وأخيراً، نطق رئيس البنك الفيدرالي الأمريكي جيروم باول بما انتظرته الأسواق قرابة 9 شهور، بإعلانه اجتماع العوامل التي تدفع لجنة السوق المفتوحة داخل الفيدرالي لإقرار خفض في أسعار الفائدة الأمريكية.
ويعقد الفيدرالي الأمريكي اجتماع لجنة السوق المفتوحة بتاريخ 17 و18 سبتمبر المقبل وسط توقعات بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، لتستقر عند نطاق 5 - 5.25 بالمئة.
وبينما لم يحدد باول جدولا زمنيا أو يتنبأ بمدى استعداد قادة بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة؛ لكن تصريحاته كانت أقرب ما يمكن إلى تمهيد الطريق لخفض في اجتماع السياسة المقبل.
تتراوح أسعار الفائدة حاليا بين 5.25 - 5.5 بالمئة، حيث ظلت منذ يوليو 2023 ثابتة عند هذا المستوى دون تغيير؛ والسؤال المفتوح الآن هو ما إذا كان المسؤولون سيختارون خفضا بمقدار 25 نقطة أساس أو 50 نقطة أساس.
في ندوة جاكسون هول الاقتصادية في 23 أغسطس الجاري، قال باول: "لقد حان الوقت لخفض أسعار الفائدة"، في تحول عن سياسة التشديد النقدي التي مارسها الفيدرالي منذ مطلع 2022.
وبدأت بورصة التوقعات لمقدار خفض أسعار الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة، إذ يرى محللون في وول ستريت أن يبلغ مقدار الخفض بين 3 - 3.5 بالمئة بحلول النصف الثاني من العام المقبل.
وبعد سنوات من مكافحة التضخم المرتفع تحول باول في خطابه بندوة جاكسون هول، بشكل ملحوظ نحو سوق العمل، التي قال إنها "تباطأت بشكل كبير".
وبالتالي، فقد تحول ميزان المخاطر من ارتفاع الأسعار إلى ضعف سوق العمل، مما يعزز الحجة لصالح خفض أسعار الفائدة بأكثر من 25 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر.
ومنذ الاجتماع الأخير لبنك الاحتياطي الفيدرالي في يوليو، جاءت تقارير الوظائف أقل من التوقعات، وراجعت الحكومة هذا الأسبوع بعض تقديرات سوق العمل منذ 2023 وأوائل عام 2024.
اتجاه الذهب
وتتوقع بنوك استثمار عالمية بصدارة غولدمان ساكس، ارتفاع أسعار كل من الذهب والفضة على مدار عام 2024 وحتى النصف الأول من 2025.
ويتوقع بنك جي بي مورغان في تقرير حديث نشره الأسبوع الماضي، أن تبقى أسعار الذهب قرب 2500 دولار للأوقية بحلول نهاية 2024.
يفترض هذا التوقع دورة تخفيض من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي تبدأ في نوفمبر المقبل، بدلا من سبتمبر 2024، مما يدفع أسعار الذهب إلى مستويات مرتفعة جديدة.
وفي التعاملات المبكرة اليوم، بلغ الذهب قمة تاريخية جديدة عند 2546 دولارا للأونصة، متفوقة على القمة التاريخية المسجلة الأسبوع الماضي البالغ 2523 دولارا للأونصة.
بينما تتجه الأسعار إلى مزيد من الصعود، وفق جي بي مورغان، الذي يرى أن الأسعار ستبلغ 2600 دولار للأوقية في 2025.
تستند توقعات أسعار الذهب إلى التوقعات الاقتصادية بتباطؤ التضخم الأساسي في الولايات المتحدة إلى متوسط 2.6 بالمئة بحلول عام 2025.
وتظل المحركات الهيكلية التي ساعدت على ارتفاع الذهب حتى الآن، قوة دافعة صعودية حاسمة في المستقبل، وأبرزها خفض أسعار الفائدة الأمريكية.
بينما أكبر خطر هبوطي على الذهب هو السيناريو الذي يتحول فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى مزيد من العدوانية في ضمان وصول التضخم بسرعة إلى هدفه، أي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير حتى مطلع 2025.
البنوك المركزية
وإضافة إلى توقعات خفض أسعار الفائدة الوشيك والتوترات الجيوسياسية المتزايدة خاصة في الشرق الأوسط، كانت البنوك المركزية محركا رئيسيا لأسعار الذهب في 2023 واستمرت في ذلك حتى الآن.
وبقيادة الصين، اشترت البنوك المركزية 1037 طنا من الذهب في 2023.
وعلى نفس المنوال، بدأ عام 2024 بقوة مع عمليات شراء صافية بلغت 290 طنا في الربع الأول، مما يجعله رابع أقوى ربع من عمليات الشراء منذ بدء موجة الشراء في 2022، وفقًا لمجلس الذهب العالمي.
كما جاء ذلك أعلى بنحو 36 بالمئة من الوتيرة الفصلية (حوالي 213 طنا).
لكن تواجه واردات الصين القياسية من الذهب ضغوطا هبوطية بعد أن أوقف بنك الشعب الصيني - يتحكم في كمية الذهب التي تدخل الصين عبر حصص للبنوك التجارية - عمليات شراء احتياطي الذهب المبلغ عنها في مايو الماضي، منهيا موجة شراء ضخمة استمرت لمدة 18 شهرا.
ومع ذلك، من المتوقع أن تظل البنوك المركزية والمستهلكون الماديون الآخرون مشترين أقوياء، مما يدعم أرضية أعلى لأسعار الذهب خلال الفترة المقبلة.