ناقش الاجتماع المواضيعي الخامس الرفيع المستوى المنعقد في إطار فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموا، اليوم، السبل المثلى للتصدي لتغير المناخ ودعم البيئة، والآثار المترتبة على عدم النجاح في هذا المسعى على جميع دول العالم، لاسيما الأقل نموا.
وتركز النقاش على أهمية بناء توافق في الآراء لتجديد الشراكات الدولية وتنشيطها وتعبئة الموارد وحشد الطاقات وتبني إجراءات دعم دولية إضافية لدعم أقل البلدان نموا لتعزيز قدرتها على الصمود في وجه الصدمات المتعددة وتسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي بداية الاجتماع قدمت فخامة السيدة ناتاشا بيرك موسار رئيسة جمهورية سلوفينيا، ملاحظات استهلالية حول سبل معالجة التغير المناخي ودعم البيئة، فأشارت إلى أن التغير المناخي لا يشكل مسألة أمن البشرية فقط بل هو مسألة أمن دولي كبيرة. "فهو يفاقم مخاطر الأمن في المناطق التي تشهد نزاعات ويفرض مصادر شديدة من انعدام الاستقرار ويفاقم أوجه الضعف".
وأكدت أنه لا يمكن لدولة بمفردها أن تتفادى التغير المناخي لذلك لابد من تعاون وتضامن دولي يجنب الجميع بما في ذلك أقل البلدان نموا مخاطر التغير المناخي، و"آمل أن نستخدم هذه المائدة المستديرة لنناقش الأخطاء الماضية التي يجب أن نستقي منها العبر لنعالج التحديات الحالية ولنحدد العراقيل التي تقوض المعالجة الفعالة، إضافة إلى تدارس سبل التنفيذ الفعال لرؤية برنامج عمل الدوحة".
وشددت على أن المجتمع الدولي لن يحرز تقدما حقيقيا في هذه الجهود من دون المشاركة الفعالة والجامعة لكل الأطراف بمن فيهم الأكثر تهميشا من النساء والشباب والشعوب الأصلية ومختلف الأقليات، كما نوهت بأهمية الاستناد إلى الأدوات المناسبة في مجابهة التحديات مثل أنظمة الإنذار، والتمويل المناسب وإصلاح النظام المالي الدولي.
من جهته، قال معالي السيد كورسيا نتانو رئيس وزراء توفالو إن "مسألة تغير المناخ ودعم البيئة تكتسي أهمية كبيرة للبلدان الأقل نموا وخصوصا لبلدان منطقة الهادئ، بما فيها توفالو لأنها تتأثر أكثر من غيرها بالتغير المناخي والكوارث التي يسببها، كما تطرح تحديا كبيرا على الاقتصادات النامية المستدامة في معظم البلدان الأقل نموا، ولا سيما دولة توفالو".
وأضاف أن برنامج عمل الدوحة يشكل خريطة طريق للمسار الذي يتعين اتخاذه للبلدان الأقل نموا حتى تتعافى وتستعيد ما خسرته في مجال أهداف التنمية المستدامة نتيجة جائحة "كوفيد - 19"، بغية الوصول إلى تحول هيكلي يضمن معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي، وبناء قدراتها الإنتاجية وتعزيز حصتها من الصادرات العالمية.
ورأى أن الحاجة ماسة للمساعدة أيضا على جمع ونشر البيانات حول الخسائر التي تسببها الكوارث واعتماد أنظمة إنذار مبكر لمختلف الحوادث، و"من المهم أيضا أن ننتقل من "الإمكانات إلى الازدهار" كما ينص عليه شعار هذا المؤتمر".
وذكر أن بلاده كغيرها من البلدان الأقل نموا تعاملت مع عدد من الكوارث مثل الجفاف والأعاصير وفي الوقت الذي فرضت فيه الجائحة الأخيرة تحديات كبيرة عليها وكانت تبعاتها مباشرة وغير مباشرة وهائلة، إلا أن الكوارث المرتبطة بالمناخ لا تزال تقوض هذه المجتمعات والاقتصادات والحكومات المحلية والوطنية، وكل ذلك يثبت أن البلدان الأقل نموا بحاجة إلى مساعدة.
من جهتها، دعت سعادة السيدة كريسولا زاكاروبولو وزيرة التنمية بالجمهورية الفرنسية، للانتقال من منطق مساعدة البلدان الأقل نموا إلى منطق الاستثمار والتضامن والشراكة الاقتصادية.
وقالت إن أقل البلدان نموا لديها فرص كبيرة في مجال التغير المناخي إذ أن 60 بالمئة من الإمكانيات الموجودة في الكوكب موجودة بها، مطالبة إياها وغيرها من دول العالم بضمان التحول إلى الطاقة الخضراء وحماية التنوع البيولوجي.
وأضافت "لقد أحرزنا تقدما كبيرا في مؤتمر الأمم المتحدة للدول الأطراف السابع والعشرين المنعقد بمصر وعلينا اليوم أن ننفذ ما تعهدنا به.. العناصر الأساسية هي الوصول إلى التمويل، هذه العناصر هي التي تحدد ما إذا كانت أقل البلدان نموا ستقوم بعمليات انتقال استراتيجية.. نحن تعهدنا بتمويل مالي خلال المؤتمر والأطر موجودة والآن يجب تنفيذ هذه الوعود وتحويلها إلى نتائج ملموسة".
لكنها شددت على أن ذلك يجب أن يمر عبر سياسات وطنية متسقة وإطار مؤسسي مستقر "فالمستثمرون العامون والخصوصيون يحتاجون إلى الثقة والشفافية ولهذا السبب من الضروري أن تتمكن أقل البلدان نموا من الوصول إلى الحلول لتحديد إستراتيجية انبعاثات منخفضة طويلة الأمد وخطة تكيف وطنية وخطط للتنوع البيولوجي من أجل تسهيل الوصول إلى التمويل، وهذه الخطط يجب أن تكون بها أرقام ويجب أن تترجم في الميزانيات الوطنية".
يشار إلى أن البلدان الأقل نموا رغم أنها غنية بالتنوع البيولوجي والموارد الطبيعية، تعتبر من بين الدول الأكثر عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ، وقد بحث الاجتماع في الآليات الكفيلة بالحد من تعرض هذه البلدان للصدمات البيئية والأخطار الطبيعية، لا سيما تلك المتعلقة بتغير المناخ، وتعزيز قدرتها على مواجهة هذه التحديات وغيرها من خلال تعزيز القدرة على التكيف والمرونة.
ويركز مؤتمر الأمم المتحدة المعني بأقل البلدان نموا الذي يعقد كل 10 سنوات، وهو الخامس من نوعه على إعادة وضع احتياجات البلدان الأقل نموا وعددها 46 في صدارة جدول الأعمال العالمي ودعمها في جهود العودة إلى مسار التنمية المستدامة.
والبلدان الأقل نموا، المدرجة على قائمة الأمم المتحدة، هي التي تظهر أدنى مؤشرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية عبر مجموعة من المؤشرات.
إذ يبلغ نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي في هذه البلدان أقل من 1018 دولارا؛ مقارنة بحوالي 71 ألف دولار في الولايات المتحدة وفقا لبيانات البنك الدولي، كما تسجل فيها درجات متدنية لمؤشرات التغذية، الصحة، الالتحاق بالمدارس، ومهارات القراءة والكتابة، وفي نفس الوقت تسجل درجات عالية في مؤشرات الضعف الاقتصادي والبيئي الذي يقيس عوامل مثل البعد الجغرافي، بالإضافة إلى الاعتماد على الزراعة ومخاطر التعرض للكوارث الطبيعية.
وتضم قائمة البلدان الأقل نموا حاليا 46 بلدا، منها 6 دول عربية، تقع الغالبية العظمى منها في إفريقيا. تتم مراجعة القائمة كل ثلاث سنوات من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. وقد خرجت ستة بلدان من فئة أقل البلدان نموا بين عامي 1994 و2020.