سلط تقرير مشترك لوكالة ترويج الاستثمار في قطر، وشركة ديلويت، الضوء على جهود دولة قطر لتطوير قوى عاملة تلبي احتياجات المستقبل، وتبنيها اتجاهات التحول الرقمي لتحديث مختلف القطاعات وتحسين الكفاءة والابتكار والنمو الاقتصادي، وذلك وسط توقعات بأن يصل الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فيها معدل نمو سنوي مركب قدره 9 مليارات دولار خلال العام الجاري بزيادة تبلغ 9.2%، وأن يصل النمو المتوقع في سوق الحوسبة السحابية بها إلى 303 ملايين دولار بحلول 2026.
وقال التقرير الذي حمل عنوان "الواقع الرقمي في قطر: التخطيط لمستقبل المهارات" متناولا أهمية رعاية المهارات الرقمية باعتبارها الركيزة الأساسية لتسريع وتيرة التحول الرقمي، ويطرح رؤى حول المشهد المتطور للقوى العاملة في العصر الرقمي، إن هذه المبادرات الاستراتيجية تؤكد التزام دولة قطر ببرامج تحسين المهارات والشراكات التكنولوجية، التي تهدف إلى تزويد قطاع الأعمال والقوى العاملة بالمهارات الرقمية الأساسية.
قطر أعطت الأولوية لرعاية المهارات الرقمية في مسيرتها نحو التحول الرقمي
وتناول التقرير، الذي صدر عقب انعقاد "قمة الويب قطر 2024"، المشهد الاقتصادي المتطور، وكيف أصبح التحسن السريع في المهارات الرقمية قوة دافعة، من شأنها تعزيز الابتكار، وسد الفجوات، ودفع القطاعات نحو مستقبل مترابط قائم على التكنولوجيا، مستكشفا التوسع السريع والتكامل بين التكنولوجيا المتقدمة، التي أعادت تشكيل سوق العمل بما أدى إلى زيادة في الطلب على الكفاءات الرقمية، وأثر بشكل قوي على القوى العاملة، مبينا ظهور هذا التأثير بالفعل بوضوح في الفترة 2021 - 2022، حين شهدت الوظائف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي زيادة كبيرة تجاوزت 44%، في حين سجلت برمجيات الويب 3 والجيل التالي زيادة بنسبة 40%، وشهدت تقنيات التنقل ارتفاعا بأكثر من 15%.
وأوضح أن دولة قطر إدراكا منها لهذا التأثير، أعطت الأولوية بشكل استراتيجي لرعاية المهارات الرقمية في مسيرتها نحو التحول الرقمي، بهدف سد الفجوة بين متطلبات الصناعة والمهارات المتاحة، وهو أمر بالغ الأهمية لإتاحة الفرص والحفاظ على القدرات التنافسية، ويتجلى هذا الالتزام في إطلاق العديد من المبادرات التي تنخرط فيها الأوساط الأكاديمية ومراكز البحوث والشراكات الصناعية، التي تهدف إلى تزويد القوى العاملة بالخبرات اللازمة للتعامل بمهارة مع المشهد التكنولوجي المتطور.
وأشار إلى أن منظومة رعاية المهارات الرقمية في الدولة تشتمل على استثمارات حكومية كبيرة تستهدف قطاعات متنوعة، لا سيما في تحسين مهارات العاملين في القطاع العام وشريحة الشباب والقطاعات المعرضة لخطر الاستثناء الرقمي. وتستضيف الدولة أيضا مدارس وجامعات محلية ودولية مرموقة، مما يعزز تطوير القوى العاملة الرقمية في المستقبل، مع أكثر من ألفي خريج في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات سنويا.
وبالإضافة إلى ذلك، أعطت الدولة الأولوية لتعزيز قدراتها في البحوث والابتكار من خلال تبني التكنولوجيا المتطورة وتمكين المؤسسات، مثل برنامج قطر الذكية "تسمو"، ومركز حاضنة الأعمال الرقمية، والتصنيع الذكي. وعلاوة على ذلك، تعد قطر موطنا لشركات عالمية في مجال التكنولوجيا، تقدم برامج متخصصة تهدف إلى تعزيز المهارات الرقمية بشكل كبير ودفع التقدم التكنولوجي في البلاد إلى الأمام.
وفي هذا الصدد، قال الشيخ علي بن الوليد آل ثاني الرئيس التنفيذي لوكالة ترويج الاستثمار في قطر: "إن إدراك أهمية التحول الرقمي باعتباره محفزا لتعزيز الابتكار وإتاحة الفرص الجديدة، بدلا من أن يكون معوقا للأعمال التقليدية، أمر ضروري لمسيرة التحول الرقمي الناجحة في البلاد. يتجلى ذلك فيما تبذله الدولة من جهود متنوعة لتأهيل قوة عاملة قادرة على التعامل مع المشهد المتطور، وتلبية احتياجات العمل المتغيرة. واليوم، تحتل قطر المرتبة الأولى عالميا في جذب الطلاب الأجانب، والمرتبة الرابعة بين الوجهات الأكثر جذبا للمواهب على مستوى العالم. ويؤكد تقريرنا المشترك مع ديلويت على نهج قطر التقدمي، ويحدد خارطة طريق لإتاحة المزيد من الفرص، ما من شأنه أن يمهد الطريق للمستثمرين الأجانب للاستفادة من الإمكانات التحويلية للرقمنة."
قطر تعمل على ترجمة التزامها بتطوير المهارات الرقمية لمواطنيها
من جهته، قال أوليرك موللر الشريك في ديلويت الشرق الأوسط إن الحاجة المتنامية للمهارات الرقمية تتأكد على ضوء تنسيق الجهود بين الحكومة القطرية والقطاع الخاص، حيث يتعاون الطرفان في إطلاق وتنفيذ العديد من مبادرات الرقمنة والبنية التحتية، ولدفع عجلة الابتكار لتعزيز قدرة دولة قطر التنافسية في الاقتصاد الرقمي الذي يتطور بوتيرة متسارعة. ونتيجة لهذه الحاجة، لم يعد إعطاء الأولوية لمهارات التحول الرقمي ضرورة استراتيجية فحسب، بل بات ذلك العامل الأساسي أيضا لضمان النجاح والازدهار لقطر ولدول المنطقة أجمع.
وأضاف "تعمل قطر على ترجمة التزامها بتطوير المهارات الرقمية لمواطنيها، كما ورد في رؤيتها الوطنية 2030، من خلال توجيه جهودها نحو بناء وتعزيز قوى عاملة مستعدة للمستقبل وقادرة على المنافسة رقميا. ونتيجة لهذا الالتزام، تتبنى الحكومة القطرية نهجا استباقيا يتمثل في الاستثمار في تنفيذ برامج التدريب المتخصصة، وتحسين المهارات، وإعادة تشكيل مهارات القوى العاملة بحيث تؤدي هذه البرامج في نهاية المطاف إلى بناء قوى عاملة تتمتع بالمهارات الرقمية العالية القادرة على التكيف مع متطلبات العصر الرقمي. وتهدف الحكومة القطرية من وراء جهودها في هذا المجال إلى ضمان قدرة القوى العاملة لديها على تلبية المهارات التي يحتاجها سوق العمل باستمرار، وبناء قاعدة واسعة من المواهب المتميزة والمنافسة رقميا والمؤهلة للمساهمة في جميع مجالات التقدم التكنولوجي".
يشار إلى أن البنية التحتية المتقدمة وزيادة الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات تمثل القوة الدافعة وراء الطفرة التي شهدها الاقتصاد الرقمي في سوق العمل العالمي. وقد تعزز هذا الزخم من خلال الاستثمارات الضخمة (104 مليارات دولار) الموجهة نحو مجالات الذكاء الاصطناعي التطبيقي، والالتزامات المهمة (84 مليار دولار) من جانب الشركات تجاه الحوسبة السحابية والحوسبة الطرفية، والاستثمارات الكبيرة (86 مليار دولار) في تكنولوجيا المناخ خارج نطاق الكهرباء والطاقة المتجددة في عام 2022. ولا يؤدي هذا التحول في الاستثمار إلى إعادة تشكيل العديد من القطاعات فحسب، بل يؤدي أيضا إلى زيادة الحاجة إلى المهارات الرقمية.
وتشرف وكالة ترويج الاستثمار في قطر على أنشطة ترويج وجذب الاستثمار الأجنبي إلى دولة قطر، وتتمثل مهمة الوكالة التي تأسست في عام 2019 في تعزيز مكانة دولة قطر كوجهة مثالية للاستثمار، واستقطاب وتسهيل الاستثمارات التي تدعم مسيرة التنمية والتنويع الاقتصادي في البلاد.
أما ديلويت وهي شركة خدمات مهنية عالمية، فتقدم مجموعة من الخدمات في مجال تخصصها، كخدمات التدقيق والضمان، الضرائب والشؤون القانونية، والاستشارات العامة، والاستشارات المالية، بالإضافة إلى استشارات المخاطر، وتعتبر ديلويت آند توش (الشرق الأوسط) شراكة مرخص لها من الباطن من قبل ديلويت (ن س إي) دون ملكية قانونية لديلويت توش توهماتسو المحدودة.