دولار أمريكي 3.64ريال
جنيه إسترليني 4.54ريال
يورو 3.93ريال

تقرير خبراء: الاحترار المناخي يدفع الكوكب لمستقبل محفوف بالمخاطر

12/08/2021 الساعة 17:56 (بتوقيت الدوحة)
اندلاع الحرائق في الجزائر
اندلاع الحرائق في الجزائر
ع
ع
وضع القراءة

بينما تجتاح الحرائق والفيضانات والأعاصير والجفاف، مناطق واسعة من الكرة الأرضية، دق خبراء الأمم المتحدة ناقوس الخطر من جديد محذرين من أن العالم بات قريباً بشكل خطير من ارتفاع درجات الحرارة الجامح، وقالوا إن اللوم يقع على عاتق البشر بشكل لا لبس فيه، غير أن الوقت لايزال متاحا للحد من تغير المناخ على مستوى الكوكب.

جاء ذلك في تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، التابعة للأمم المتحدة، صدر مؤخرا وأعده 234 خبيرا، اعتمادا على أكثر من 14000 دراسة من جميع أنحاء العالم ، وقال إن التغير المناخي سيعيد تشكيل الحياة على الأرض خلال العقود المقبلة، حتى وإن تمت السيطرة على التلوث الكربوني المسبب للاحترار، وطالب الخبراء الأسرة الدولية بتغييرات جذرية لتجنيب الأجيال المقبلة مواجهة وضع أسوأ بكثير.

تغيرات جديدة

ونبه الخبراء بتقريرهم إلى أن نطاق التغيرات المناخية الأخيرة لم يسبق له مثيل منذ مئات الآلاف من السنين، وتوقعوا استمرار الظواهر المناخية الشرسة لفترة تتراوح بين مئات إلى آلاف السنين، وخاصة زيادة موجات الحرارة، ومواسم دافئة أطول، وفصول باردة أقصر مما مضى، إلى جانب التغيرات بالمحيطات وذوبان الصفائح الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر.

ويتوقع الخبراء أن تتعرض هونغ كونغ على سبيل المثال بشكل متزايد للأعاصير العنيفة والجفاف وموجات الحر، وقالوا إن التغير المناخي سيؤدي لارتفاع معدل هطول الأمطار السنوي فوق شبه القارة الهندية، وستصبح الأمطار الغزيرة والفيضانات أكثر كثافة وتواترا بجميع أنحاء أوروبا، وأشار التقرير على سبيل المثال إلى أن الأمطار التي هطلت مؤخراً على ألمانيا خلال يومين تعادل بكميتها ما يسقط خلال شهرين، فيما هطلت في غضون أربعة أيام على مقاطعة خنان بوسط الصين، كميات تراكمية من الأمطار تتجاوز متوسط ما يسقط خلال عام كامل، وقد أسفر ذلك عن فيضانات هائلة، وسقوط مئات الضحايا وخسائر اقتصادية بملايين الدولارات.

ويوضح التقرير أنه إذا استمرت انبعاثات غازات الدفيئة عند نفس المستويات أو انخفضت بشكل طفيف فقط، فستكون النتيجة استمرار الاحترار وتفاقم الآثار لبقية القرن على الأقل، ولكن إذا قامت الحكومات بإجراء تخفيضات جذرية وفورية في الانبعاثات، فيمكنها تثبيت المناخ عند حوالي 1.5 درجة مئوية من الاحترار مقارنة بمستويات ما قبل عصر الثورة الصناعية، وكشف خبراء المناخ النقاب عن أنه ثبت لديهم أن الجهد الجماعي لإبطاء تغير المناخ غير كافٍ بشكل خطير، وقالوا إن الدول المعنية فشلت بتحقيق الأهداف التي حددتها بموجب اتفاق باريس للمناخ لعام 2015، كما أن التعهدات الأكثر جرأة التي تبنتها بعض الدول مؤخراً لا تزال تضع العالم على مسار محفوف بالمخاطر.

ناقوس الخطر

وعلق السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، على التقرير ووصفه بأنه ليس أقل من رمز أحمر للإنسانية، وجرس إنذار يصم الآذان، وقال إن العالم يواجه خطراً وشيكا باقترابه من الوصول إلى 1.5 درجة مئوية على المدى القريب، وإن الطريقة الوحيدة لمنع تجاوز هذه العتبة هي من خلال تكثيف الجهود بشكل عاجل، والمثابرة على المسار الأكثر طموحاً، وأكد غوتيريش أن الاقتصادات الشاملة والخضراء، والازدهار والهواء النظيف والصحة الأفضل ممكنة للجميع، إذا ما تمت الاستجابة لهذه الأزمة بتضامن وشجاعة.

وينظر للتقرير على أنه صرخة علمية وإنذار للبشرية ودعوة للعالم كي يستيقظ، حيث يأتي قبل نحو مائة يوم من قمة مناخية حاسمة في غلاسكو بإسكتلندا مطلع نوفمبر المقبل، وسيواجه قادة العالم المشاركون بالقمة ضغوطا متزايدة للتحرك بصورة أكثر جدية وإلحاحا لإبطاء ارتفاع درجة حرارة الأرض.

دعوة للتحرك عاليماً

وتقول المجموعات العلمية والنشطاء المعنيون بالمناخ من جميع أنحاء العالم ، إنه يتعين على القادة العمل والتحرك بسرعة فليس هناك الكثير من الوقت للانتظار، خاصة وأن الأدلة العلمية حول مخاطر تفاقم تغير المناخ باتت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، ولا ينبغي أن يشعر الناس بالأسف على إخفاقات الماضي، أو اليأس من الاحتمالات المستقبلية التي لا مفر منها، بل عليهم التركيز على ما يمكن القيام به، وعلى ما يمكن إنقاذه، وحملت عبء المسؤولية الهائل على عاتق الجيل المعاصر من القادة، خاصة وأن البشرية تجد نفسها اليوم عند مفترق طرق.

وعلقت أوساط صحفية غربية على التقرير المناخي الجديد بالقول ، إن الدراسات تتوالى وتتراكم الأدلة، وتتأكد أحلك السيناريوهات، بينما يقف العالم صامتا وجامدا وسلبيا بشكل مدهش، بمواجهة الخطر الأكبر الذي يعرض الجنس البشري للخطر. وشددت على ضرورة أن يشكل التقرير جرس إنذار، من أجل التحرك وبذل كل الجهود الممكنة لتجنب كارثة أسوأ، و طالبت تلك الأوساط بالإصغاء للرسالة التي يبعثها التقرير وهي أن تغير المناخ من صنع الإنسان وأنه لا يوجد مجتمع على وجه الأرض سيكون محصناً من تداعياته وآثاره.

وقالت إن التقرير بدد الشكوك التي كانت سائدة حول الاحترار المناخي ودحض التطمينات الزائفة بأن تداعيات المناخ هي مشكلات الغد، وأظهر أن المستقبل محفوف بالمخاطر، وأعطى العالم لمحة لما ينتظره من فترات جفاف طويلة وظواهر جوية شرسة وقاسية وفيضانات رهيبة.

الوقاية أفضل

وشدد مراقبون أوروبيون على أن الوقت قد حان للشعور بالقلق بعد تقرير المناخ المرعب، وقالوا إن الاحتباس الحراري هو بالفعل أحد أكثر الدوافع المتسببة بتفاقم الجوع والمجاعة والهجرة والفقر وعدم المساواة بجميع أنحاء العالم، وأضافوا أن هناك واجباً أخلاقياً واقتصاديا متزايداً للاستجابة لعواقب تغير المناخ، فغالباً ما تكون المجتمعات الأكثر فقراً هي تلك التي تساهم بأقل قدر بتغير المناخ ولكنها أكثر عرضة لعواقبه.

ويشير المراقبون إلى أن تكلفة التقاعس عن العمل ستظل في تصاعد، وقالوا إن الوقاية أفضل وأقل تكلفة بكثير من العلاج، وشددوا على أهمية الاستثمار بالتكيف مع المناخ، لأن الاتجاه السلبي للمناخ سيستمر خلال العقود القادمة، ومن أقوى طرق التكيف الاستثمار بخدمات الإنذار المبكر ونظم رصد الطقس، والتي من شأنها خلق فوائد تساوي عشرة أضعاف تكلفتها على الأقل، كما أنها حيوية لبناء القدرة على الصمود بوجه الأحوال الجوية القاسية.

ويرى المراقبون أن على قمة المناخ في غلاسكو أن تخرج للعالم بتعهدات حاسمة وأهداف طويلة الأجل لخفض الانبعاثات، وأن تكملها بإجراءات فورية للحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الكوكب بما لا يزيد عن درجة ونصف على قيد الحياة، خاصة وأن تلك القمة ربما تكون الفرصة الأخيرة أمام العالم للالتقاء والعودة عن حافة الهاوية.

جميع الحقوق محفوظة لمرسال قطر 2024

atyaf company logo