نظمت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ندوة دولية "عن بعد" بعنوان: "العربية والبلوشية: جسر الخطاب الحضاري والحوار الفكري"، بمشاركة عدد من الباحثين والمترجمين والأكاديميين.
وتناول المشاركون في الندوة، التي تأتي في سياق اختيار "البلوشية" ضمن اللغات المستهدفة في مسار الإنجاز للموسم العاشر من الجائزة، تاريخ حركة الترجمة بين اللغتين ومجالاتها، وأبرز المؤلفات التي حظيت بالترجمة، والتحديات والمعوقات التي تواجه المشتغلين في هذا المجال، وطبيعة الجهود الرسمية والفردية المبذولة للنهوض بواقع الترجمة، وأوجه الترابط بين اللغتين وحجم التأثر والتأثير بينهما.
وتضمنت الجلسة الأولى التي أدارتها الإعلامية الكويتية سعدية مفرح ورقة بعنوان: "جذور البلوشية وعلاقتها بالعربية"، لمحمد يونس كريم خان (دولة الإمارات)، والتي أوضح خلالها أن تفاعل اللغة البلوشية وهي إحدى اللغات الإيرانية مع اللغات القريبة والبعيدة، بما فيها اللغة العربية، جاء نتيجة العوامل التاريخية والثقافية التي أثرت على التبادل الثقافي والتجاري بين الشعوب في المنطقة، مشيرا إلى وجود بعض الكلمات المشتركة بين البلوشية والعربية، على الرغم من تميز البلوشية بهويتها ونظامها اللغوي الخاص.
بدوره، استعرض المترجم علي عبدالحنان من (بلوشستان) تاريخ الترجمة من العربية إلى البلوشية، منذ ما قبل الإسلام شفويا، مرورا بمختلف العصور حتى العصر الحديث عندما تأسست مكتبة الدرخاني لتهتم بترجمة الكتب الدينية عام 1883م، ومن هنا بدأت الترجمة المكتوبة والمحررة، وتمت ترجمة معاني ألفاظ القرآن الكريم عام 1908م وطبعت هذه الترجمة عام 1911م، مشيرا إلى أن الجهود في مسار الترجمة العربية إلى البلوشية، تنقسم إلى قسمين: الأول جهود المراكز والمكاتب، والثاني جهود الأفراد.
وفي سياق حديثه عن القسم الأول، قال إن مكتبة الدرخاني لم تكن مجرد مكتبة، بل مثلت حركة علمية وفكرية ضد الاستعمار، فترجمت العديد من الكتب منها: الفقه الأكبر، وكنز الدقائق، ومنية المصلي.. أما الجهود الفردية فهي كثيرة ومنها: ترجمة تفسير القرآن الكريم، وترجمة كتب العقيدة الطحاوية وبلوغ المرام والرحيق المختوم، إلى جانب ترجمة أعمال أدبية مثل ديوان: لماذا تركت الحصان وحيدا ؟ لمحمود درويش.
وتحدث حافظ عطاء الرحمن الضامراني من باكستان عن الكتب الدينية والأدبية المترجمة من العربية إلى البلوشية، منوها بقلة الترجمات الدينية وغياب الاهتمام بترجمة الكتب الأدبية إلى البلوشية.
وبدوره، قدم المترجم سيف الله بهرام من (البحرين)، ورقة بعنوان "الكتب المترجمة من العربية إلى البلوشية في العصر الحديث".
وفي الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور عبد الرحمن رفيق البلوشي (بلوشستان)، تم طرح عدة أوراق علمية، منها ورقة للشيخ عبدالحكيم البلوشي (دولة الإمارات)، توقف فيها عند الصفات الحميدة الفطرية لدى قبيلة البلوش.
كما تحدث أسد لله مير الحسني (باكستان) عن تاريخ اللغة البلوشية ومن ثم تاريخ ازدهار الترجمة بين العربية والبلوشية ذاكرا العديد من أسماء الكتب التي ترجمت إلى البلوشية خاصة أمهات الكتب الدينية في الفقه والحديث والعقيدة وغيرها.
بدوره، تحدث الشيخ شبيب بن خليفة البلوشي (سلطنة عمان) عن المعوقات التي تواجه المترجمين بين اللغتين البلوشية والعربية، وقال إن أهمها الاختلافات اللغوية والثقافية والتقنية، كما تشمل الاختلافات الصوتية والنحوية والفروق الدلالية والثقافية، بالإضافة إلى قلة الموارد التقنية بوصفها معوقا يواجه المترجمين بين اللغتين.
ودعا البلوشي المترجمين لتطوير استراتيجيات فعالة للتغلب على هذه المعوقات وسواها، فيجب أن يكون للمترجمين القدرة على التواصل والتعاون وتبادل المعرفة والخبرات.
من جهته، استعرض الشيخ شاهين بن محمد البلوشي (سلطنة عمان) تجربته الشخصية في الترجمة من البلوشية وإليها، مؤكدا أن على المترجم أن يكون على دراية بثقافة وحروف وأبجديات وعادات كلتا اللغتين، وأن يتحلى بالموضوعية والمصداقية والشفافية والأمانة العلمية في الترجمة.
وخلال الجلسة الثالثة التي أدارتها الكاتبة والإعلامية سعدية مفرح، قدم الدكتور يحيى كرد (إيران) ورقة عن التجربة البلوشية في الترجمة إلى العربية والعكس (طبيعة الجهود الرسمية والفردية وتاريخها)، أكد فيها أن التأثير البلوشي واضح بشكل بارز في اللغة الفارسية.
وقدم د. الهي بخش گوري (إيران) قراءة إحصائية في حجم المترجم من البلوشية إلى العربية وبالعكس، وقال: إن أثر الأدب العربي واللغة العربية يظهران في أعمال الأدباء البلوش من خلال استخدامهم الكلمات والمفاهيم الشعرية والاقتباسات من آيات القران الكريم والأحاديث النبوية، مشيرا إلى أن شعراء البلوشية كتبوا الشعر بالأغراض الرئيسية والثانوية كما هي الحال في الشعر العربي.
وبين أن الشعر المعاصر يتسم باستخدام المجاز والسخرية والتشبيه والتلميح، ما يؤكد تأثير الشعر العربي على الشعر البلوشي.
وتناول د.مسعود پروين (إيران) في ورقته مجالات الترجمة في اللغة البلوشية وطبيعتها، موضحا أن هناك ثلاثة مجالات رئيسية للترجمة من العربية إلى البلوشية، تشمل الكتب الدينية والأدب العربي والمواد الإعلامية.
ودعا پروين، الدول الإسلامية والعربية لاحتضان تعليم البلوشية، واقترح دراسة كل من الأدبين العربي والبلوشي دراسة مقارنة، والاعتماد على كتابات مقتبسة من الأدب البلوشي، مما يسهل التبادل الثقافي بين اللغتين.
وختمت الندوة بمداخلة الدكتورة آزاده شه بخش (طهران) التي تناولت تحديات الترجمة من البلوشية إلى العربية وسيميائية الثقافة في الأدب البلوشي.