حدّثت جمعية السرطان الأمريكية إرشادات فحص سرطان الرئة سعيًا منها لزيادة مستوى الكشف المبكر عنه. وقد وسّعت نطاق التوصية بالفحص السنوي عبر جرعة منخفضة من الأشعة المقطعية، كي يشمل معظم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و80 عامًا والذين لديهم تاريخ من تدخين علبة سجائر يوميا لمدة 20 عامًا وما فوق، بصرف النظر عن حالة التدخين الحالية، أو منذ متى توقف شخص ما عن التدخين.
تجلب هذه التغييرات التوجيهية اهتمامًا متجددًا بسرطان الرئة. ما مدى شيوعها؟ ما هي الأنواع المختلفة لسرطانات الرئة؟ وإلى التدخين، ما هي عوامل الخطر؟ ما أهمية الكشف المبكر؟ ما هي أنواع العلاجات الموجودة؟ وما الذي يمكن أن يفعله الناس لتقليل خطر الإصابة بهذه السرطانات؟
على هذه الأسئلة أجابت الدكتورة ليانا وين، الخبيرة الطبية لدى CNN. ووين هي طبيبة طوارئ، وأستاذة السياسة الصحية والإدارة بكلية معهد ميلكن للصحة العامة في جامعة جورج واشنطن. وشغلت سابقًا منصب مفوضة الصحة في بالتيمور.
ما مدى شيوع سرطان الرئة؟
الدكتورة لينا وين: بحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، فإنّ سرطان الرئة مصنّف ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعًا في الولايات المتحدة، بعد سرطان الجلد. عند النساء، سرطان الثدي أكثر شيوعاً من سرطان الرئة، وعند الرجال سرطان البروستاتا أكثر شيوعاً من سرطان الرئة. بالنسبة لكل من الرجال والنساء، يموت عدد أكبر من الأشخاص في الولايات المتحدة بسبب سرطان الرئة مقارنة بأي نوع آخر من السرطان. وتقدر جمعية السرطان الأمريكية أنه في عام 2023، سيكون هناك حوالي 238 ألف حالة إصابة بسرطان الرئة، وسيموت حوالي 127 ألف شخص بسبب سرطان الرئة.
ما هي أنواع سرطان الرئة؟
وين: هناك نوعان رئيسيان من سرطانات الرئة، سرطان الرئة ذات الخلايا الصغيرة (SCLC)، وسرطان الرئة ذات الخلايا غير الصغيرة (NSCLC).
كلاهما لديه أنواع فرعية أخرى من السرطان. على سبيل المثال، يتضمن NSCLC أنواعًا فرعية بما في ذلك السرطان الغدي، وسرطان الخلايا الحرشفية، وسرطان الخلايا الكبيرة.
وفيما يميل نوع SCLC إلى النمو والانتشار عبر الجسم بشكل أسرع من سرطان الرئة ذات الخلايا غير الصغيرة. عند التشخيص، ينتشر SCLC عادةً خارج الرئتين. الغالبية العظمى من حالات SCLC تكتشف لدى المدخنين الحاليين أو السابقين.
أما النوع NSCLC أكثر شيوعًا، فهو يشكل 80% إلى 85% من تشخيصات سرطان الرئة. ولهذه أيضًا علاقة قوية بالتدخين. لكن تجدر الإشارة إلى أنّ السرطان الغدي هو النوع الأكثر شيوعًا من سرطان الرئة الموجود لدى الأشخاص الذين لا يدخنون. ويتم تشخيصه أيضًا لدى الشباب مقارنة بالأنواع الأخرى من سرطان الرئة، وهو أكثر شيوعًا عند النساء منه عند الرجال.
هناك أنواع أخرى من السرطانات التي تبدأ في أجزاء أخرى من الجسم ويمكن أن تنتشر إلى الرئتين. فسرطان الثدي، على سبيل المثال، يمكن أن ينتشر إلى الرئتين وكذلك إلى الأعضاء الأخرى. هذه ليست سرطانات رئة تنشأ من الرئتين، مثل SCLC وNSCLC.
ما هي عوامل الخطر التي تؤدي للإصابة بسرطان الرئة؟
وين: التدخين يشكل عامل الخطر الأول لسرطان الرئة. ووفقا لجمعية السرطان الأمريكية، يعتقد أن حوالي 80٪ من وفيات سرطان الرئة ناجمة عن التدخين. وخطر الإصابة بسرطان الرئة يزداد كلما طالت مدة تدخين الشخص وزاد عدد العلب التي يستهلكها يوميًا.
هناك اعتقاد خاطئ مفاده أن تدخين السيجار أو الغليون لن يزيد خطر الإصابة بالسرطان. هذا غير صحيح. كما أن تدخين ما يعرف بالسجائر "الخفيفة"، أو السجائر المنكهة يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة إسوة بالسجائر العادية.
ويعد التدخين السلبي أيضًا أحد عوامل الخطر الرئيسية. الأفراد الذين يعيشون مع المدخنين يكونون أكثر عرضة للعديد من النتائج الصحية الضارة، بما في ذلك ارتفاع خطر الإصابة بسرطان الرئة. هناك بعض عوامل الخطر الأخرى أيضًا، ضمنًا التعرّض البيئي مثل الرادون والأسبستوس. ويرتبط الأخير بنوع معين من سرطان الرئة المعروف باسم ورم الظهارة المتوسطة. كما أنّ الأشخاص الذين خضعوا لعلاج إشعاعي سابق للصدر بغية علاج أنواع أخرى من السرطان هم أيضًا أكثر عرضة للخطر.
ومن لديهم أقارب من الدرجة الأولى مصابين بسرطان الرئة قد يكون لديهم أيضًا خطر أعلى قليلاً للإصابة به، رغم صعوبة فصل ذلك عن تأثير التدخين السلبي.
وأخيرًا، يُعتقد أن ما يصل إلى 1% إلى 2% من إجمالي الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة في الولايات المتحدة يُعزى إلى تلوث الهواء الخارجي.
ما هي أعراض سرطان الرئة؟
وين: قد تكون الأعراض الأولية غير محددة، وتشمل مثلًا السعال المستمر، وضيق التنفس، والتعب، وعدم الراحة الغامضة في الصدر. يصاب بعض الأشخاص بصوت أجش، ومخاط دموي عند السعال، وفقدان الشهية، وفقدان الوزن غير المبرر. مع انتشار السرطان، قد تكون هناك أعراض إضافية مثل آلام العظام، أو اصفرار الجلد بسبب تلف الكبد، أو تتصل بالورم الذي يضغط على الأوعية الدموية وهياكل الجسم الأخرى.
ما أهمية الكشف المبكر؟
وين: فحص السرطان ينقذ الأرواح. وهذا الأمر يسري على سرطان الرئة إسوة بأنواع السرطانات الأخرى. يكون علاج السرطان أسهل عندما يكون موضعيًا، قبل أن ينتشر إلى العقد الليمفاوية، والأعضاء الأخرى. تكون معدلات البقاء على قيد الحياة أعلى بكثير عندما يتم اكتشاف السرطان في وقت مبكر مقارنة بالمراحل المتأخرة.
بحكم التعريف، الفحص هو ما يتم إجراؤه على الأشخاص الذين لم تظهر عليهم أعراض بعد. وكانت جمعية السرطان الأمريكية قد أوصت بالفعل بإجراء فحص للأشخاص الذين لديهم عوامل خطر كبيرة للتدخين. وقد وسّعوا للتو إرشادات الفحص لتشمل عددًا أكبر من الأشخاص لأنّ أبحاثهم أظهرت أنّ هناك فائدة أكبر مقارنة بالجوانب السلبية التي تطال شريحة كبيرة من السكان لإجراء فحوص مقطعية منخفضة الجرعة. وبطبيعة الحال، يجب على الأفراد الذين لديهم أعراض مثل تلك التي وصفتها أعلاه أن يذهبوا لرؤية الطبيب على الفور. هذا ليس فحصًا للسرطان، بل هو فحص لمعرفة سبب أعراضه.
ما هي أنواع العلاجات الموجودة؟
وين: يعتمد النوع المحدد من العلاج على نوع السرطان، والمرحلة التي تم اكتشافه فيها، والصحة العامة للمريض. تشمل العلاجات الإشعاع، والعلاج الكيميائي، والجراحة، والعلاج المناعي.
بالنسبة لبعض الأشخاص المصابين بالسرطان المنتشر في منطقة واحدة من الرئة، يمكن أن تكون الجراحة هي العلاج. قد يوصى للآخرين الذين يعانون من مرض أكثر تقدمًا بعلاجات تقلل من أعراضهم وتساعدهم على العيش لفترة أطول، حتى لو لم يعالجوا السرطان.
