أفاد علماء بأنه من أجل إنقاص الوزن يتوجب تناول سعرات حرارية أقل مما يستخدمه الجسم في اليوم، إلا أن الأنظمة الغذائية القاسية قد تعمل في الواقع ضد ذلك، وقد تجعل فقدان الوزن أكثر صعوبة.
أوضح العلماء أن الحميات الغذائية القاسية موجودة منذ سنوات، لكنها ظلت شائعة في الآونة الأخيرة بفضل المؤثرين ووسائل التواصل الاجتماعي، وعادةً ما تتضمن هذه الأنظمة الغذائية تقليل السعرات الحرارية بشكل كبير من 800 إلى 1200 سعرة حرارية يوميًا لبضعة أسابيع في المرة الواحدة.
ويدعي أنصار هذه الأنظمة الغذائية أنها يمكن أن تؤدي إلى فقدان الوزن بسرعة، وهو ما قد يفسر سبب جاذبيتها الكبيرة، ولكن في الواقع، أظهرت الأبحاث أن هذه الأنظمة الغذائية يمكن أن تكون فعالة جدًا بالنسبة لبعض الأشخاص فقط.
وفي دراسة أجريت على 278 شخصًا بالغًا يعانون من السمنة، أدى اتباع نظام غذائي مكثف لمدة 12 أسبوعًا يحتوي على 810 سعرات حرارية يوميًا إلى فقدان الوزن بشكل أكبر بعد 12 شهرًا من الأشخاص الذين خفضوا سعراتهم الحرارية فقط عن طريق التحكم في الحصص.
وبالمثل، أظهرت إحدى الدراسات أن الأنظمة الغذائية منخفضة السعرات الحرارية قد تكون مفيدة للأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني، حيث وجد الباحثون أن 60% من المشاركين الذين تناولوا 600 سعرة حرارية يوميًا لمدة 8 أسابيع تمكنوا من التخلص من مرض السكري من النوع الثاني، كما فقدوا نحو 15 كيلوغرامًا في المتوسط.
وأظهرت المتابعة بعد 12 أسبوعًا أن المشاركين اكتسبوا نحو 3 كيلوغرامات من وزنهم مرة أخرى، ولكن الأهم من ذلك أن مستويات السكر في الدم ظلت كما هي.
ولكن في حين أن هذه الأنظمة الغذائية قد تؤدي إلى نجاح فقدان الوزن على المدى القصير لدى بعض الأشخاص، إلا أنه يمكن أن يكون لها عواقب طويلة المدى تتمثل في إتلاف عملية التمثيل الغذائي.
الأنظمة الغذائية القاسية والتمثيل الغذائي
التمثيل الغذائي الخاص بك هو مجموع جميع التفاعلات الكيميائية في الجسم، وهو مسؤول عن تحويل الطعام الذي نتناوله إلى طاقة، وتخزين أي طاقة فائضة على شكل دهون، ويتأثر التمثيل الغذائي لديك بأشياء كثيرة، بما في ذلك النظام الغذائي وممارسة الرياضة والهرمونات، وتؤثر الأنظمة الغذائية القاسية على كل هذه المكونات.
ومع اتباع نظام غذائي قاسٍ، فإنك تستهلك طعامًا أقل بكثير من المعتاد، وهذا يعني أن جسمك لا يحتاج إلى استخدام قدر كبير من الطاقة (السعرات الحرارية) لهضم وامتصاص الأطعمة التي تناولتها، وكل هذه العوامل تؤدي إلى انخفاض معدل الأيض، مما يعني أن الجسم سيحرق سعرات حرارية أقل عند عدم ممارسة الرياضة.
وأكد العلماء أنه على المدى القصير، يمكن أن تؤدي الأنظمة الغذائية القاسية إلى الشعور بالتعب، مما يجعل القيام بأي نشاط أمرًا صعبًا، وذلك لأن الطاقة المتاحة أقل، وما هو متاح يتم منحه الأولوية للتفاعلات التي تحافظ على الحياة.
وعلى المدى الطويل، يمكن للأنظمة الغذائية القاسية أن تغير التركيبة الهرمونية للجسم، إذ أنها تزيد من هرمونات التوتر لدينا، مثل الكورتيزول، وعلى مدى فترة طويلة من الزمن، يمكن أن تؤدي مستويات الكورتيزول المرتفعة إلى تخزين المزيد من الدهون في الجسم.
ويمكن أيضا أن تؤدي الأنظمة الغذائية القاسية أيضًا إلى تقليل مستويات هرمون T3، الذي تنتجه الغدة الدرقية، وهذا يعد أمرا بالغ الأهمية في تنظيم معدل الأيض الأساسي لدينا (عدد السعرات الحرارية التي يحتاجها جسمك من أجل الحفاظ على نفسه)، حيث أن التغيرات طويلة المدى في مستويات T3 يمكن أن تؤدي إلى قصور الغدة الدرقية وزيادة الوزن.
اتباع نظام غذائي تدريجي
إذا كنت تحاول إنقاص وزنك، فإن أفضل استراتيجية يمكنك استخدامها هي اتباع نظام غذائي تدريجي طويل الأمد لفقدان الوزن.
ولقد ثبت أن الأنظمة الغذائية التدريجية أكثر استدامة ولها تأثير سلبي أقل على معدل الأيض مقارنة بالأنظمة الغذائية القاسية، حيث يمكن أن تساعد الأنظمة الغذائية التدريجية أيضًا في الحفاظ على مستويات الطاقة الكافية لممارسة التمارين الرياضية، ما قد يساعدك على إنقاص الوزن.
وتحافظ هذه الأنواع من الأنظمة الغذائية أيضًا على وظيفة الميتوكوندريا لدينا، وهي مراكز حرق السعرات الحرارية في عضلاتنا، وهذا يخلق قدرة أكبر على حرق السعرات الحرارية حتى بعد الانتهاء من اتباع نظام غذائي، بحسب مجلة "ساينس أليرت" العلمية.
النظام الغذائي المثالي هو النظام الذي يقلل وزن الجسم بنحو 0.5 إلى 1 كيلوغرام في الأسبوع، ويعتمد عدد السعرات الحرارية التي ستحتاج إلى تناولها يوميًا على وزنك الأولي ومدى نشاطك البدني.
وعلى الرغم من أنه قد يكون من المغري تغيير النظام الغذائي إذا كنت تحاول إنقاص الوزن بسرعة، إلا أنه قد يكون له عواقب طويلة المدى على عملية التمثيل الغذائي لديك، حيث تُعد أفضل طريقة لإنقاص الوزن هي تقليل عدد السعرات الحرارية التي تحتاجها يوميًا قليلًا، وممارسة الرياضة، وتناول الكثير من البروتين.