دعا المشاركون في "الخيمة الخضراء"، التابعة لبرنامج "لكل ربيع زهرة"، إلى ضرورة وضع الخطط الاستراتيجية للاستفادة من قدرات كبار السن وخبراتهم في المجالات كافة خاصة وأن كثيرا من البلدان ستواجه ضغوطا سياسية ومالية بسبب الزيادة المتسارعة في أعداد المسنين لاعتماد النظم الغذائية الصحية والتقدم الطبي والتطور في خدمات الرعاية الصحية.
وخلال الندوة التي حملت عنوان "التقاعد ظاهرة حتمية فماذا أعددنا لها" وناقشت المنظور الإسلامي لكبار السن والجوانب النفسية والاجتماعية وتجارب العمل المؤسسي لهم، توقع الدكتور سيف بن علي الحجري، رئيس برنامج "لكل ربيع زهرة"، أن تكون الشيخوخة واحدة من أبرز التحولات الاجتماعية في الألفية الثالثة، لما لها من تأثير في جميع قطاعات سوق العمل والأسواق المالية، والطلب على السلع، والخدمات (السكن والنقل والحماية الاجتماعية وغيرها) فضلا عن البُنى الأسرية.
وأوضح أن التوقعات لعام 2050 تشير إلى أن واحدة من كل 6 أفراد في العالم سيكون أكبر من 65 عاما، وأن يزيد عدد من هم فوق سن الـ80 عاما ثلاثة أضعاف ما هم عليه الآن، لافتا إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة عقدت في عام 1982 مؤتمر الشيخوخة الذي تمخض عن خطة عمل في مجالات الصحة والتغذية، وحماية المستهلك المسن، والإسكان والبيئة، والأسرة، والرعاية الاجتماعية، والعمل وضمان الدخل، والتعليم، وجمع بيانات البحوث وتحليلها، وصولا إلى تخصيص اليوم الدولي للمسنين الذي يحتفل به في الأول من أكتوبر من كل عام.
وأضاف الدكتور الحجري أنه يمكن رصد عدد من التحديات في قطاع العمل مع المسنين على رأسها، الفقر الذي يدفعهم للاستمرار في العمل لإعالة ذويهم، والحروب والمجاعات التي تؤثر أكثر ما تؤثر في الفئات الهشة، وعلى رأسها المسنين، لاسيما إذا اقترن كبر السن مع إعاقة.
ولفت إلى أن انتشار دور رعاية المسنين سلاح ذو حدين، الأول، تهديد منظومة قيمية ودينية حول البنية الأسرية باستبعاد المسن في دار رعاية، والثانية، ما يمكن أن يلقاه المسن من خدمات متميزة ومهنية في تلك الدور.
من جانبهم، استعرض المتحدثون في الندوة من الخبراء والمتخصصين والأطباء من مختلف مناطق العالم مكانة كبار السن في الإسلام ومدى التكريم والتوقير الذي حظيت به هذه الفئة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، مستشهدين بالآيات والأحاديث والمأثورات التي تحث الأبناء والمجتمع ككل على الاهتمام بهذه الفئة ورعايتها والاستفادة منها.
وقدم المشاركون في الندوة تجارب عملية في خدمة كبار السن من خلال الأنشطة التطوعية، والاستفادة من خبراتهم ونشر كل ما يفيدهم ويدعمهم نفسيا واجتماعيا، سواء المتقاعدين أو أصحاب العمل الحر مع تنظيم دورات تدريبية في هذا الخصوص، إضافة إلى تنظيم برامج خاصة للاستفادة من خبراتهم، حتى لا يشعروا بأنهم في حاجة إلى مساعدة الآخرين.
وبينوا أن التقاعد هو حياة جديدة، ففي موقع منظمة الصحة العالمية جملة مهمة جداً تقول "الاضطرابات السلوكية من أهم الأسباب التي تفضي إلى الأمراض الجسدية"، لذلك فلابد من المحافظة على الصلابة النفسية للمتقاعد في المرحلة الجديدة، وعدم التجاوز في القلق والاكتئاب، مع التركيز على التواصل الاجتماعي، وبناء قاعدة أصدقاء جدد، وممارسة الهوايات مشددين على أهمية ممارسة الرياضة والتغذية السليمة من أجل الصلابة النفسية للمتقاعد، حتى لا يصاب بالأمراض الجسدية أو أمراض الخرف.