قال سعادة الدكتور فهد بن محمد التركي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، إن القطاع المصرفي القطري حقق مرتبة متقدمة بين الدول العربية من حيث نسبة معدل كفاية رأس المال إذ بلغت 19.2 بالمئة، مما يعكس مكانة القطاع وقدرته على استيعاب الصدمات.
وأشاد، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي خلال كلمته اليوم، في فعاليات المؤتمر المصرفي العربي لعام 2024، الذي تستضيفه دولة قطر، بالقطاع المصرفي القطري، مشيرا إلى إنه استأثر بنسبة 11.9 بالمئة من موجودات القطاع المصرفي العربي محققا بذلك المرتبة الثالثة على مستوى الدول العربية.
ولفت إلى أن نسبة التسهيلات غير العاملة بالنسبة إلى إجمالي التسهيلات في القطاع القطري لازالت منخفضة مقارنة بالمتوسط في الدول العربية إذ بلغت النسبة حوالي 3.9 بالمئة مع نهاية العام الماضي، مقابل متوسط 7.9 بالمئة في القطاع المصرفي القطري.
وأكد سعادته أن القطاع المصرفي في الدول العربية يعتبر المصدر الرئيسي لتوفير التمويل الاقتصادي، مضيفا أن تقرير الاقتصاد المالي للدول العربية لهذا العام، الصادر عن صندوق النقد العربي، أكد على متانة هذا القطاع، والذي يبلغ حجم موجوداته حوالي 4.6 تريليون دولار وهو ما يعادل 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية، وعلى صعيد الملاءة المالية تميز القطاع المصرفي العربي بملاءة مالية مرتفعة وصل متوسط معدل كفاية رأس المال إلى ما نسبته 17.4 بالمئة في نهاية العام الماضي، وهي نسبة أعلى من تلك المستهدفة دوليا عند 10.5 بالمئة.
نجاح المبادرات الوطنية أو الإقليمية
وأوضح أن نجاح المبادرات، سواء الوطنية أو الإقليمية، يعتمد إلى حد كبير، على المشاركة الفعالة من جانب القطاع المالي والمصرفي، وخاصة البنوك المصرفية التي تشكل محركا رئيسيا للأنشطة والتنمية الاقتصادية، مشيرا إلى أنه في هذا السياق، وعلى الرغم من الحوار والنقاش الجاري حول مدى التدخل الذي يمكن للمصارف المركزية والسلطات المصرفية والقطاع المصري القيام به لدعم قضايا الاستدامة ومواجهة تحديات تغيرات المناخ وتعزيز التمويل، إلا أن دور القطاعات المصرفية يبقى محوريا لدعم سياسات التنمية المستدامة، من خلال تطوير التشريعات المصرفية، التي تدعم التنمية المستدامة، وكذلك توجيه سياسات الإقراض والتمويل لأفضل المعايير البيئية، إضافة لتشجيع وتحفيز الابتكار في الخدمات والأدوات المالية المستدامة.
وأضاف سعادة الدكتور فهد بن محمد التركي : يتعين على المؤسسات المصرفية أن تبتكر وتقدم منتجات مالية تدعم الاستثمار في البنية التحتية المستدامة، والطاقة النظيفة والمشاريع التي تهدف إلى تحقيق الأهداف البيئية الاجتماعية، كما يتعين على البنوك والمؤسسات المالية والمصرفية دمج معايير الاستدامة في عمليات الإقراض والاستثمار الخاصة بها.
ولفت، إلى أن الانتقال نحو التمويل الأخضر والمستدام يعتبر توجها استراتيجيا يربط القطاع المالي والمصرفي بعملية التحول نحو اقتصاديات منخفضة الكربون، بحيث يدعم القطاع توفير التمويل للشركات، وتعزيز الاستقرار من المشاريع الخضراء والمستدامة، مضيفا "في هذا الإطار يعكس النمو الملحوظ في حجم التمويل المستدام في أسواق المال العالمية، الاهتمام المتزايد للتمويل الأخضر والمستدام، حيث تشير بعض الإحصاءات إلى أن إجمالي حجم التمويل المستدام على المستوى العالمي يقدر بحوالي 6.6 تريليون دولار أمريكي خلال هذا العام، معزيا نمو سوق التمويل المستدام إلى أربعة عوامل رئيسية، أولا/ زيادة الوعي بتغيرات المناخ والحاجة إلى الاستثمار المستدام، ثانيا/ السياسات الحكومية الداعمة، ثالثا/ تزايد الطلب على المنتجات والخدمات المستدامة، رابعا/ زيادة توافر المنتجات المالية الخضراء.
زيادة التمويل منخفض الكلفة
وأكد أن صندوق النقد العربي يدعم زيادة التمويل منخفض الكلفة، وتطوير التمويل الأخضر، بما يدعم مواجهة المناخ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مؤكدا في هذا الإطار على أهمية تحقيق التوازن بين الاستدامة البيئية وأمن الطاقة، والمحافظة على التنافسية عند معالجة القضايا، لافتا إلى أن الدول العربية تمتلك الموارد والخضرة والإرادة في هذا الشأن ويمكنها تطبيق تقنيات ونماذج تدعم الانتقال إلى اقتصاد مستدام.
وأوضح أن أنظمة النقد العربي تولي اهتماما بالغا لمواضيع التمويل الأخضر والمستدام، وتداعيات تغيرات المناخ على القطاعات المالية وتطبيق المعايير البيئية والمجتمعية والحوكمة في الأنشطة المالية والسياسات الاستثمارية في الدول العربية، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز أمن الطاقة، مشيرا إلى قيام الصندوق بإنشاء شبكة التمويل الأخضر والمستدام في الدول العربية، والتي انطلقت أعمالها هذا العام بمباركة من مجلس محافظي المصارف المركزية العربية.
بدوره أكد محمد الأتربي رئيس اتحاد المصارف العربية، على أهمية المؤتمر المصرفي العربي لعام 2024، في التأسيس لمستقبل مستدام لدى الدول العربية، مشيرا إلى إنه بإمكانها تحقيق العديد من المكاسب الفردية والجماعية إذا تمكنت من التغلب على التحديات الإنمائية المتزايدة، والاستفادة من هذا المؤتمر بالشكل اللازم.
وطالب الأتربي بضرورة العمل على تعزيز وسائل التنفيذ عبر توطيد التعاون العالمي والإقليمي، والتضافر بين الدول، مع الاستناد على التكنولوجيا والمعارف في تعزيز الشراكات وترسيخ التنمية المستدامة في الأوساط العربية بشكل حقيقي وفعال.
متطلبات التنمية المستدامة
وأشار إلى أن متطلبات التنمية المستدامة للدول العربية تقتضي العمل على إيجاد سياسات استثمارية أكثر جاذبية، مبينا دور القطاع الخاص في تمويل التنمية المستدامة على المستوى الدولي، مقارنة بالجانب العربي الذي لازال بحاجة إلى زيادة فعالية القطاع الخاص، ما يستدعي فعلا الحرص على بحث سبل الاستمرار وتحقيق أواصر التعاون عبر هذا المؤتمر، والذي يأتي في الوقت المناسب للوصول إلى مستويات مقبولة من تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 في المنطقة العربية.
وتابع رئيس اتحاد المصارف العربية أن هناك جهودا حثيثة من القوانين العربية لتشجيع وتحفيز عملية تمويل أهداف التنمية المستدامة، والتوجه للاقتصاد الأخضر، بإصدار بعض الدول العربية لسندات خضراء، ما يؤكد الإدراك اللامتناهي لأهمية القطاعات المصرفية القوية في تحقيق التنمية المستدامة، التي بمقدورها الإسهام في تحقيق الأبعاد التنموية والاجتماعية بالدول العربية.
وأكد رئيس اتحاد المصارف العربية، في ختام كلمته على أهمية سد الفجوة التمويلية، بالإضافة إلى دمج المعايير البيئية والاجتماعية في نماذج الأعمال، ما سيمكن المصارف من تقدير المخاطر وتعزيز المرونة، ودعم العملاء، مضيفا إلى ذلك دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، عن طريق تسهيل عمليات الوصول إلى التمويل، مع تنسيق الجهود بفاعلية، وتعزيز التعليم وزيادة والوعي، وتوفير التدريب المستهلكين في الصناعات الخضراء.