تعتبر القهوة الرفيقة المخلصة لكل المناسبات والأوقات وهي جزء من طقوس الفرح والترح في كثير من البلاد، تنتهي العلاقة الوطيدة مع القهوة وتنقلب لعداوة وبغض مع بداية شهر رمضان المبارك حيث يضطر الناس لتوجه إلى أعمالهم دون قهوة الصباح، لتبدأ بعدها رحلة الآلام طوال اليوم ولعدة أيام لاحقة مع صداع الكافيين. مع نهاية الشهر الفضيل يتأقلم معظم الناس مع الوضع الجديد ويصبح العيش دون قهوة أمرا ممكنا على الأقل لعدد من الساعات.
قد تثير معاناتك السنوية مع القهوة شكوكك حول علاقتك بها وتبدأ التفكير جديا بالإقلاع عنها نهائيا مستغلا الإنجاز الذي وصلت إليه مع نهاية رمضان.
نساعدك في هذه المقال على اتخاذ القرار المناسب من خلال استعراض ما تقدمه القهوة لك من فوائد وأضرار.
القهوة والكافيين
يشير مقال نشر على موقع هيلث لاين إلى أن الكافيين هو منبه طبيعي موجود بشكل شائع في نباتات الشاي والقهوة والكاكاو. وهو يعمل عن طريق تحفيز الدماغ والجهاز العصبي المركزي، مما يساعدك على البقاء في حالة تيقظ.
يتم امتصاص الكافيين بمجرد تناوله وبسرعة من القناة الهضمية إلى مجرى الدم. ومن هناك، ينتقل إلى الكبد ويتحلل إلى مركبات يمكن أن تؤثر على وظائف الأعضاء المختلفة. التأثير الرئيسي للكافيين يكون على الدماغ. وهو يعمل عن طريق منع تأثيرات الأدينوزين، وهو ناقل عصبي.
تتراكم عادة مستويات الأدينوزين على مدار اليوم، الأمر الذي يجعلك أكثر تعبًا ويسبب لك الرغبة في النوم.
يساعدك الكافيين على البقاء مستيقظا من خلال الاتصال بمستقبلات الأدينوزين في الدماغ دون تنشيطها. وهذا يمنع تأثيرات الأدينوزين، مما يؤدي إلى تقليل التعب.
يمكن أن تستغرق الكمية الموجودة في فنجان واحد من القهوة ما يصل إلى 20 دقيقة للوصول إلى مجرى الدم وحوالي ساعة واحدة للوصول إلى الفعالية الكاملة.
يوجد الكافيين بشكل شائع في القهوة والشاي والمشروبات الغازية والشوكولاتة ومشروبات الطاقة. من الممكن أن يختلف محتوى الكافيين بشكل كبير اعتمادًا على نوع الشاي والقهوة وطريقة تحضيرهما. الشاي الأسود وقهوة الإسبريسو هما الأكثر احتواءً على الكافيين، في حين أن شاي الأعشاب والقهوة منزوعة الكافيين تحتوي على كميات ضئيلة فقط.
لماذا نشعر بالصداع عندما ننقطع عن شرب القهوة؟
وثق مقال في موقع آي نيوز (inews) البريطاني تجربة الإقلاع عن الكافيين لسيدة في عمر الـ40، لديها عمل خاص تعمل له ليل نهار بالإضافة لرعاية أبنائها.
في يوم ما شعرت بتوعك شديد فقررت أن تزور الطبيب وتخبره عن التوعك الذي شعرت به وأنها تعاني من خفقان شديد في القلب يبقيها مستيقظة في الليل. كانت تظن السيدة أن خفقان القلب ازداد بسبب قصور الغدة الدرقية وافترضت أنها بحاجة إلى جرعة أعلى من الدواء.
ولكن الاختبارات كشفت أن الأمر ليس كذلك، سألها الطبيب عن استهلاكها للمشروبات المحتوية على الكافيين ليتبين أنها تحتسي 6 أكواب من الشاي والقهوة وغير ذلك، أخبرها الطبيب أنها تستهلك أكثر من اللازم ونصحها بالامتناع عن هذه المشروبات. عانت السيدة من صداع مروع بعد حوالي 4 أيام من توقفها عن تناول الكافيين، وخاضت حربا لا يعلم عنها أحد شيئا لتقول لا لمن يقدم لها القهوة.
الكافيين يضيق الأوعية الدموية في الدماغ. ومن دونه، تتسع الأوعية الدموية. يمكن أن تؤدي الزيادة الناتجة في تدفق الدم إلى حدوث صداع أو تؤدي إلى أعراض انسحابية أخرى.
لم تندم السيدة عن انقطاعها عن الكافيين لا سيما أن واحدة من أفضل النتائج التي ترتبت على تركها للمشروبات المحتوية على الكافيين كانت غير متوقعة على الإطلاق. فقد كانت تعاني من الصداع النصفي مرة كل شهر. لكنها لم تعاني من أي نوبة أخرى منذ أن أقلعت عن تناول الكافيين.
أظهرت الدراسات أن الكافيين آمن لمعظم الأشخاص عند تناوله بكميات منخفضة إلى متوسطة. ولكن الجرعات العالية من الكافيين قد يكون لها آثار جانبية مزعجة وحتى خطيرة. بعض الأفراد قد يعانون من آثار سلبية رغم استهلاكهم لكميات معتدلة.
ما الآثار السلبية المترتبة على شرب القهوة بكميات كبيرة؟
تعتبر كل من وزارة الزراعة الأميركية (USDA) وهيئة سلامة الأغذية الأوروبية (EFSA) أن تناول 400 مليغرام من الكافيين يوميًا آمن. وهذا يصل إلى 2-4 أكواب من القهوة يوميًا. ولكن ماذا سيحدث لو تناولت كميات أكبر؟
ممكن أن يؤدي تناول كميات كبيرة من الكافيين إلى ما يلي:
القلق: حيث يعمل الكافيين عن طريق منع تأثيرات الأدينوزين المادة التي تجعلك تشعر بالتعب. وفي الوقت نفسه، فإنه يؤدي إلى إطلاق الأدرينالين، وهو هرمون "القتال أو الهروب" المرتبط بزيادة الطاقة.
الأرق: وجدت الدراسات أن تناول كميات كبيرة من الكافيين قد يزيد من مقدار الوقت الذي يستغرقه الإنسان حتى يدخل في النوم. وقد يقلل أيضًا من إجمالي وقت النوم، خاصة عند كبار السن.
مشاكل في الجهاز الهضمي: يجد الكثير من الناس أن فنجان القهوة الصباحي يساعدهم على تحريك أمعائهم، ويعزى تأثير القهوة الملين إلى إطلاق هرمون الغاسترين Gastrin، وهو هرمون تفرزه المعدة ويسرع نشاط القولون.
ارتفاع ضغط الدم: بشكل عام، لا يبدو أن الكافيين يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية لدى معظم الناس. ومع ذلك، فقد ثبت في العديد من الدراسات أنه يرفع ضغط الدم بسبب تأثيره المحفز للجهاز العصبي.
تسارع دقات القلب: قد تؤدي التأثيرات التحفيزية لتناول كميات كبيرة من الكافيين إلى نبض قلبك بشكل أسرع.
التعب: من المعروف أن القهوة والشاي والمشروبات الأخرى التي تحتوي على الكافيين تعزز مستويات الطاقة، ومع ذلك، يمكن أن يكون لها أيضًا تأثير معاكس من خلال التسبب في التعب المرتد بعد مغادرة الكافيين للجسم.
كثرة التبول: زيادة التبول هو أحد الآثار الجانبية الشائعة لتناول كميات كبيرة من الكافيين بسبب تأثيرات المركب التحفيزية على المثانة.
فوائد القهوة
لا يعني وجود هذا العدد من المضار لاستهلاك القهوة وبقية المشروبات المحتوية على الكافيين بكمية كبيرة على أنها غير مفيد للجسم. نقدم لك عددا من الفوائد التي تتحقق للجسم عند تناول المشروبات المحتوية على الكافيين:
تحسين المزاج: يُعتقد أن التغيير في رسائل الدماغ يفيد حالتك المزاجية ووظيفة الدماغ.
تعزيز عملية التمثيل الغذائي وحرق الدهون: بسبب قدرته على تحفيز الجهاز العصبي المركزي، قد يزيد الكافيين من عملية التمثيل الغذائي بنسبة تصل إلى 11% وحرق الدهون بنسبة تصل إلى 13%.
تعزيز أداء التمارين الرياضية: يزيد الكافيين من استخدام الدهون كمصدر طاقة للجسم. ويمكن أن يساعد الغلوكوز المخزن في العضلات على الاستمرار لفترة أطول، مما قد يؤخر الوقت الذي تستغرقه عضلاتك للوصول إلى الإرهاق.
قد يحمي من أمراض القلب: تشير الأدلة إلى انخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 16-18% لدى الرجال والنساء الذين يشربون ما بين 1-4 فناجين من القهوة يوميًا (يوفر حوالي 100-400 مليغرام من الكافيين). تشير دراسات أخرى إلى أن شرب 2-4 أكواب من القهوة أو الشاي الأخضر يوميًا يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 14-20%.