تكتنف التصورات الفنية الغربية بشأن الهويات العربية والآسيوية الكثير من أوجه عدم الدقة، إذ تعمد هذه التصورات إلى وضعها في قوالب نمطية سلبية.. هذا ما سعت إلى بحثه مناظرات الدوحة، التابعة لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، في لقاء مفتوح جرى خلاله إلقاء الضوء على تجليات تشكيل الفن الاستشراقي لهذه التصورات والقوالب النمطية على مر القرون.
أقيم اللقاء في جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، بعنوان: "تبسيط الاستشراق: رؤى شرقية حول الأساطير الغربية"، حيث تمت مناقشة ما إذا كان ينبغي على المتاحف الاستمرار في تقديم الأعمال الاستشراقية في مجموعاتها الفنية بالنظر إلى الدلالات السلبية التي تحملها.
وبدأ الاستشراق كحركة فنية انكبت على دراسة نظرة الغرب إلى العالم العربي وشمال إفريقيا وآسيا. وفي فترات من القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، صور هذا الفن الشعوب الغربية على أنها ذكورية وعقلانية ومتفوقة، فيما كان يرى في الشعوب الشرقية تجسيدا للشر والبربرية والهمجية، وفي النساء مخلوقات عاجزة وسلبية. والملفت للنظر أن هذه التصورات السلبية لا تزال حتى اليوم تتجلى في الثقافة الحديثة.
فاطمة بوتو: الاستشراق ليس مجرد حركة فنية فحسب
وخلال حوار مناظرات الدوحة، أوضحت فاطمة بوتو الكاتبة الصحفية، أن الاستشراق ليس مجرد حركة فنية فحسب، بل هو توجه يمكن أن تكون له آثار تنعكس على العالم الحقيقي وتؤثر سلبا على نظرة الشعوب لبعضها البعض، فضلا عن دوره في ترسيخ الصور النمطية السلبية.
من جهتها، قالت عناية فولارين إيمان، صحفية إذاعية وأمينة معرض الصور الوطني في لندن:" في كثير من الأحيان، تكون الأعمال الفنية الأكثر تحفيزا للتفكير وإقناعا مسيئة للغاية؛ لأنها تتحدانا وتطلب منا التشكيك في الأمور المحظورة".
وتابعت:" يمكن أن يكون لوجهتي نظر متعارضتين ومختلفتين للغاية مبررات مقنعة وصادقة، وطالما أننا منفتحون على مناقشتهما كمواطنين، فلا بأس من أن نتوصل إلى استنتاجات مختلفة".
خلود الفهد: الفن الاستشراقي هو تقاطع بين الحقيقة والخيال
من جانبها، أعربت خلود الفهد، كاتبة وباحثة ونائب المدير للشؤون المتحفية بالوكالة في متحف لوسيل، عن اعتقادها بأن الفن السائد في القرون السابقة لم يكن ينبع دائما من خلال المعرفة المباشرة. وأضافت:" إن الفن الاستشراقي هو تقاطع بين الحقيقة والخيال، والخيال والواقع .. إنه يمنح الكثير من الحرية للتفسير، حيث لا يستطيع الفنانون الوصول مباشرة إلى ما يرسمونه، وبالتالي يمكنهم فقط تخيله، مما يعني غالبا أن التصوير قد يكون غير دقيق".
كما كان لعدد من المتدخلين من الطلبة وأعضاء هيئة التدريس وجهات نظر مختلفة حول موضوع النقاش، قدموها بين يدي الحضور.