بدأت تداعيات ارتفاع التضخم في فرنسا خلال الأشهر الاخيرة، تظهر بوضوح على الشارع وخصوصا بين طبقة نقابات العمال، حيث يسود تشاؤم عمالي من وقع التشديد المنتظر الذي تعتزم السلطات فرضه على قواعد إعانات البطالة، وإصلاح المعاشات التقاعدية المتوقع في نهاية العام على رواتب العمال والموظفين.
وعانت باريس ومدن فرنسية أخرى طيلة الأسبوعين الماضيين من موجة إضراب تركزت على قطاعات مستودعات الوقود والمصافي والغاز والكهرباء عقب دعوة من الاتحاد العام للعمل، ما دفع الحكومة للتدخل سريعا، بعدما ألقت الإضرابات والاحتجاجات بثقلها على الأسعار وحركة المرور.
فقد اضطرت الحكومة الفرنسية لمصادرة مستودعين للمحروقات تابعين لمجموعة "توتال إينيرجيز" في منطقة "مارديك" (شمالا) وفي "فايزين" (جنوب شرق)، لمواجهة شحة الوقود، إذ عطلت بشكل كبير توزيع الوقود في جميع أنحاء البلاد.
وبلغت ذروة الاحتجاجات يوم أمس الأول الثلاثاء بخروج نحو 300 مئة ألف للتظاهر في احتجاجات واسعة للمطالبة بتحسين الأجور، بحسب أرقام الاتحاد العام للعمل، بينما تقول وزارة الداخلية الفرنسية إن عددهم بلغ 107 آلاف شخص، حيث جاءت المظاهرات أكثر مما شهده قبلها بيوم، حيث أحصت النقابات العمالية مشاركة نحو 250 ألفا من المتظاهرين، وتحدثت وزارة الداخلية عن مشاركة 118 ألفا، ما يشير إلى عزم النقابات على إيصال صوتها بوضوح.
وأيا كان العدد الدقيق للمحتجين في الأيام الماضية، فإن الرسالة وصلت لأنظار السلطات الفرنسية، حيث وقع الاتحاد العام للعمل اتفاقا مع نقابتي "القوى العاملة" و"الاتحاد الفرنسي الديمقراطي للعمل" للحصول على زيادات في أجور عمال قطاعي الغاز والكهرباء، وهو اتفاق أساسي يعدها المحتجون خطوة أولى لفتح باب مفاوضات الأجور حسب الأصول في 157 شركة معنية، بينها شركتا الطاقة "كهرباء فرنسا" و"إنجي".