شهدت العلاقات القطرية - الجنوب إفريقية نموا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وأصبحت أكثر تنوعا بشكل ملحوظ في المجال التجاري؛ إذ قفز حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 32.5 في المئة خلال العام الماضي.
وتعد زيارة فخامة الرئيس سيريل رامافوزا رئيس جمهورية جنوب إفريقيا، إلى الدوحة امتدادا للعلاقات التاريخية المتميزة بين الدولتين، وتعزيزا للتعاون والمصالح المشتركة، بما يخدم مصلحة البلدين على المستوى الثنائي، وبما يصب في صالح قضايا القارة الإفريقية والمنطقة العربية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، فهناك حرص من الدولتين على إزالة كافة العقبات التي تواجه الاستثمارات المشتركة والمتبادلة، ومنح العديد من التسهيلات لجذب المستثمرين، وأهمية تطوير العلاقات بين رجال الأعمال القطريين ونظرائهم في جنوب إفريقيا، بما يعود بالنفع على البلدين والشعبين الصديقين.
تزايد وتيرة التبادل التجاري بين قطر وجنوب إفريقيا
وأظهرت بيانات جهاز التخطيط والإحصاء تزايد وتيرة التبادل التجاري بين دولة قطر وجمهورية جنوب إفريقيا خلال السنوات الأخيرة بشكل قوي، حيث ارتفع حجم التجارة من 786 مليون ريال في العام 2020 إلى 1.255 مليار ريال في 2021، فيما قفز إلى 1.664 مليار ريال في العام الماضي، بواقع ارتفاع 408 ملايين ريال في 2022، أي بنسبة 32.5 في المئة، وتعكس هذه الأرقام والبيانات الإحصائية نمو حجم التبادل التجاري بين البلدين بوتيرة متسارعة خلال السنوات الأخيرة.
وأكد الجهاز، في إفادة خاصة لوكالة الأنباء القطرية، أن معدل التبادل التجاري بين الدولتين خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2023 بلغ نحو 845 مليون ريال.
وتشير بيانات جهاز التخطيط والإحصاء للفترة نفسها إلى أن إجمالي الصادرات من السلع ذات المنشأ المحلي وإعادة التصدير سجلت نموا مضطردا، حيث ارتفعت من 431 مليون ريال في 2020، لتصل إلى 868 مليون ريال في 2021 بمعدل مضاعف، وفي العام الماضي بلغت مستوى 898 مليون ريال، بينما بلغت 425.5 مليون ريال خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري.
وتصدر دولة قطر إلى جنوب إفريقيا مجموعات سلعية متنوعة؛ أبرزها زيوت نفط وزيوت متحصل عليها من مواد معدنية غير خام، وأسمدة نيتروجينية معدنية أو كيماوية، وبولميرات إيثيلين بأشكالها الأولية، وألومنيوم خام، وأنواع أخرى.
وتوضح بيانات جهاز التخطيط والإحصاء أن واردات قطر من جنوب إفريقيا قفزت من 75.5 مليون ريال في 2020 إلى 481.3 مليون ريال في 2021، وتشمل الواردات مجموعة سلعية متنوعة.
وفي السياق ذاته، توضح البيانات والأرقام أن الميزان التجاري السلعي لدولة قطر في علاقاتها التجارية مع جمهورية جنوب إفريقيا حقق فائضا مهما؛ إذ صعد من حوالي 76 مليون ريال في 2020 إلى 481 مليون ريال في 2021، فيما بلغ الفائض نحو 132 مليون ريال في العام 2022.
وتعتبر العلاقات الدبلوماسية بين دولة قطر وجمهورية جنوب إفريقيا مهمة، وتتسم بالتفاهم والتنسيق المشترك في المحافل الإقليمية والدولية، فكلتاهما أعضاء في تحالف مجموعة الـ 77 في الأمم المتحدة، وحركة عدم الانحياز، ويدعم البلدان الصديقان الجهود الرامية إلى إصلاح وتحديث الأمم المتحدة، وتفعيل مبدأ التعددية، وتعزيز مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة.
وأكد خبيران اقتصاديان، لوكالة الأنباء القطرية، أن زيارة رئيس جمهورية جنوب إفريقيا لدولة قطر تشكل فرصة لبناء تكامل استراتيجي قوامه الطاقة والغذاء بين البلدين، فضلا عن ترسيخ التعاون السياسي والدبلوماسي في المحافل الإقليمية والدولية، مما ينعكس إيجابا على الأمن والسلم الإقليمي والعالمي.
عبدالله الخاطر: قطر تربطها علاقات متينة مع جمهورية جنوب إفريقيا
وقال الدكتور عبدالله الخاطر الخبير الاقتصادي: إن دولة قطر تربطها علاقات متينة مع جمهورية جنوب إفريقيا، التي تمثل حالة فريدة في التطور الاقتصادي، مشيرا إلى أن البلدين يمكنهما خلق تكامل اقتصادي استراتيجي، لجهة أن قطر تتميز بإنتاج الطاقة والأسمدة، بينما جنوب إفريقيا تتميز بالمنتجات الزراعية بشقيها النباتي والحيواني، وهنا تتضح حاجة كل منهما للآخر، وهو ما يمكن من بناء علاقات اقتصادية استراتيجية قائمة على المصالح المشتركة.
وأضاف الخاطر، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية، أن الاضطرابات في العالم، خاصة بعد الحرب الروسية - الأوكرانية، أكدت أهمية السعي لتأمين مصادر الطاقة كبعد استراتيجي، وجمهورية جنوب إفريقيا يمكنها الاعتماد على قطر كشريك موثوق في إمدادات الطاقة، كما أن دولة قطر يمكنها الاعتماد على جنوب إفريقيا في تأمين مصادر سلاسل الغذاء والتوريد، في إطار سياساتها الرامية إلى تنويع الشراكات التجارية.
خالد الكواري: تكتسب زيارة رئيس جنوب إفريقيا للدوحة أهمية كبيرة
وفي هذا السياق، أكد المحلل الاقتصادي الدكتور خالد الكواري أن دولة قطر تربطها قواسم مشتركة مع جمهورية جنوب إفريقيا، وهناك تعاون سياسي ودبلوماسي في تسوية النزاعات على مستوى المنطقة، مشيرا إلى أن تزايد الثقة بين البلدين ونمو حجم التجارة والتقارب والتنسيق في المحافل الدولية يرشح علاقات الدولتين لتطور كبير.
وقال: "تكتسب زيارة فخامة الرئيس سيريل رامافوزا رئيس جمهورية جنوب إفريقيا، للدوحة أهمية كبيرة؛ كونها ستبحث مستقبل العلاقات بين البلدين، واستكشاف المجالات والفرص المواتية لبحث آفاق الاستثمار، والفرص الاقتصادية في قطاعات متنوعة كالبنية التحتية وإمكانية إقامة مشروعات متنوعة".
وشكلت زيارات رؤساء جنوب إفريقيا السابقين للدوحة محطات مهمة في مسيرة العلاقات الثنائية، حيث شهدت توقيع العديد من الاتفاقيات في المجالات المختلفة، مثل: المياه، والطاقة، والبناء، والزراعة، وتطوير البنية التحتية؛ وجسدت تلك الزيارات سعي البلدين لبناء شراكات استراتيجية مستدامة وذات فائدة مشتركة.
