أكد سعادة السيد سلطان بن حسن الجمالي الأمين العام للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ضرورة تنفيذ أوامر محكمة العدل الدولية، ووضع الدول عند مسؤولياتها كأطراف ثالثة في القانون الدولي، بما يسهم في منع الإبادة الجماعية في غزة، ووقف العدوان، وتوحيد الجهود لفتح ممرات آمنة لدخول المساعدات والجهات الإغاثية، والتعاون في مساءلة ومحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين وشركائهم.
جاء ذلك خلال كلمته الافتتاحية في الندوة التي نظمتها الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وعضو الشبكة الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في فلسطين، ومنظمة القانون من أجل فلسطين، ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" بمقر الأمم المتحدة بجنيف حول "تنفيذ أوامر محكمة العدل الدولية: مسؤولية الدول الثالثة في منع الإبادة الجماعية في غزة"، وذلك على هامش الدورة الخامسة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان.
سلطان بن حسن الجمالي: الشبكة العربية تواصل جهودها وتتابع تقديم الدعم من قبل الأعضاء للفلسطنيين في قطاع غزة
وأشار الجمالي إلى مواصلة الشبكة العربية جهودها خلال العدوان الأخير على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي بتنسيق الجهود مع الهيئة الفلسطينية، ومتابعة تقديم الدعم من قبل المؤسسات الأعضاء بالشبكة العربية، وحث الدول العربية على وقف التطبيع واتخاذ مواقف وإجراءات تجبر الاحتلال على إدخال المساعدات الإنسانية الكافية لقطاع غزة، فضلا عن توجهها أكثر من مرة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للقيام بواجبه بخصوص جرائم الحرب في قطاع غزة في سياق القانون الدولي الإنساني.
وأوضح أن كل هذه الجهود وجهود مناصري الحق الفلسطيني لم تكن كافية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، حتى أنها لم تسهم في إدخال المساعدات الإنسانية الكافية للمواطنين في القطاع، مضيفا أن بعض الأطراف السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب فشلت في انفاذ القانون الدولي، بعد أن طغت مصالحها الاستعمارية على الوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية.
ولفت إلى أن الجمعية العامة الاستثنائية للشبكة العربية المنعقدة في مصر خلال عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة في 2014، اتخذت قرارا بتبني الشبكة العربية للقضية الفلسطينية والدفاع عن الشعب العربي الفلسطيني، وذلك بإجماع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان الأعضاء بالشبكة العربية، مشددا على أن هذه الحرب ستبقى وصمة عار في جبين الإنسانية لما شهدته من تنكر لقيم ومبادئ الشرعة الدولية لحقوق الإنسان بقيادة دول العالم الأول التي نصبت من نفسها شرطيا على العالم، لكن بقيت هذه الشرعة حبرا على ورق عند طرح قضية فلسطين النازفة.
من جهته، قال السيد عصام العاروري المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، في كلمته ألقتها نيابة عنه السيدة علا عدوي، "إننا نجتمع عند منعطف حرج في غزة، حيث يواجه المدنيون عواقب وخيمة يقاتلون من أجل البقاء في كل ثانية"، لافتا إلى أنه حتى مع صدور أمر دولي بوقف إطلاق النار الفوري من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الليلة الماضية، واصل الجيش الإسرائيلي هجماته على المدنيين والمستشفيات، وهو ما يسلط الضوء على مدى الحاجة إلى تحرك دولي فوري وحاسم لتنفيذ قرارات المجتمع الدولي على الأرض.
وذكر أن بعض الدول تجاوزت مجرد إصدار الإدانة والإدلاء بالأصوات في الجمعية العامة، مشيرا إلى أنه يتوقع نفس الشيء من جميع الدول من خلال اتخاذ خطوات عملية استباقية على المستويات الثنائية، ويمكن أن يكون هذا كما فعلت جنوب إفريقيا في دعواها لرفع القضايا ضد المتورطين في الإبادة الجماعية، ودعم مسار هذه الدعاوى بالإضافة لمقترحها لتقليص العلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال.
من ناحيتها، شددت السيدة فرانشيسكا ألبانيز مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، على أن المأساة في غزة أمر صادم، مؤكدة أن المشروع الاستعماري الاستيطاني الذي تم تبريره في ظل الاحتلال العسكري أحبط حقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم ديمغرافيا وسياسيا واقتصاديًا وثقافيًا، وهي الحقيقة التي أبرزتها جنوب إفريقيا للعالم بأن "الفصل العنصري موجود في العمود الفقري للاستعمار الاستيطاني".
وفي ذات السياق، ذكر السيد عمر شاكر مدير (إسرائيل وفلسطين) قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في كلمته، أن المنظمة وثقت الشهر الماضي، كما فعلت العديد من جماعات حقوق الإنسان الأخرى، عدم التزام الحكومة الإسرائيلية بالإجراءات المؤقتة التي وضعتها محكمة العدل الدولية، لافتا إلى استخدام حكومة الاحتلال سياسة التجويع وسيلة للحرب، وهو ما يعد جريمة حرب.
وأضاف أن السياسة التي وضعها المسؤولون الإسرائيليون، وتنفذها القوات العسكرية الإسرائيلية، تعمل عمدا على عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما يضمن منع الأطعمة والمياه والوقود، ما يشكل جريمة حرب منفصلة تتمثل في العقاب الجماعي.