توقعت دراسة حديثة لوكالة ترويج الاستثمار في قطر، أن تشهد الصناعة الدوائية في قطر نموا ملحوظا في الأعوام المقبلة، مدفوعا بما توفره من مناخ أعمال تنافسي وبنية تحتية طبية شاملة، واستثمارات في عمليات البحث والتطوير، الأمر الذي سيوفر فرصا مجزية للمستثمرين في هذا القطاع والجهات المعنية في جميع أنحاء العالم جراء التوقعات بنمو سوق الأدوية بنسبة 165.2 بالمئة بين عامي 2020 و2030.
وقالت الدراسة الصادرة اليوم، إنه بالرغم من التحديات الكبيرة التي شكلتها جائحة "كوفيد-19" أمام أنظمة الرعاية الصحية في العالم، والتي شملت الصناعة الدوائية، أظهرت دولة قطر مرونة فائقة وقدرة ملحوظة على التعامل مع الجائحة وعلى التكيف مع ظروف خروج العالم تدريجيا من هذه الأزمة غير المسبوقة.
وأشارت إلى أن أنظمة الدعم الراسخة في قطر استمرت في العمل رغم الآثار المستمرة للجائحة، لتجذب الدولة الاستثمارات في مجال الصناعة الدوائية، وتدفع عجلة التقدم في هذه الصناعة بما توفره من مناخ أعمال تنافسي، وبنية تحتية طبية شاملة، واستثمارات كبيرة في عمليات البحث والتطوير، مبينة أن قطر تجسيدا لالتزامها بتوفير خدمات عالمية المستوى، تتصدر الإنفاق على الرعاية الصحية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي بــ 1,827 دولارا.
العوامل الرئيسية للنجاح
وأوضحت أن الاستراتيجية الوطنية للصحة 2018 - 2022 تعد من العوامل الرئيسية لنجاح قطر في هذا المجال، فقد هيأت بيئة مواتية استثنائية لشركات الأدوية. وتركز هذه الاستراتيجية على تطوير خدمات الرعاية الصحية، وتشجيع انخراط القطاع الخاص في تقديمها، مدعومة بالتزام الحكومة بالزيادة المستمرة في الإنفاق الصحي، والإنفاق على خدمات الرعاية الصحية الخاصة.
وعلاوة على ذلك، أدت سلاسة شبكات التوزيع، وسهولة الحصول على خدمات الرعاية الصحية إلى زيادة الطلب في السوق، وضمان توفر الأدوية الأساسية، حيث تساهم مؤسسات مثل: كلية الصيدلة بجامعة قطر، والمبادرات التي تطرح على غرار برنامج التدريب على البحوث الطبية الحيوية، على نحو كبير في دعم القدرات العلمية والبحثية للدولة، مما يعزز الابتكار في قطاع الأدوية. وبالإضافة إلى ذلك، تعمل مؤسسات تعليمية مرموقة منها كلية وايل كورنيل للطب - قطر، على تعزيز البحوث الصحية والدوائية، مما يرسخ مكانة قطر في هذه الصناعة.
وتوقعت وكالة ترويج الاستثمار، أن تحتفظ قطر بمركزها القوي في صناعة الأدوية العالمية مع انتقال العالم إلى حقبة ما بعد الجائحة، وذلك بفضل استعدادها للتعامل مع المتغيرات، وبنيتها التحتية، وخبراتها المعرفية الداعمة، حيث تصنف قطر ضمن أفضل ثلاث دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فيما يتعلق بمنشآتها الصحية، وستستمر في المضي قدما في تقديم إسهاماتها الكبيرة في مجال الرعاية الصحية.
صفقات الأدوية الحيوية
أما على الصعيد العالمي، فذكرت وكالة ترويج الاستثمار في الدراسة، أن صناعة الأدوية شهدت طفرة خلال الحقبة التي أعقبت جائحة "كوفيد - 19"، وظهر ذلك جليا في العدد القياسي لصفقات الأدوية الحيوية، والاستثمارات الكبيرة في أنظمة الرعاية الصحية. وقد حظي هذا التوجه بالاهتمام في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تشكل صناعة الأدوية مرحلة جديدة لها.
ورأت أن سوق الأدوية تسير في مسار تصاعدي، حيث شهد عام 2020 قفزة كبيرة في عدد الأدوية الحيوية، بزيادة ملحوظة بلغت 107 بالمئة، مقارنة بعام 2018، كما سجل الإنفاق على البحث والتطوير ارتفاعا كبيرا، وصل إلى 189 مليار دولار في 2020.
وقالت الوكالة: إن هذا النمو المتوقع يشير إلى التوسع المطرد في الصناعة الدوائية في أعقاب الجائحة، والاستثمارات الكبيرة في أنظمة الرعاية الصحية في العالم، مقدرة أن يصل سوق الأدوية إلى 2,051 مليار دولار، بحلول عام 2025، بزيادة قدرها 70 بالمئة عن 2020. وعلى نحو مماثل، فقد أشارت التوقعات السابقة إلى ارتفاع مبيعات الأدوية بنسبة 32 بالمئة ابتداء من عام 2020 لتصل إلى 181,1 مليار دولار بحلول عام 2024.
وسرعان ما أصبحت منطقة الشرق الأوسط محركا رئيسيا لهذا النمو المتوقع، ويعزى ذلك لاستفادة المنطقة من التحسن الذي طرأ على إمكانية الوصول إلى الأدوية، والتوقعات الإيجابية للتنمية الاقتصادية، مما يجعلها سوقا جاذبة للاستثمارات في مجال صناعة الأدوية. وقد سجل إجمالي الإنفاق في سوق صحة المستهلك في دول مجلس التعاون الخليجي ارتفاعا كبيرا ليصل إلى 9 مليارات دولار بسبب تركيز هذه الدول على مجالات الرعاية الصحية، وسهولة الوصول إلى الخدمات الرقمية الشخصية.
ولفتت إلى عوامل رئيسية تزيد الطلب على الصناعة الدوائية، أبرزها: ارتفاع نسبة الشيخوخة، وزيادة انتشار الأمراض المزمنة، والأمراض المرتبطة بالإجهاد والأوبئة. وبالتزامن مع ذلك، توفر العوامل المحفزة المرتبطة بالعرض مثل الطب التخصصي، وانتهاء صلاحية براءات الاختراع، والأدوية العامة التي لا تحمل اسما تجاريا، والأدوية التي لا يستلزم صرفها وصفات طبية، فرصا إضافية لنمو هذا القطاع.
ورأت أن من أبرز معالم سوق الأدوية في منطقة الشرق الأوسط، زيادة الطبقة الوسطى حيث يتوقع أن يصل عدد المنتمين إلى الطبقة الوسطى في العالم إلى 5.3 مليار شخص بحلول عام 2030، إضافة إلى نمو سوق الأدوية التي لا تحمل اسما تجاريا إذ بلغ حجم سوق الأدوية التي لا تحمل اسما تجاريا 390.6 مليار دولار في عام 2020، ويتوقع وصول حجمها إلى 574.6 مليار دولار بحلول عام 2030، فضلا عن ارتفاع نسبة أسعار الأدوية التي تصرف بموجب وصفات طبية إلى 35 بالمئة منذ عام 2014، ونمو الطب الشخصي المتوقع أن يصل حجم السوق فيه إلى 796.8 مليار دولار بحلول عام 2028، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 6.2 بالمئة حتى 2028.