تمثل مشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في (قمة القاهرة للسلام) المقرر عقدها بجمهورية مصر العربية اليوم، تأكيدا على موقف دولة قطر الثابت والراسخ في دعم القضية الفلسطينية، وإبقائها على رأس أولويات حراكها الدولي.
ومنذ بدايات القضية الفلسطينية قبل أكثر من سبعين عاما ظلت هذه القضية المركزية حاضرة في وجدان وعقول القطريين أميرا وحكومة وشعبا، فدعموها في كل المحافل الدولية وبكل الوسائل والإمكانيات، وبقيت في مقدمة اهتمامات دولة قطر، التي سخرت لها كافة أشكال الدعم السياسي والمادي والمعنوي، انطلاقا من أولويات ثابتة ومبادئ راسخة وقيم إنسانية وأخلاقية.
وحملت قطر هم الفلسطينيين وطموحاتهم المشروعة وحقهم في إقامة دولتهم على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشريف في كل محفل دولي، ولم تأل جهدا في التذكير بعدالة القضية الفلسطينية والظلم والجور الكبير الذي لحق بالأشقاء الفلسطينيين جراء الاحتلال الإسرائيلي، الذي قتلهم وسرق أرضهم وشردهم في مشارق الأرض ومغاربها.
القضية أولوية
وفي كل خطابات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، أمام مختلف المحافل والمنابر محليا وعربيا ودوليا كانت القضية الفلسطينية حاضرة وبقوة في صدارة الأولويات والاهتمامات، وفي خطاب سمو أمير البلاد المفدى الأول بمناسبة توليه مقاليد الحكم في يونيو 2013، أكد سموه أن دولة قطر تلتزم بالتضامن مع الشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله لنيل حقوقه المشروعة، وتعتبرها شرطا للسلام العادل، الذي يشمل الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي العربية التي احتلت عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وحق العودة للاجئين.
وفي خطاب سموه أمام الدورة 78 للجمعية العامة في نيويورك خلال سبتمبر الماضي، أكد سموه رفض دولة قطر لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وقال سموه: "لا يجوز أن يبقى الشعب الفلسطيني أسير تعسف الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني، ورفض الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أي حل سياسي عادل وفق مبادئ الشرعية الدولية".
كما أكد سموه أن تقاعس المنظمة الدولية عن اتخاذ إجراءات ضد الاحتلال أتاح ويتيح الفرصة لإسرائيل لكي تقوض أسس حل الدولتين بالتوسع والاستيطان، حتى أصبح الاحتلال يتخذ شكل نظام فصل عنصري في وضح نهار القرن الواحد والعشرين، وجدد سمو الأمير التأكيد على دعم دولة قطر السياسي والإنساني والتنموي للشعب الفلسطيني، وتمسكها بالموقف المبدئي من عدالة هذه القضية التي أصبحت امتحانا لمصداقية ساسة دول العالم تجاه منطقة الشرق الأوسط.
حقوق الفلسطينيين
وفي مايو الماضي، وجه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، رسالة إلى الاجتماع الرفيع المستوى للجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الفلسطينية، والذي عقد في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك.
وقال سموه فيها: "بعد سبعة عقود ونصف على النكبة، فإننا اليوم نجدد ثقتنا في عدالة القضية الفلسطينية، ونحيي الشعب الفلسطيني الشقيق على صموده الباسل للحصول على كافة حقوقه، ونؤكد على موقف دولة قطر الثابت بضرورة التوصل إلى تسوية سلمية لقضية فلسطين من جميع جوانبها على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق الحل القائم على وجود دولتين، المتضمن قيام دولة فلسطين المتمتعة بالاستقلال والسيادة ومقومات البقاء على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ومنح الشعب الفلسطيني جميع حقوقه غير القابلة للتصرف، وذلك وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومبادرة السلام العربية".
وفي كلمة سموه خلال القمة العربية الـ 28 في الأردن عام 2017، أكد سمو أمير البلاد المفدى أن "موقف دولة قطر الثابت من القضية الفلسطينية هو الموقف العربي الملتزم بأن تؤسس عملية السلام على تسوية شاملة وعادلة ودائمة تستند إلى الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية التي تقوم على مبدأ حل الدولتين، بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية بما فيها الجولان السوري".
وتنفيذا لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، توجهت في السادس عشر من أكتوبر الحالي إلى مدينة العريش في جمهورية مصر العربية الشقيقة، طائرة قطرية تحمل 37 طنا من المساعدات الغذائية والطبية، مقدمة من صندق قطر للتنمية، تمهيدا لنقلها إلى غزة، وتأتي هذه المساعدات في إطار مساندة دولة قطر للشعب الفلسطيني الشقيق، ودعمها الكامل له خلال الظروف الإنسانية الصعبة جراء القصف الإسرائيلي الذي يتعرض له القطاع.
وفي إطار دعم دولة قطر المتواصل والقوي للأشقاء الفلسطينيين، جاءت المنحة التي تم تقديمها بتوجيه من سمو أمير البلاد المفدى، في شهر مايو 2021 بقيمة 500 مليون دولار، لإعادة إعمار قطاع غزة، لا سيما المرافق الخدمية بقطاعات الصحة والتعليم والكهرباء، بالإضافة للمنازل التي دمرت بسبب الاعتداءات الإسرائيلية.
وفي الثاني والعشرين من مارس 2020، وجه سمو الأمير المفدى بتقديم 150 مليون دولار على مدى 6 أشهر، دعما للأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، وذلك استكمالا لجهود دولة قطر في التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، ودعما لبرامج الأمم المتحدة الإغاثية والإنسانية في قطاع غزة، تشمل مساعدة مالية لأهالي القطاع المحاصر في مكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد – 19".
دعم الأشقاء
وفي السادس من مايو عام 2019، وجه سمو الأمير المفدى "حفظه الله" أيضا بتخصيص مبلغ 480 مليون دولار دعما للأشقاء الفلسطينيين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي العاشر من أكتوبر عام 2018، وجه سمو أمير البلاد المفدى بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لأهل قطاع غزة المحاصر بقيمة 150 مليون دولار، وذلك مساهمة في التخفيف من تفاقم الوضع الإنساني في القطاع المحاصر منذ سنوات. وفي الثامن من فبراير عام 2018، وجه سموه "حفظه الله" بتقديم مساعدات عاجلة بقيمة ثلاثة وثلاثين مليون ريال قطري، تشمل الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية ووقود تشغيل مولدات المستشفيات في قطاع غزة.
وفي التاسع عشر من ديسمبر عام 2017، وجه سمو الأمير المفدى بإعفاء سكان مدينة حمد في مدينة خان يونس بقطاع غزة، من دفع الأقساط الشهرية لعام 2018 كاملا.
#قنا_انفوجرافيك |
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) October 21, 2023
الدعم القطري للقضية الفلسطينية.. ثوابت راسخة وقيم إنسانية سامية#قنا #قطر #فلسطينhttps://t.co/RE3EvxamNChttps://t.co/1PP5Q13MfNhttps://t.co/o069WzBwfL pic.twitter.com/sMoe5LCfks
وفي الخامس عشر من يناير عام 2017، وجه سمو أمير البلاد المفدى بسداد 43.8 مليون ريال قطري لحل مشكلة الكهرباء في قطاع غزة بشكل عاجل، كما وجه سموه بضرورة التعاون الدولي لدراسة مشكلة الكهرباء في القطاع، وتقديم مقترحات لحلها بصورة جذرية.
وتخفيفا لمعاناة أهل غزة المتجددة وجه سموه "حفظه الله" في مارس 2014 بتزويد قطاع غزة بما قيمته 110 ملايين ريال قطري من الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء في القطاع، وفي ديسمبر عام 2013، وجه سمو أمير البلاد المفدى بتزويد قطاع غزة بما قيمته 32 مليون دولار من الوقود، وبإرسال مساعدات ومواد إغاثية عاجلة للقطاع بمبلغ 28 مليون دولار لمواجهة البرد القارس.
بالتوازي مع ذلك، تقدم دولة قطر منحة مالية لمئة ألف من الأسر المتعففة والمستورة بقطاع غزة المحاصر (بواقع 100 دولار لكل أسرة)، ووقع صندوق قطر للتنمية مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في نوفمبر 2021 على اتفاق مساهمة لدعم الموارد الأساسية للأونروا للفترة 2021 - 2022، بمبلغ 18 مليون دولار أمريكي، مع تقديم دعم إضافي شامل للاجئين الفلسطينيين في سوريا بقطاعات الصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية، بمبلغ إجمالي قدره 7 ملايين دولار.
بريق أمل
وكان صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أول قائد عربي يزور قطاع غزة بعد تأسيس السلطة الفلسطينية هناك عام 1999، وقد دخل سموه قطاع غزة، وكان في استقباله الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وقد أعطت تلك الزيارة بريق الأمل لكافة مواطني القطاع في إعادة الحياة لأكثر من مليون وسبعمائة ألف مواطن عانوا على مدار سنوات من الحصار الإسرائيلي والحرب البشعة التي شنتها إسرائيل على القطاع عام 2008، والتي دمرت فيها البشر والحجر، وهدمت المساجد والمدارس والمستشفيات، إضافة إلى المساكن والمنشآت الحكومية المدنية والعسكرية والبنى التحتية.
وفي إطار دورها القومي في دعم القضية الفلسطينية وتحقيق التضامن العربي، استضافت العاصمة القطرية “الدوحة” ثلاث قمم عربية، من بينها قمة الدوحة الطارئة التي عقدت في يناير 2009، وقد دعت القمة التي سميت "قمة غزة" إلى تعليق المبادرة العربية للسلام، ووقف كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل، وإنشاء صندوق لإعادة إعمار غزة.
ودانت القمة في بيانها الختامي إسرائيل لعدوانها على غزة وطالبتها بالوقف الفوري لجميع أشكال العدوان والانسحاب الفوري من قطاع غزة، ورفع الحصار غير المشروط عن القطاع بما في ذلك المعابر والميناء البحري.
كما أكد البيان على السعي لملاحقة إسرائيل قضائيا لتحميلها مسؤولية ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، ومطالبتها بدفع التعويضات للمتضررين، وشدد على ضرورة الفتح الفوري والدائم للمعابر، والسماح بدخول كافة المساعدات الإنسانية وتوزيعها بحرية داخل القطاع.
وكان دعم قطر للمسجد الأقصى حاضرا وبقوة، ففي 2013 خلال القمة العربية التي عقدت في الدوحة، أطلقت قطر مبادرة لإنشاء صندوق باسم "دعم القدس" بميزانية قدرها مليار دولار، وخلال القمة العربية الاقتصادية التي عقدت بالكويت في يناير 2009 أعلنت قطر تقديم دعم لقطاع غزة بمبلغ ربع مليار دولار للمشاركة في إعادة إعمار غزة بعد عدوان 2008. وفي مؤتمر القاهرة الذي عقد في أكتوبر عام 2014 بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة صيف ذلك العام، تعهدت قطر بمبلغ مليار دولار لإعادة إعمار القطاع.
مساعدات إنسانية
وتحرص قطر على سداد حصتها المقررة سنويا لدعم السلطة الفلسطينية، كما تواصل تقديم الكثير من المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة، والضفة الغربية، والقدس، عبر جمعيات خيرية قطرية، فضلا عن مساهماتها في دعم المؤسسات التعليمية الفلسطينية، كما استقبلت معلمين فلسطينيين للعمل على أراضيها، وواصلت دعم وكالة "الأونروا"، لتمكينها من أداء رسالتها في غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء.
كما قامت دولة قطر بإنشاء مدينة سكنية لاستيعاب ضحايا الحرب على غزة، ومستشفى للأطراف الصناعية، ضمن عشرات المشروعات الخدمية والتسهيلات التي توفرها قطر لسكان القطاع بإشراف اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة في كل القطاعات الطبية والإنسانية والخدماتية والصحية والتعليمية والإسكان والزراعة والكهرباء.
وعلى صعيد المصالحة الفلسطينية، قادت الدوحة جهودا كبيرة لإنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة بين حركتي “فتح” و”حماس”، وعلى المستوى الإنساني أيضا كانت قطر سباقة في استضافة خمسة عشر أسيرا فلسطينيا تم تحريرهم ضمن صفقة لتبادل الأسرى عام 2011، وهم من بين 40 أسيرا اشترطت إسرائيل إبعادهم خارج الأراضي الفلسطينية من مجموع 477 تم إطلاق سراحهم.