نظمت جامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا "المؤتمر الدولي للابتكار والتقدم التكنولوجي من أجل الاستدامة"، والمعرض المصاحب، الذي يسلط الضوء على المبادرات والمشاريع التي تطلقها الجامعة وشركاؤها، ومطورو الصناعة لتعزيز الاستدامة في دولة قطر والعالم.
حضر حفل الافتتاح عدد من أصحاب السعادة الشيوخ والوزراء، وكبار المسؤولين من داخل الدولة وخارجها، والمتخصصين في مجالات الأمن الغذائي، والبيئة، والطاقة، والاقتصاد، والتقنيات الرقمية، إلى جانب كوكبة من الأكاديميين والباحثين والطلاب، وكذلك ممثلون من الهيئات الحكومية في الدولة وشركاء الجامعة.
استكشاف أفكار جديدة
ويمثل هذا المؤتمر الدولي، الذي أقيم برعاية تقنية من معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (IEEE)، بالولايات المتحدة الأمريكية، فرصة للباحثين والأوساط الأكاديمية والطلاب وصناع السياسات ومطوري الصناعة، والمسؤولين الحكوميين لاستكشاف أفكار وتقنيات وأدوات جديدة لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.
ويبرز المؤتمر، رؤية قطر الوطنية 2030، كما يهدف إلى إيجاد مسار يضمن تحقيق التنمية المستدامة وتحسينها من خلال تقديم واعتماد أحدث التقنيات والحلول المبتكرة، إلى جانب الخروج بتوصيات تتعلق بالسياسات، من شأنها تعزيز وتحقيق هدف "إقامة مجتمع مستدام".
د. فالح آل ثاني: الوزارة حريصة على تشجيع استخدام التطورات التكنولوجية في دعم وحماية البيئة
وأعرب سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني وزير البيئة والتغير المناخي، وفي كلمته الافتتاحية، عن سعادته بهذا المؤتمر، مؤكدا حرص الوزارة على تشجيع استخدام التطورات التكنولوجية في دعم وحماية البيئة، وإجراء وتقييم الدراسات اللازمة لحماية البيئة، وذلك من منطلق الإدراك التام بأهمية مجال البحث والتطوير في المساهمة بتنمية البيئة واستدامتها، سواء ضمن استراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغير المناخي أو خطة العمل الوطنية لدولة قطر بشأن التغير المناخي، والتي جعلت التكنولوجيا والبحث والتطوير عاملا أساسيا من عوامل التمكين لتنفيذ خططنا واستراتيجياتنا، حيث يمكن للابتكار أن يوفر حلولا من شأنها المحافظة على بيئة مستدامة في دولة قطر.
ومن جانبها، أعربت سعادة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، في كلمة عبر تقنية الاتصال المرئي، عن سعادتها بالمشاركة في هذا المؤتمر، وقالت: "إن عالمنا اليوم يواجه أزمات متعددة الأوجه، ساهمت في تعقيدها جائحة “كوفيد - 19”، والتضخم وأعباء الديْن، والآثار السلبية لتغير المناخ والنزاعات في العالم، ولقد بات واضحا الآن أن العلم والتكنولوجيا يشكلان منصة راسخة يرتكز عليها التوافق وتنسيق الجهود والمواقف عند التصدي للقضايا المعقدة، كما أظهرته لنا الجهود المتعددة الأطراف الهادفة إلى إدارة جملة أمور، منها تغير المناخ، وجائحة “كوفيد - 19”، والمياه، والطاقة المتجددة".
هاو ليانغ زو: الشراكة الإستراتيجية بين الأمم المتحدة ودولة قطر تركز على مستقبل التنمية
وبدوره، أكد السيد هاو ليانغ زو، الأمين العام المساعد في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في كلمة متلفزة، أن الشراكة الاستراتيجية بين الأمم المتحدة ودولة قطر تركز على مستقبل التنمية، ووضع حلول مبتكرة مع المجتمعات المحلية؛ بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
إنجازات رفيعة المستوى
ومن ناحيته، عبر الدكتور سالم بن ناصر النعيمي، رئيس جامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا، عن خالص الامتنان والتقدير لمعالي رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية لرعاية معاليه لهذا المؤتمر، والذي يأتي في سياق الجهود المبذولة لتحقيق إنجازات رفيعة المستوى، تعكس الدور القيادي الذي تضطلع به دولة قطر ومؤسساتها التعليمية ومختلف القطاعات في تناول قضايا الاستدامة، مشيرا إلى التزام دولة قطر القوي بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، الذي ينعكس في رؤية قطر الوطنية، التي تعمل على تحويل الدولة إلى مجتمع متقدم قادر على تحقيق التنمية المستدامة بحلول العام 2030.
وقال: "نفخر بأن جامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا هي أول مؤسسة تعليمية وطنية تطبيقية في الدولة، ونؤكد على التزامنا بقضايا الاستدامة سواء من خلال مناهجنا الدراسية التي تؤسس الطلاب على هذا المبدأ المهم أو من خلال المشاريع والأبحاث التطبيقية التي نقوم بها، وأيضا من خلال البنى التحتية في الجامعة التي تضع الاستدامة أولوية بارزة؛ ولذلك نسعى دائما إلى تعزيز التميز في كل خطوة نتخذها تماشيا مع رؤيتنا ورسالتنا، وبما يساهم في عملية الابتكار والتنمية المستدامة التي نطمح إلى تحقيقها يدا بيد مع الأكاديميين والباحثين والطلاب، وكذلك الوزارات والهيئات الحكومية، وشركاء الجامعة؛ خدمة لأهداف التنمية المستدامة في دولة قطر والعالم".
وغطى المؤتمر عدة محاور أساسية، هي: البيئة وتغير المناخ، والأمن الغذائي والاستدامة، بالإضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة، وبناء القدرات والحلول المبتكرة لتحقيق التنمية المستدامة، كما استعرض الإنجازات والمبادرات التي تقوم بها مختلف الجهات على الصعيدين المحلي والدولي في مجال التنمية المستدامة، واستكشاف التحديات والفرص المستقبلية التي تتعلق بتحقيق التنمية المستدامة في مختلف القطاعات، بالإضافة إلى استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أعمال التنمية المستدامة.
كما شهد المؤتمر عددا من الجلسات حول أحدث التطورات والمبادرات في مجال التنمية المستدامة، وحلقة نقاش من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بقيادة شبكة مختبرات التسريع التابعة للبرنامج، وهي شبكة التعلم الأكبر والأسرع عالميا في تناول تحديات التنمية المستدامة.
طرق عمل جديدة
وتحدث المشاركون عن أهمية هذه الشبكة التي أطلقت بالتعاون مع الوزارة الفيدرالية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، وصندوق قطر للتنمية في طرح طرق عمل جديدة، وإيجاد حلول مبتكرة محليا للاستجابة بشكل عاجل، وإعادة طرح مفهوم التنمية المستدامة في القرن الواحد والعشرين.
وقد ركز المحور الأول على "البيئة وتغير المناخ" من خلال تناول عدد من الموضوعات بما في ذلك: تغير المناخ بين التكيف وتخفيف الآثار، والنمذجة المناخية والبيئية، واستراتيجيات التحكم في تلوث الهواء والماء، وتصميم المباني المستدامة وعمليات التوسع الحضري الحديث، والأنظمة الفعالة بيئيا وتصميمها، والهندسة البيئية، والقضايا البيئية والوقاية منها، والجفاف وحرائق الغابات كأحد العوامل المحتملة لتغير المناخ والتدهور البيئي وكيفية التصدي له.
واستعرض المحور الثاني العلاقة بين الأمن الغذائي والاستدامة بما في ذلك تقنيات الزراعة الذكية مناخيا، وتقليل خسائر ما بعد الحصاد، والتدخلات لتحسين إنتاجية التربة والمحاصيل، والزراعة باستخدام الدفيئات الزجاجية والزراعة المائية (تصميم الدفيئات الزجاجية وتحسينها)، وإدارة المياه الزراعية وأنظمة الري، وأفضل ممارسات الإدارة في مجال الزراعة المستدامة.
واستكشف المحور الثالث مصادر الطاقة المتجددة؛ من خلال استعراض الأنظمة الكهروضوئية المبتكرة، والمفاعلات الحيوية لتطبيقات الطاقة، وتسخير الرياح البحرية لتطبيقات الطاقة، وتداعيات الطاقة المتجددة، ومراجعة حسابات الطاقة وتصميم المدن المستدامة، وتصميم أنظمة فعالة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتحديات ذات الصلة بتلك التقنيات.
استخدام الذكاء الاصطناعي
فيما تناول المحور الرابع التكنولوجيا الرقمية للتنمية المستدامة ومنها استخدام الذكاء الاصطناعي، والتعلم المتعمق لتحقيق التنمية المستدامة، ونظم الاستشعار والتحكم، والميكاترونكس والأتمتة؛ لتسهيل الوصول إلى أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، إضافة الى إدارة مياه الشرب بمساعدة الذكاء الاصطناعي، والطائرات بدون طيار، واستخدامها لتحقيق التنمية المستدامة، واستخدام علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات.
أما المحور الخامس والأخير فركز على بناء القدرات والحلول المبتكرة لتحقيق التنمية المستدامة، وتضمن ذلك بناء القدرات والمستقبل التعليمي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، تحويل النفايات إلى منتجات توفر قيمة مضافة وتقنيات معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك تمت مناقشة المعوقات الاقتصادية للتنمية المستدامة المسؤولية الاجتماعية وآثارها، والاقتصاد الحيوي الدائري لتحقيق الاستدامة.
الجدير بالذكر أن جامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا نظمت مسابقة "الشباب العربي للابتكار والتقدم التكنولوجي من أجل الاستدامة (2023)" خلال أسبوع الأبحاث والابتكار الذي نظمته في مقر الجامعة قبل بدء المؤتمر، وهدفت إلى تطوير حلول مستدامة وعملية للدول العربية، في ضوء أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، كما عملت الجامعة من خلال تنظيم للمسابقة إلى خلق الوعي بالتحديات العالمية، ودعم الشباب في جهودهم الرامية إلى التفكير النقدي، والتوصل إلى حلول مبتكرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال التكنولوجيا.
وقد تم الإعلان عن أسماء الفائزين في مسابقة "الشباب العربي للابتكار والتقدم التكنولوجي من أجل الاستدامة (2023)" خلال اليوم الافتتاحي للمؤتمر، حيث فاز بالمركز الأول كل من نيارا فيفيان وعايشة الصمداني من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بالمملكة العربية السعودية، عن مشروعهما SandX and CarboSoil، وهو يعتمد على تقنيتين مترابطتين لحماية التربة في المناطق الحارة والجافة.
بينما فاز بالمركز الثاني طالبان من جامعة الأزهر بفلسطين، وهما عبد الرحمن أكرم دعبور وروزانا سعد سكيك عن مشروعهما Rehope، وهو جهاز محاكاة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من شلل دماغي.
وفي المرتبة الثالثة حلت طالبتان من جامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا بدولة قطر، هما ريم النعيمي ونورين أحمد عن مشروعهما Smart White Cane، وهي عصا ذكية لمساعدة فاقدي البصر.