا وفلسطين واليمن، هذا بالإضافة الى أفغانستان وغيرها.
وانطلاقا من الإيمان الثابت بحق الشعب السوري الشقيق في العيش الكريم فقد حرصت دولة قطر منذ بداية الأزمة السورية على تقديم الدعم الإنساني والمادي له، وقد تجاوزت مساعداتها مبلغ ملياري دولار أمريكي سواء من خلال المساعدات الحكومية أو من خلال منظمات المجتمع المدني والجمعيات الإنسانية والخيرية والمؤسسات المانحة القطرية.
ومنذ عام 2016 تعهدت دولة قطر سنوياً بمبلغ 100 مليون دولار لصالح الشعب السوري، وفي مارس من العام الماضي أعلنت، عن تعهد جديد بمبلغ 100 مليون دولار للتخفيف من وطأة الكارثة الإنسانية السورية.
وفي إطار دعم دولة قطر المتواصل والقوي للأشقاء الفلسطينيين انطلاقا من أواصر الأخوة وروابط العروبة والدين بين الشعبين القطري والفلسطيني، جاءت المنحة التي تم تقديمها بتوجيه من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى "حفظه الله"، في شهر مايو 2021 بقيمة 500 مليون دولار دعماً لإعادة إعمار قطاع غزة لا سيما المرافق الخدمية بقطاعات الصحة والتعليم والكهرباء بالإضافة للمنازل التي دمرت بسبب الاعتداءات الإسرائيلية.
دعم مستمر
وتقدم دولة قطر منحة مالية بمقدار مئة دولار شهريا لمئة ألف من الأسر المتعففة والمستورة بقطاع غزة المحاصر، ووقع صندوق قطر للتنمية مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، على اتفاق مساهمة لدعم الموارد الأساسية للأونروا للفترة 2021-2022، بمبلغ 18 مليون دولار أمريكي، مع تقديم دعم إضافي شامل للاجئين الفلسطينيين في سوريا بقطاعات الصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية، بمبلغ إجمالي قدره 7 ملايين دولار.
واستشعارا بمحنة الشعب اليمني الشقيق ومعاناته الإنسانية وجه أمير البلاد المفدى، في يوليو من العام الماضي 2021 بتخصيص مئة مليون دولار أمريكي دعما لجهود برنامج الأغذية العالمي في اليمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة من أجل دعم الأمن الغذائي ودرء المجاعة باليمن، ومساعدة برامج الأمم المتحدة الإغاثية والإنسانية العاجلة للتخفيف من تفاقم المأساة الإنسانية هناك.
وفيما يتعلق بالدعم الإنمائي لليمن الشقيق بلغ إجمالي المساعدات المقدمة من دولة قطر لليمن من الفترة 2013 إلى 2020 ما يقارب 195 مليون دولار أمريكي".
كما وقع صندوق قطر للتنمية وبرنامج الغذاء العالمي مؤخرا اتفاقية بمساهمة قدرها 90 مليون دولار أمريكي لدعم العمليات الإنسانية لتلبية احتياجات الأمن الغذائي الحرجة باليمن، حيث الصراع والتدهور الاقتصادي وتأثير جائحة كورونا يضع الملايين في خطر الانزلاق إلى المجاعة.
وتجسيدا للدور القطري الفاعل في إطار الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق السلم والأمن والتنمية المستدامة، وقع سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وسعادة السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، عدة اتفاقيات على هامش فعاليات منتدى الدوحة 2018، وتضمنت الاتفاقيات تقديم دولة قطر دعماً لتمويل منظمات الأمم المتحدة بمبلغ 500 مليون دولار أمريكي (1.82 مليار ريال قطري)، وإنشاء أربعة مكاتب جديدة للمنظمة الدولية بالدوحة. كما تضمنت تعهداً من دولة قطر بتقديم دعم سنوي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
دعم أفغانستان
وعلى صعيد مساهمات دولة قطر في أفغانستان، فقد بادرت قطر بتقديم العون الإنساني العاجل بما يشمل المواد الغذائية عبر جسر جوي من قطر إلى كابول الذي نَقَل مئات الأطنان من المساعدات الإنسانية وشاركت بإعادة تأهيل مطار كابول ما سيساعد في تيسير إدخال السلع الغذائية.
كما سخرت دولة قطر إمكانياتها اللوجستية والفنية والبشرية لإجلاء عشرات الآلاف من العالقين الأجانب من افغانستان واستقبلت الدوحة منهم الآلاف من الضيوف الافغان مقدمة لهم كافة أوجه الرعاية.
وتولي دولة قطر مسألة تغير المناخ أهمية بالغة باعتبارها من التحديات الراهنة والمستقبلية للعالم، وقد استضافت عام 2012 المؤتمر الثامن عشر للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP18). كما أطلق حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، مبادرة التحالف العالمي للأراضي الجافة في خطاب ألقاه سموه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 68 في سبتمبر عام 2014 ، وفي سبتمبر 2019 أعلن حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى في قمة الأمم المتحدة للعمل المناخي لعام 2019، عن مساهمة دولة قطر بمبلغ 100 مليون دولار لدعم الدول الجزرية الصغيرة النامية والدول الأقل نمواً للتعامل مع تغير المناخ والمخاطر الطبيعية والتحديات البيئية، وبناء القدرة على مواجهة آثارها المدمِّرة.
وفي مارس الماضي وعلى هامش منتدى الدوحة 2022 ، تعهد صندوق قطر للتنمية ومؤسسة بيل وميليندا غيتس بتقديم مبلغ يصل إلى 200 مليون دولار لصالح مشاريع الزراعة ومواجهة آثار تغير المناخ والتنمية الاقتصادية الهادفة إلى دعم المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة في الأراضي الجافة بالقارة الإفريقية، والذين يعانون من الآثار المترتبة عن تغير المناخ.
كما وقع صندوق قطر للتنمية، اتفاقية مع منظمة الأغذية والزراعة لمساعدة الصومال على تحسين قدرته على الصمود في وجه ظاهرة تغير المناخ واتخاذ إجراءات استباقية مدروسة لمواجهة الأزمات.
وفي أكتوبر 2021، تعهدت دولة قطر بمبلغ إضافي قدره 16 مليون دولار أمريكي لدعم الجهود الدولية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمكافحة الفقر والتغير المناخي وعدم المساواة بجميع أنحاء العالم.
وتؤمن دولة قطر ايمانا راسخا بأن معالجة الكوارث والأزمات تبدأ بمعالجة جذورها ومسبباتها، وتعد قطر ثاني أكبر مساهم في صندوق الأمم المتحدة الاستئماني لمكافحة الإرهاب من بين 35 جهة مانحة أخرى. كما دعمت دولة قطر المكتب بمبلغ 15 مليون دولار سنويا من 2019 إلى 2023، وأعلنت عن مواصلة دعم المكتب لمدة ثلاث سنوات إضافية من 2024 إلى 2026 بمبلغ 15 مليون دولار سنوياً.
مواجهة تداعيات كورونا
وبناءً على توجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى تحركت دولة قطر منذ بداية جائحة كورونا لتقديم الدعم للدول المحتاجة للمساعدة وتدعيم قدرتها للتصدي لهذا الوباء إيماناً منها بأهمية التضامن العالمي لتجاوز آثار جائحة كورونا خاصة على الدول الأقل نمواً، وتأكيدا على الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه قضايا العالم ومشاكله وأزماته.
وقدمت المساعدات اللازمة لأكثر من ثمانين دولة ومنظمة دولية، وبلغ إجمالي المساعدات الحكومية وغير الحكومية ما يفوق 256 مليون دولار أمريكي. كما وقّعت اتفاقية مساهمة أساسية مع منظمة الصحة العالمية بقيمة 10 ملايين دولار أمريكي لدعم برنامج عمل المنظمة ومبادرة تسريع إتاحة أدوات مكافحة فيروس كورونا في الدول الأكثر احتياجاً.
ومن المنتظر افتتاح بيت الأمم المتحدة بالدوحة وسيضم مكاتب للمنظمات الأممية تشمل: صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، والمركز الإقليمي للتدريب وبناء القدرات في مجال مكافحة الجريمة السيبرانية، ومركز التحليل والتواصل التابع لمكتب الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ومكتب الأمم المتحدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمركز الدولي بالدوحة المعني بتطبيق الرؤى السلوكية على التطرف العنيف ومكافحة الإرهاب، كما تم افتتاح مكتب برامج معني بالمشاركة البرلمانية في منع ومكافحة الإرهاب.
وفي مارس من العام الماضي وقعت دولة قطر والأمم المتحدة اتفاقية لإنشاء مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في دولة قطر.
ويحمل اختيار الأمم المتحدة لدولة قطر لفتح مكاتب لأجهزتها ومنظماتها، رسالة بالغة الأهمية والدلالة بأن دولة قطر في صدارة دول المنطقة التي يُعّولُ عليها كشريك فاعل وموثوق به للأمم المتحدة في مواجهة التحديات وآثارها بالمنطقة.
وإلى جانب جهود الاستجابة لحالات الطوارئ والمساعدات الإنسانية، عملت دولة قطر على مساعدة الدول في تعزيز القدرات المؤسسية بقطاعات الصحة والتعليم والاقتصاد لبناء القدرة على الصمود، وتعزيز التأهب النظامي للكوارث، وتعزيز التنمية المستدامة الشاملة، بما ينسجم مع أجندة الأمم المتحدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.